التناسب الموضوعي في السور المكية والمدنية


بسم الله الرحمن الرحيم

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الاسلامية
كلية أصول الدين– الكتاب والسنة
من إنجاز الدكتور: رياض عميراوي

التناسب الموضوعي في السور المكية والمدنية

ملخص
لقد لعب علم المناسبات القرآنية دورا كبيرا في الكشف عن ترابط آيات الكتاب، وأبرز سمة الاعجاز في تناسب آياته وسوره وبين عباراته وجمله، وبين مفرداته وكلمه، حتى بات علما لا بد للمفسر أن يفهم القرآن في إطاره ونهجه، وفي معناه العام ومن خلال ترابط أجزاءه، وقد صنف العلماء فيه وذكروا له أقساما وانواعا عديدة ورعوها حق رعايتها وربما أفردوا فيها كتبا، وطبقوها أيضا من خلال تفاسيرهم، والملاحظ أن هذا التناسب ملتحم كل الالتحام في النصوص القرآنية
بين جميع أجزاءه وتراكيبه وعباراته وبين سوره وآياته، وإن التناسب الحاصل في السور المكية كما هو حاصل في السور المدنية ليلفت النظر إلى عجيب هذا الترتيب الفريد وهذه اللحمة بين كل نوع من السور، وهو دليل على إعجاز هذا التأليف، بل ويؤكد أن هذا الكتاب من الله.
abstract
The Quranic events have played a great role in uncovering the interconnectedness of the verses of the book, and the most prominent feature of miracles in the appropriateness of its verses and its words, its words and its sentence, its vocabulary and word, until it became known to the interpreter to understand the Qur'an in its framework and approach, The scholars have categorized him and mentioned him in many sections and types, and he has given them the right to care for them, and perhaps they have included books in them. They also applied them through their interpretations. It is noted that this proportionality permeates all the dichotomy in the Quranic texts
In all its parts, structures and phrases, and its verses and verses, and the proportionality that occurs in the Makki wall as it is in the civil wall to pay attention to the wonder of this unique arrangement and this meat between each type of fence, a proof of the miracle of this authorship, and confirms that this book of God
مقدمة
إن تناسب السور في القرآن الكريم أمر حاصل لا مشاحة فيه، وأسباب ذلك التناسب، ترجع في الأساس إلى قضية الإعجاز الحاصل فيه، وهذا الاعجاز قد يكون في صور متعددة ومتنوعة، فقد يكون في النظم القرآني أو في المعاني القرآنية أو في التركيب النحوي والصرفي....وله أوجه متعددة كما هو معروف، ولا شك أن هذا الاعجاز شامللجميع آيات القرآن وسوره، سواء كان الرابط بين السور –أي بين سورة وسورة- وبين الآيات أي بين آية وأخرى-  واضحا جليا أم غامضا خفيا، كالاشتراك في فاتحة السورة مثل ما هو حاصل في الحواميم، أو السوابيح...أو تجاور بينها، والعجيب أن تناسب السور أوسع من تناسب الآيات، -مع الأخذ  بعين الاعتبار كثرة الآيات بالنسبة للسور- لأن تناسب الآيات سببه التجاور بينها، بينما السور قد تتباعد أحيانا وقد تتجاور، ورغم تباعدها فإن المتأمل يجد لحمة بينها تربطها مناسبات مختلفة، الأمر الذي جعلني أنظر في علاقة هذه السور ببعضها البعض، فأدهشني أنني لاحظت أن لها صلة تربطها ببعضها البعض من حيث النزول؛ أي كونها مكية أو مدنية.
ومن يتوسع في الكشف عن أغراض ومناسبات السور المكية والسور المدنية يرى تلك اللحمة بين كل كتلة من هذه السور جميعا، حيث تجمع أغراضا متقاربة ومقاصد جامعة لمواضيع معينة، وهذا ما يعرف بعلم مقاصد السور.
ويقصد منه الوقوف على المعاني والأغراض الأساسية والموضوعات الرئيسة التي تدور عليها سورة معينة، وقد يُعبِّر المفسرون عن مصطلح (مقاصد السور) بمصطلحات أُخر، مثل: مغزى السورة، أو غرض السورة، أو الوحدة الموضوعية، أو نحو ذلك
والعلم بمقاصد السور لم ينص عليه الأوائل، وإنما اعتبره -الصحابة والتابعون –بالاستقراء والممارسة في تفسيرهم، ولم يُنص على هذا العلم بهذا الاسم إلا عند المتأخرين، وذلك شأن جميع العلوم، فإن العلوم كانت ممارسة عند السلف، ولكن التسمية جاءت متأخرة، فعلم النحو مثلاً كان ممارسا ولم يكون موجودا، وعلم البلاغة كان ممارساً ولم يكن موجوداً، وهكذا في علوم القرآن في أنحاء شتى، ومصطلح الحديث وعلوم أخرى..
يقول برهان الدين البقاعي في كتابه مصاعد النظر مؤكداً ذلك: "وقد كان أفاضل السلف يعرفون هذا، بما في سليقتهم من أفانين العربية، ودقيق منهاج الفكر البشرية، ولطيف أساليب النوازع العقلية، ثم تناقص العلم حتى انعجم على الناس، وصار حد الغرابة كغيره من الفنون"[1].
وحصر الغزالي مقاصد السور في قسمين، فقال: "وسر الكتاب حاصل في دعوة العباد إلى ربهم المعبود، ولذلك انحصرت سوره في ستة أنواع: ثلاثة مهمة: تناولت معرفة الله تعالى، ومعرفة الصراط، والمآل، وثلاثة متمة: تناولت أحوال الأولياء والأعداء وسبل الطاعة"[2].
وكمانحاول في هذا البحث الذي بين أيدينا، الكشف عن تناسب بين مجموعتين كبيرتين من السور، وهي السور المكية والسور المدنية، حيث نختار بعض النماذج من كل مجموعة ونحاول إيجاد رابطا بين سوره التي نختارها، سواء كان هذا الرابط معنويا–موضوعيا- دون الوقوف على التناسب الشكلي، لأن هذا الأخير له بحث خاص، ولكن قبل ذلك لا بد من الاشارة الى بعض ما يتعلق بهذا النوع من السور، أقصد - علم المكي والمدني – وفوائد معرفته وأهم خائصه ومميزات كل نوع، مع الاشارة أيضا الى أهم ضوابطه وأغراضه، وعدد السور المدنية والمكية، وسرد بعض ما ألف فيه.
أولا: فوائد معرفة المكي والمدني ‏
لمعرفة المكي والمدني فوائد جمة ومحاسن كثيرة إذ يعتبر بابا في علوم القرآن تحدث عنه أصحاب المؤلفات كالسيوطي والزركشي وغيرهم، فجعلوه نوعا من أنواعه، وذكرو لمعرفته أمورا منها:
1-              أنهيعين المفسر على الكشف عن مراد الله تعالى في معاني القرآن الكريم؛ إذ إنَّ معرفة مكان نزول الآية تعين على فهم المراد بالآية ومعرفة ‏مدلولاتها، وما يراد منها.‏
2- إظهار بلاغة القران في أعلى مراتبها؛ من خلال معرفة أحوال المخاطبين إذ يُخَاطَبُ كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة، أو لين وسهولة.
3- معرفة تاريخ التشريع، والوقوف على سُنة الله في تشريعه، بتقديم الأصول على الفروع، وترسيخ الأسس الفكرية وبناء العقيدة والأخلاق، ثمّ بناء الأحكام عليها، مما كان له الأثر الكبير في تلقي الدعوة الإسلامية بالقبول، ومن ثمّ الإذعان لأحكامها.
4- ومن فوائده تربية الدعاة إلى الله وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القرآن في الأسلوب والموضوع، من حيث المخاطبين؛ بحيث يبدأ بالأهم فالمهم. 
5- ومن فوائده بيان عناية المسلمين بالقرآن واهتمامهم به، حيث إنَّهم لم يكتفوا بحفظ النص القرآني فحسب؛ بل تتبعوا أسباب نزوله، وأماكن نزوله، وما كان قبل الهجرة وما كان بعدها، وما نزل بالليل وما نزل بالنهار، إلى غير ذلك من الأحوال.
6- ومن فوائده تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية، يتحقق فيهما شروط النسخ، فإن المدنية ناسخة للمكية، لتأخر المدنية عنها.
‏7- ومن فوائده الثقة بهذا القرآن وبوصوله إلينا سالمًا من التغيير والتحريف.‏
8- استخراج سيرة الرسول r، وذلك بمتابعة أحواله r بمكة المكرمة ومواقفه في الدعوة، ثم ‏أحواله في المدينة وسيرته في الدعوة إلى الله فيها([3]).‏

ثانيا: عدد السور المكية والمدنية وبعض المؤلفات فيه
-1 السور المكية:
وعددها اثنان وثمانون سورة، وهي[4]:
الأنعام، الأعراف، يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، النحل، الإسراء، الكهف، مريم، طه، الأنبياء، الحج، المؤمنون، الفرقان، الشعراء، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، سبأ، فاطر، يس، الصافات، ص، الزمر، غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، ق، الذاريات، الطور، النجم، القمر، الواقعة، الملك، القلم، الحاقة، المعارج، نوح، الجن، المزمل، المدثر، القيامة، الإنسان، المرسلات، النبأ، النازعات، عبس، التكوير، الانفطار، الانشقاق، البروج، الطارق، الأعلى، الغاشية، الفجر، البلد، الشمس، الليل، الضحى، الانشراح، التين، العلق، العاديات، القارعة، التكاثر، العصر، الهمزة، الفيل، قريش، الماعون، الكوثر، الكافرون، والمسد.
2- السور المدنية:
وعددها عشرون سورة، وهي:البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنفال، التوبة، النور، الأحزاب، محمد، الفتح، الحجرات، الحديد، المجادلة، الحشر، الممتحنة، الجمعة، المنافقون، الطلاق، التحريم، والنصر.
3- السور المختلف فيها:
وهي السور المختلطة بين الآي المكي والمدني وعددها اثنا عشر وهي:
الفاتحة، الرعد، الرحمن، الصف، التغابن، المطففين، القدر، البينة، الزلزلة، الإخلاص، الفلق، والناس.
ثالثا: ضوابط وأغراضالسور المكية
لقد رأينا في بحوث متعددة التناسب الواقع بين سور القرآن الكريم، ومهما تباعدت السور أو تقاربت، ورأينا أيضا التناسب بين الآيات مهما اختلف وقت نزولها ومهما تباعدت، وهذا ما يؤكده صاحب المنار إذ يقول: "واعلم أن التناسب الذي يوجد بين السور ليس سببا في هذا الترتيب الذي بينها، فرب سورتين بينهما أقوى التناسب في موضوع الآيات ومسائلها يفصل بينهما تارة ويجمع بينهما أخرى، فمن الأول الفصل بين سورتي الهمزة واللهب وموضوعهما واحد، والفصل بين السور المبدوءة بلا تسبيح بسورة المنافقين، ويقابلها من الوجه الثاني الوصل بين سور الطواسين وسور آل حاميم، وبين سورتي المرسلات والنبأ وسورتي التكوير والانفطار، وربما يقال إن التناسب بين أكثر السور المكية أقوى منه بينها وبين السور المدنية"[5].
ربما بسبب مواضيعها الحساسة في جانب العقيدة إذ تعتبر الركيزة الأهم والبنيان الأساس لهذا الدين.
ويقول أيضا:"من حكمة الفصل بين القوية التناسب في المعاني كالمكية التي موضوع أكثرها العقائد والأصول العامة والزواجر الصادعة، والمدنية التي موضوع أكثرها الأحكام العملية - أنه أدنى إلى تنشيط تالي القرآن بالترتيب وأنأى به عن الملل، وأدعى له إلى التدبر، فهذه الحكمة تشبه حكمة تفريق مقاصد القرآن في السورة الواحدة من عقائد وقواعد وأحكام عملية، وحكم أدبية، وترغيب وترهيب، وبشارات ونذر، وأمثال وقصص، والعمدة في كل ذلك التوقيف والاتباع"[6].
ولمعرفة المكي والمدني طريقان:
1- سماعي: وهو النقل الصحيح عن الصحابة أو التابعين.
2- قياسي: وهو ضوابط كلية، وهذه الضوابط مبناها على التتبع والاستقراء المبني على الغالب.

 الفرع الأول: ضوابط السور المكية وخصائصها[7]: ‏

1-             : ضوابط القرآن المكي:‏

1- كل سورة فيها لفظ (كلا) فهي مكية، وقد ذكر هذا اللفظ في القرآن ثلاثاً وثلاثين مرة في خمس عشرة سورة كلها في النصف الأخير من القرآن، وكلها من السور المكية، مثل قوله تعالى: ]كَلَّا لا تُطعهُ وَاسجُد وَاقتَرب[[سورة العلق:19].
قال الدّيريني -رحمه الله-:
وما نزلت كـلا بيثرب فاعلمن      ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى
"وحكمة ذلك أن نصف القرآن الأخير نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة، فتكررت فيه على وجه التهديد والتعنيف لهم والإنكار عليهم؛ بخلاف النصف الأول وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذلتهم وضعفهم"[8].
2- كل سورة فيها سجدة فهي مكية لا مدنية‏، وذلك مثل: ]إنَّمَا يُؤمنُ بآيَاتنَا الَّذينَ إذَا ذُكّرُوا بهَا خَرُّوا سُجَّداً[ [سورة السجدة:15]. وقد نستثنى من ذلك سورتي الرعد والحج عند من يقول إنَّهما مدنيتان، وما نراه أنَّهما مكيتان.‏
3- كل سورة في أولها حروف الهجاء كـ(الم)، و (الر) ونحو ذلك فهي مكية سوى البقرة وآل عمران، وفي ‏الرعد الخلاف السابق.‏
4- كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السابقة فهي مكية سوى البقرة.
5- كل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية سوى سورة البقرة أيضاً، وذلك مثل قوله تعالى: ]فَوَسوَسَ إلَيه الشَّيطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَل أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَة الخُلد وَمُلكٍ لا يَبلَى[[سورة طه:120].
6- كل سورة فيها ((يا أيها الناس)) وليس فيها ((يا أيها الذين آمنوا)) فهي مكية، إلا سورة الحج (مع مراعاة الخلاف الذي فيها) ففي آخرها ]يَا أَيُّهَا ‏الَّذينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا[[سورة الحج:77].‏ وذلك مثل سورة يونس، وسورة الأعراف.
أما إذا اجتمع النداءان فالسورة مدنية، وذلك مثل سورة البقرة، والنساء، فقد ذكر فيهما ]يا أيها الناس[و]يا أيها الذين آمنوا[ إلا سورة الحج عند من يرى مكيتها.

2-             : خصائص القرآن المكي:‏

الخصائص تقسم إلى خصائص متعلقة بالأسلوب وإلى خصائص متعلقة بالموضوع.

- الخصائص الأسلوبية:‏

‏1- قصر الآيات والسور، وإيجازها.‏
‏2- كثرة أسلوب التأكيد ووسائل التقرير ترسيخًا للمعاني، كالإكثار من القسم وضرب الأمثال والتشبيه.‏
‏3- كثرة الفواصل، والفاصلة هي خاتمة الآية كالقافية في الشعر.‏
‏4- قوة الإيقاع الصوتي.‏

- الخصائص الموضوعية:

‏1 - الدعوة إلى أصول العقائد كالإيمان بالله واليوم الآخر وتصوير الجنة والنار؛‏ لأنَّ غالب المخاطبين ينكرون ذلك، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ]ثُمَّ إنَّكُم يَومَ القيَامَة تُبعَثُونَ[[سورة المؤمنون:16].
‏2- الدعوة إلى التمسك بالأخلاق الكريمة، والتشريعات العامة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان.‏
‏3- مجادلة المشركين وتسفيه أحلامهم، وتشنيع القبيح من عاداتهم بحجج دامغة وبراهين مقنعة.‏ فكثير من الآيات المكية فيها فضحٌ لأعمال المشركين من سَفك الدماء، وأكل أموال اليتامى، ووأد البنات، مثل قوله تعالى: ]وَلاَ تَقتُلُوا أَولادَكُم خَشيَةَ إملاقٍ نَّحنُ نَرزُقُهُم وَإيَّاكُم[[سورة الإسراء:31].
‏4- إنذار المشركين والكفار بما قص عليهم من أنباء الرسل مع أقوامهم بانتصار أهل الإيمان وإبادة أهل الكفر،‏ فكثير من الآيات المكية فيها عرضٌ لقصص الأنبياء وتكذيبٌ لأقوامهم للعبرة، والزجر، ولتسلية الرسول r، مثل قوله تعالى: ]لَقَد كَانَ في قَصَصهم عبرَةٌ لّأُولي الأَلبَاب[[سورة يوسف:111].

الفرع الثاني: ضوابط وأغراض السور المدنية

1-             : ضوابط القرآن المدني:‏

‏1- كل سورة فيها إذنٌ بالجهاد أو ذكر له وبيان لأحكامه فهي مدنية، إلا الحج عند من يرى أنَّها مكية.‏
‏2- كل سورة فيها تفاصيل لأحكام الحدود والفرائض والحقوق، والقوانين المدنية والاجتماعية والدولية فهي ‏مدنية، فسورة النساء التي ذكرت فيها الفرائض، وسورة المائدة وسورة النور من السور المدنية باتفاق العلماء، فيهما ذكرٌ لبعض الحدود.
‏3- كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية ما عدا سورة العنكبوت؛ إلا أنَّ الآيات الإحدى عشرة الأولى منها ‏مدنية وفيها ذكر المنافقين.‏
‏4- كل آية بدأ فيها الخطاب بقوله تعالى: ‏]يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا[‏ فهي مدنية.‏

2-: خصائص القرآن المدني:‏

- الخصائص الأسلوبية:

‏1- طول آياته وسوره في الغالب الأعم.‏
2- الأسلوب الهادئ عند مناقشة أهل الكتاب.‏

- الخصائص الموضوعية:

‏1- التحدث عن التشريعات التفصيلية والأحكام العملية في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية؛ لأنَّ المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات؛ مثل قوله تعالى: ]وَلَكُم في القصَاص حَيَاةٌ يَا أُولي الأَلبَاب لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ[[سورة البقرة:17].
‏2- بيان قواعد التشريع الخاصة بالجهاد، وحكمة تشريعه، وذكر الأحكام المتعلقة بالحروف والغزوات والمعاهدات ‏والصلح والغنائم والفيء والأسرى؛ مثل قوله تعالى: ]فَإذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَرُوا فَضَربَ الرّقَاب[[سورة محمد:4].
‏3- كثرة الحديث عن أهل الكتاب ودعوتهم إلى الحق ومناقشتهم في عقائدهم الباطلة وبيان ضلالهم فيها؛ لأنَّ المدينة فيها أهل الكتاب، وذلك مثل قوله تعالى: ]وَقَالَت اليَهُودُ عُزَيرٌ ابنُ اللّه[[سورة التوبة:30]
‏4- بيان ضلال المنافقين وإظهار ما تكنه نفوسهم من الحقد والعداوة على الإسلام والمسلمين؛ لأنَّ النفاق لم يظهر إلا في المدينة، وذلك مثل قوله تعالى: ]بَشّر المُنَافقينَ بأَنَّ لَهُم عَذَاباً أَليماً[[سورة النساء: 138][9]).

رابعا: نماذج عن تناسب السور المكية والمدنية
سنختار في هذا المبحث ثلاثة نماذج من كلا مجموعتي السور المكية والمدنية في التناسب الموضوعي، وسنختار من المجموعة الأولى تناسب سور المفصل والحواميم ومن المجموعة الثانية الطوال.
1-تناسب السور المكية (المفصل – الحواميم):
أ‌-                 التناسب الموضوعي لسور المفصل
المفصل هو : السور التي كثر الفصل بينها بـ (بسم الله الرحمن الرحيم ) وتبدأ هذه السور من سورة (ق) عند كثير من أهل العلم إلى آخر المصحف .
وهذا المفصل كان يُسمى عند الصحابة المُحكم لأنه لا يكاد يوجد فيه شيء منسوخ - أي قد أُزيل ونُسخ ورُفع حكمه . ويقسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام :
الأول : طوال المفصل ويبدأ من سورة (ق) إلى نهاية سورة المرسلات .
الثاني : أوساط المفصل ويبدأ من سورة (عمّ) إلى نهاية سورة الليل .
الثالث : قصار المفصل ويبدأ من سورة الضحى إلى سورة الناس .

أ-المناسبة بين سور المفصل :
نختار منها: التناسب بين سورة الفيل وقريش (متجاورتين في المصحف لكن متباعدتين في النزول)
قريش: سميتهذهالسورةفيعهدالسلف (سورةلإيلافقريش) قالعمروبنميمونالأوديصلىعمربنالخطابالمغربفقرأفيالركعةالثانية (ألمتركيف) و (لإيلافقريش) وهذاظاهرفيإرادةالتسميةولميعدهافيالإتقانفيالسورالتيلهاأكثرمناسم[10] .
وسميتفيالمصاحفوكتبالتفسير (سورةقريش) لوقوعاسمقريشفيهاولميقعفيغيرها،وبذلكعنونهاالبخاريفيصحيحه .
والسورةمكيةعندجماهيرالعلماء،وقالابنعطية : بلاخلاف،وفيالقرطبيعنالكلبيوالضحاكأنهامدنية،ولميذكرهافيالإتقانمعالسورالمختلففيها .
وقدعدتالتاسعةوالعشرينفيعدادنزولالسور،نزلتبعدسورةالتينوقبلسورةالقارعة .
وهيسورةمستقلةبإجماعالمسلمينعلىأنهاسورةخاصة .
وجعلهاأبيبنكعبمعسورةالفيلسورةواحدةولميفصلبينهمافيمصحفهبالبسملةالتيكانوايجعلونهاعلامةفصلبينالسور،وهوظاهرخبرعمروبنميمونعنقراءةعمربنالخطاب . والإجماعالواقعبعدذلكنقضذلك .
وعددآياتهاأربععندجمهورالعادين . وعدهاأهلمكةوالمدينةخمسآيات .
ورأيتفيمصحفعتيقمنالمصاحفالمكتوبةفيالقيروانعددهاأربعآياتمعأنقراءةأهلالقيروانقراءةأهلالمدينة[11] .
الفيل: وردتتسميتهافيكلامبعضالسلفسورة ( ألمتر ) . روىالقرطبيفيتفسير ( سورةقريش ) عنعمروبنميمونقال : صليتالمغربخلفعمربنالخطابفقرأفيالركعةالثانية (ألم،تر) و (لإيلافقريش) . وكذلكعنونهاالبخاري . وسميتفيجميعالمصاحفوكتبالتفسير (سورةالفيل) ، وهيمكيةبالاتفاق .
وقدعدتالتاسعةعشرةفيترتيبنزولالسور . نزلتبعدسورة ( قلياأيهاالكافرون ) وقبل (سورةالفلق) . وقيل : قبل (سورةقريش) لقولالأخفشإنقولهتعالى : لإيلافقريشمتعلقبقوله : فجعلهمكعصفمأكولولأنأبيبنكعبجعلهاوسورةقريشسورةواحدةفيمصحفهولميفصلبينهمابالبسملة،ولخبرعمروبنميمونعنعمربنالخطابالمذكورآنفا : روىأنعمربنالخطابقرأمرةفيالمغربفيالركعةالثانيةسورةالفيلوسورةقريش،أي : ولميكنالصحابةيقرءونفيالركعةمنصلاةالفرضسورتين؛لأنالسنةقراءةالفاتحةوسورة،فدلأنهماعندهسورةواحدة، ويجوزأنتكونسورةقريشنزلتبعدسورةالفلقوألحقتبسورةالفيل،فلايتمالاحتجاجبمافيمصحفأبيبنكعبولابمارواهعمروبنميمون، وآيهاخمس[12] .
الاتصالبينالسورتينوثيقحتىكأنهماسورةواحدة ! ولذانعلمالسرَّفيمجيءسورةقريشبعدسورةالفيل .
ترتبطالسورةبماقبلهامنوجهين :
1 - كلتاالسورتينتذكيربنعماللَّهعلىأهلمكة،فسورةالفيلتشتملعلىإهلاكعدوهمالذيجاءلهدمالبيتالحرامأساسمجدهموعزهم،وهذهالسورةتذكرنعمةأخرىاجتماعيةواقتصادية،حيثحققاللَّهبينهمالألفةواجتماعالكلمة،وأكرمهمبنعمةالأمنوالاستقرار،ونعمةالغنىواليساروالإمساكبزمامالاقتصادالتجاريفيالحجاز،بالقيامبرحلتينصيفاإلىالشاموشتاءإلىاليمن.
2 - هذهالسورةشديدةالاتصالبماقبلها،لتعلقالجاروالمجرورفيأولهابآخرالسورةالمتقدمة : (لِإِيلافِقُرَيْشٍ) .. أيلإلفقريشأيأهلكاللَّهأصحابالفيللتبقىقريش،ولذاكانتافيمصحفأبيّسورةواحدة. ولكنفيالمصحفالإمامفصلتهذهالسورةعنالتيقبلها،وكتببينهما : بِسْمِاللَّهِالرَّحْمنِالرَّحِيمِ.
قالصديقحسنخانفيتفسيره : لقولهتعالى : " لإيلاففيقريش " - قريش 1- اللام : قيلمُتَعَلَّقةبآخرالسورةالتيقبلها - أيسورةالفيل - كأنهقالسبحانه : أهلكتأصحابالفيللأجلتألفقريش .
قالالفرَّاء : هذهالسورةمتصلةبالسورةالأولى : لأنهذكَّرسبحانهأهلَمكةبعظيمنعمتهعليهمفيمافعلبالحبشة،ثمقال : " لإيلافقريش " : أيفعلناذلكبأصحابالفيلنعمةمناعلىقريش .
قالالزجاج : والمعنى : فجعلهمكعصفمأكوللإيلافقريش : أي : أهلكاللهأصحابالفيللتبقىقريشوماقدألفوامنرحلةالشتاءوالصيف[13].
المناسبة بين سورتي الضحى والليل:
هذه السورة متصلة بسورة الليل من وجهين:
1- ختمت سورة الليل بوعد كريم من اللَّه تعالى بإرضاء الأتقى في الآخرة ، وقال تعالى في سورة الضحى مؤكدا وعده لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) . 
2- ذكر تعالى في السورة السابقة : (وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى) ثم عدد اللَّه تعالى نعمه على سيد الأتقياء في هذه السورة وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - .
المناسبة بين سورتي الشرح والضحى :
هذه السورة متمة لسورة « الضحى » قبلها ، فكلتاهما عرض لما أنعم اللّه به على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتذكير له بهذه النعم ، وتوجيه له إلى ما ينبغى أن يؤديه لها من حقّ عليه .. وهكذا شأن كل نعمة ينعم اللّه بها على الإنسان ، لا تتم إلا بالشكر للمنعم ، وبالإنفاق منها على كل ذى حاجة إليها، ففي سورة الضحى ذكرٌ للـنـعـم الحـسـيـة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي سورة الشرح ذكر للنعم المعنوية عليه.
ب‌-           التناسب الموضوعي للحواميم:
إنَّ من جملة ما تميّز به هذا النوع الأدبي السماويّ الجديد، فيما امتاز به من خصائص استقلّ بها عن الفنون الأدبية الأرضيّة، فواتحُ سوَره.
فلقد جاءت افتتاحيّات السور القرآنية مختلفةً تماماً عمّا عهده العرب، فبعضها متشابه والآخر مختلف، فهل اشتراك بعض السور في الفواتح دليل على اشتراكها في موضوع واحد، ووحدة موضوعية واحدة؟ ومن أوضح الأمثلة على ذلك الحواميم، فماهي هذه السور وما سر افتتاحها جميعا بلفظ "حم"؟
المبتدأة بـ حم أو ما يعرف بالحواميم.
الحواميم هي سبع سور من القرآن الكريم تشترك في أنها تُفتَـتَح بـ (حم) ومن هنا فقد صارت كالعائلة الواحدة فأطلق عليها بعائلة الحواميم، وقد حرص السلف الصالح على تسمية هذه السور المبدوءة بـحرفي (حم) بـ (آل حم) مما يدلل على أنهم اعتبروا هذه السور السبع أسرة واحدة وزمرة واحدة[14]،  ولا يخفى ما بين الحواميم من التشاكل[15]،  وهو أن كل سورة منها ابتدأت بـ (حم) ثم استفتحت بالكتاب أو وصفه مع تفاوت المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام وهو ما ذكره السيوطي في (تناسق الدرر) نقلاً عن الكرماني في (العجائب)[16] فضلاً عن ذلك فإنها تتميز بما يأتي :
1- إنها تتكون من سبع سور متتالية في ترتيبها في المصحف الشريف هي: (غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف) .
2- نزلت سور هذه المجموعة متتالية ومتتابعة أيضاً فقد نزلت أولاً السورة رقم (40) ثم (41) ثم (42) وهكذا إلى رقم (46).
3- ومن المهم أن نعلم بأن هذه السور قد نزلت جميعاً بمكة ؛ فعن ابن عباس قال: (نزلت الحواميم جميعاً بمكة)[17].
4- أنها تبدأ بـ (حم) باستثناء (الشورى) فآيتها الأولى (حم) وآيتها الثانية (عسق) مما جعلها تتميز عن باقي سور المجموعة وقد يكون لها الصدارة بين هذه السور أو قد تمثل عاملاً مشتركاً بين سور المجموعة.
وجاء في فضل سور الحواميم أحاديث منها قول رسول الله r : (الحواميم سبع وأبواب النار سبع، يجيء كل حم منها يقف على باب من هذه الأبواب يقول : اللهم لا تُدخِل من هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرؤني )[18]، وقول النبي r : (إن لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن ذوات حاميم، هي روضات محصنات متجاورات، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم)[19]، وقوله r : (الحواميم ديباج القرآن)[20] .
وأول سورة من الحواميم هي سورة (غافر) لتدل على أن عملية ستر الذنوب جارية إلى يوم القيامة بشرط الاستغفار والإنابة وسميت بذلك لأن الله تعالى ذكر هذا الوصف الجليل في أول السورة في قوله تعالى : (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْب)(غافر: من الآية3) وتسمى أيضاً سورة المؤمن لذكر قصة مؤمن آل فرعون فيها في قوله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ)(غافر: من الآية28)، وتسمى (حم الأولى) لأنها أولى ذوات حم[21] .
 وتأتي سورة فصلت بعد سورة غافر، وقد سُمِّيَتْ (فُصِّلَتْ) بصيغة (فُعِّلَ) التي تدل على التكرير والتكثير وعلى منتهى البيان والتفصيل[22]، لأن الله تعالى فصل فيها الآيات ووضح فيها الدلائل على قدرته ووحدانيته، وأقام البراهين القاطعة على وجوده وعظمته وخلقه لهذا الكون البديع الذي ينطق بجلال الله وعظيم سلطانه[23]، وقد وردت لفظة (فصلت) في أول السورة في قوله تعالى : (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(فصلت:3)،  ثم في قوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) (فصلت:من الآية 44) .، وتسمى هذه السورة أيضاً بـ (حم السجدة) لأنها تميزت عن السور المفتتحة بـ (حم) بأن فيها سجدة من سجود القرآن في قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (فصلت:37) ولذلك تسمى أيضاً بـ (سورة السجدة) .
 وتأتي بعدها سورة الشورى (وقد ذكر اسم السورة في أثناء حديثها عن صفات المؤمنين، وجاء عنوان هذه التسمية تنويهاً بمكانة الشورى في الإسلام وتعليماً للمسلمين أن يقيموا حياتهم على هذا المنهج الأمثل الأكمل (منهج الشورى) لما له من أثر عظيم في حياة الفرد والمجتمع )[24] وذلك في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (الشورى:38)، وظهر أن تسلسل لفظة (شورى) في الآية الكريمة هو السابع، وقد زيد في افتتاحها بـ (حم) حروف أخرى هي (عسق)، ولذلك تسمى أيضاً بـ (حم عسق) وتسمى سورة (عسق) لقصد الإختصار[25] .
ورابعة الحواميم؛ سورة الزخرف، وسميت بالزخرف لقوله تعالى : ﴿وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الزخرف:35)، وسماها البخاري في صحيحه: (حم الزخرف)[26]، كما أن لفظة (زخرفاً) لم تقع في غيرها من القرآن الكريم فكانت عنواناً لها .
 وتأتي بعدها سورة الدخان، وسُمِّيَتْ بذلك لما ذُكِرَ فيها من علامات الساعة ومنها خروج الدخان فقال تعالى : ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾(الدخان:10).
 أما سورة الجاثية فقد سُمِّيَت بذلك تنديداً بالمنكرين للبعث وتهديداً لهم بالخسران يوم القيامة يوم تجثوا أُمَمُ الخَلائقِ كلها لخالقها الواحد الأحد إذ يقول تعالى : (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً )(الجاثـية: من الآية28) .
وتختتم (آل حم) بسورة الأحقاف، وسميت بالأحقاف لورود لفظ (الأحقاف) في قوله تعالى : (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ)(الأحقاف:الآية21) ولقد تفردت هذه السورة بلفظ (الأحقاف) فلم يرد اللفظ في غيرها من السور .
مَوضُوعَاتُ الحَوَاميم :
ذكرنا فيما سبق ما بين الحواميم من التشاكل والاشتراك في صفات عديدة في الشكل، ونود الإشارة إلى ما بين هذه المجموعة من السور من توافق واشتراك في المعاني والمضامين إذ يمكن استخلاص (سبع) موضوعات رئيسة ناقشتها سور الحواميم على السواء يمكن تلخيصها بالعناوين الآتية[27]
     1- تنزيل القرآن وصفاته.    2- النعم الألهية .  3- قصص الأنبياء والأمم السابقة .
  4- خطاب الرسولr . 5-  الإنسان، والإيمان والكفر   6- مشاهد القيامة.   7-  قواعد إيمانية.
كما نجد سمات هذه الرابطة في سمات الألفاظ[28]:
- في مثل قوله تعالى في آخر ص: " إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ " [ص: 87)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الزمر: " تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ " (الزمر: 1). فالكلام في الحالتين عن القرآن الكريم.
- ومثل قوله تعالى في آخر القمر: " فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ " (القمر: 55)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الرحمن: " الرَّحْمَنُ " (الرحمن: 1). فالرحمن هو هذا المليك المقتدر.
- ومثل قوله تعالى في آخر الواقعة: " فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ " (الواقعة: 96)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الحديد: " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (الحديد: 1). فكأن القرآن يقول: إن لم تسبح أيها الإنسان الضعيف فقد سبح من قبلك ما في السماوات والأرض.
- ومثل قوله تعالى في آخر البينة: " جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا.. " (البينة: 8)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الزلزلة: " إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا " (الزلزلة: 1). فكأن مقتضى الكلام: جزاؤهم العظيم هذا ستبدأ إرهاصاته إذا بدأت أحداث القيامة وزلزلت الأرض زلزالها.
- ومثل قوله تعالى في آخر الماعون: " وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ " (الماعون: 7)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الكوثر: " إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ " [الكوثر: 1). فذكر العطاء مناسب جدًّا بعد ذكر المنع.
كذلك نجد السور المتشابهة في الافتتاحيات ترتب خلف بعضها البعض مثل الحواميم – وهي السور التي تبدأ بقوله: " حم " – وهكذا...
2-تناسب السور المدنية (السبع الطوال):
لقد رجح العلماء توقيفية ترتيب السور في المصحف اليوم، وقد اتفقوا على تقسيم وتصنيف السور حسب الطول والقصر؛ فبعد الفاتحة تأتي السور الطوال ثم المئين ثم المثاني ثم المفصل، ويلاحظ على السور الطوال والمئين أنه يغلب عليهم القرآن المدني للخصائص التي ذكرناها سالفا، والذي يمتاز بطول آياته، فهل هناك تناسب موضوعي بين سوره بهذا الترتيب، وهل يتحقق فيه مفهوم الاعجاز أم لا؟
من وجوه إعجاز القرآن الكريم أن سوره مرتبة ومتناسبة واحدة بعد الأخرى وهذه بعض الأمثلة في طوال السور المعروفة بالسبع الطوال[29].
فأما السبع، فهي السبع الطوالالبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة؛ لأنهم كانوا يعدون الأنفال وبراءة سورة واحدة.بدءاً من سورة الفاتحة:
الفاتحة: هي أم الكتاب والسبع المثاني، وقد وجد عدد من العلماء أن الفاتحة جاءت في مطلع الكتاب الكريم بمثابة المدخل لفهم كتاب الله وغايته، ومنها تتوضح الأهداف الأساسية من القرآن الكريم كله اختصاراً وقبل التوغل فيه.
قال الأستاذ أبو الحسن الحرالّي في تفسير الفاتحة : (وكانت سورة الفاتحة أمّاً للقرآن، لأن القرآن جميعه مفصل من مجملها، فالآيات الثلاث الأول شاملة لكل معنى تضمنته الأسماء الحسنى والصفات العلى ، فكل ما في القرآن من ذلك فهو مفصل من جوامعها ، والآيات الثلاث الأخر من قوله: { إهدنا} شاملة لكل ما يحيط بأمر الخلق في الوصول إلى الله والتحيز إلى رحمة الله والانقطاع دون ذلك).
سورة البقرة: تبدأ من حيث انتهت الفاتحة عند إهدنا الصراط المستقيم فتكون الإجابة هداكم بهذا الكتاب: ذلك الكتاب لا ريب، فيه هدى للمتقين، ويشرح من هم المتقون وماذا يفعلون فيذكر صلاتهم وإنفاقهم وعقيدتهم وإيمانهم بالغيب ليؤكد لمن سأل الهدى أن يسلك طريق هؤلاء فقال: أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون، قبل أن ينتقل إلى تفصيل الشرح عن المغضوب عليهم والضالين… والموفق من تتبع سورة البقرة على اتساع مواضيعها ليجد  الترابط  والتناسب بين الآيات وبين المواضيع المتتالية.
سورة آل عمران: تأتي بعد سورة البقرة وتبدأ بشرح ما انتهت إليه السورة السابقة جواباً على {كلٌ آمن بالله}، بالتعريف بوحدانية الله وتنوه ببطلان ألوهية من سواه ولذلك سميت بالزهراء التي يزهر بها قلب العبد الذي عرف التوحيد. كما تشدد هذه السورة على أولى فضائل الأخلاق وهي العلم والشجاعة، على أن تستكمل السورة التالية الفضيلتين المتبقيتين .
سورة النساء: تهدف هذه السورة إلى وضع ما سبقها من عقيدة موضع التطبيق عند الفرد وعند المجتمع. ومقصودها الأعظم الاجتماع على الدين بالاقتداء بالكتاب المبين، وما أحسن ابتداءها بعموم: {يا أيها الناس} بعد اختتام تلك بخصوص «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا» الآية[3]. وتستعين بفضيلتي العدل والعفة للحض على التواصل والاجتماع. ولذلك سميت بسورة النساء للحاجة إلى التعاطف والتعاون والتراحم، ومن هنا نفهم لماذا اشتملت هذه السورة على أنواع كثيرة من التكاليف التي تنظم الحياة الاجتماعية والعلاقات.
سورة المائدة: بعد وضوح الأهداف العقائدية والأحكام التطبيقية في السور السابقة تشدد هذه السورة على الوفاء بالأحكام والعهود والمواثيق وتكشف الذين سبق أن أخلفوا بها وانتهكوها وتنتهي بخلاصة ما بدأت به لتحذر المخلين بالعهود فيقول تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115).
أما مناسبة المائدة مع الانعام رغم أن سورة الانعام مكية فينبغي الوقوف عندها نبين التناسب بينها في الموضوع، قد يقول قائل أو يظن ظانا أنه لا توجد مناسبة بينها باعتبار التصنيف الى مكي ومدني، أما باعتبار التتالي والطول والترتيب فلا شك أن جميع سور القرآن لها علاقة ببعضها البعض كما أشار برهان الدين البقاعي في الدرر، ومن قبله شيخه ابن الزبير الغرناطي في كتابه البرهان في تناسب سور القرآن.

المناسبة بين سورتي المائدة (مدنية) والأنعام (مكية)

سورة المائدة سورة مدنية، وسورة الأنعام سورة مكية، وقد يُظن أنه ليس ثمة تناسب بين السورتين الكريمتين، إذ إحداهما مدنية والأخرى مكية، وقد قرر كثير من أهل العلم، أن ثمة فارقًا واضحًا بين موضوعات سور القرآن المكي، وموضوعات سور القرآن المدني.
ومع هذا، فقد ذكر بعض أهل العلم بعض وجوه المناسبات بين السورتين الكريمتين، نحاول في مقالنا هذا أن نستجلي هذه الوجوه، اعتمادًا على ما ذكره أصحاب هذا الشأن، فنقول:
-
خُتمت سورة المائدة بإثبات سلطان الله تعالى الكامل، وقدرته الشاملة، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء؛ إذ قال سبحانه: {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير} (المائدة:120) وافتتحت سورة الأنعام ببيان السبب في كمال سلطانه، والمظهر الأعظم لكمال قدرته، وهو خلق السموات والأرض، وخلق الإنسان؛ فإن هذا من أسباب السلطان الكامل على السموات والأرض ومن فيهن، وهو مظهر كامل لكمال قدرته سبحانه، وهو قوله تعالى: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} (الأنعام:1.
-لما ذكر سبحانه في آخر المائدة قدرته على سبيل الإجمال، فقال: {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير} افتتح سورة الأنعام بشرح ذلك الإجمال وتفصيله؛ فبدأ سبحانه بذكر أنه خلق السماوات والأرض {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} ثم فصَّل في هذا الخلق فقال: {وجعل الظلمات والنور} (الأنعام:1) وهذا بعض ما تضمنه قوله تعالى: {وما فيهن} في آخر سورة المائدة
-ثم ذكر تعالى أنه خلق النوع الإنساني، وقضى له أجلاً آخر للبعث، وأنه أنشأ القرون قرناً بعد قرن، فقال: {هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون} (الأنعام:2)، وهذا تفصيل آخر لقدرته سبحانه.
-ثم قال سبحانه:قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله} (الأنعام:12) فأثبت لنفسه سبحانه ملك جميع ما في السموات والأرض، وهذا يشمل الحيز المكاني، ثم قال: {وله ما سكن في الليل والنهار} (الأنعام:13)، فأثبت له تعالى ملك الأزمنة والأوقات، وهذا يشمل الحيز الزماني.
-
ثم ذكر سبحانه في سورة الأنعام خلق سائر الحيوان من الدواب والطير، ثم خلق النوم، واليقظة، والموت والحياة، وذكر خلق الشمس والقمر والنجوم، وفلق الإصباح، وفلق الحب والنوى، وإنزال الماء، وإخراج النبات والثمار بأنواعها، وإنشاء جنات معروشات، وغير معروشات، وبيَّن تعالى أنه جعل الأنعام حمولة وفرشًا. وكل ذلك تفصيل لملكه سبحانه، وبيان لقدرته تعالى، التي أجمل القول فيها في سورة المائدة.
-
ثم لما كان المقصود من هذه السورة بيان الخلق والملك، فقد أكثر سبحانه فيها من ذكر الرب، الذي هو بمعنى المالك والخالق والمنشئ، كما في  قوله سبحانه: {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء} (الأنعام:102) وقوله: {قد جاءكم بصائر من ربكم} (الأنعام:103)، واقتصر فيها على ما يتعلق بذلك من بدء الخلق بكل أنواعه وصفاته.
-فقد جمعت هذه  السورة جميع المخلوقات بأسرها، وما يتعلق بها، وما يرجع إليها، وفصلت ما أجمل في قوله تعالى: {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير} (المائدة:120.
-
ثم تضمنت السورة العديد من الوصايا، وهي كلها متعلقة بالمعاش، والقوام الدنيوي، وهذا تفصيل لمقتضيات الخلق.
-وأشارت سورة الأنعام إلى أشراط الساعة والبعث، قال تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك } (الأنعام:158) وهذا أيضًا تفصيل لما أُجمل في سورة المائدة، في قوله: {لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير} ومشاكلة لما ورد في أواخر سورة المائدة، من قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم} (المائدة:109.
-ومن وجوه المناسبة بين السورتين، أنه سبحانه لما ذكر في سورة المائدة، قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا} (المائدة:87) ثم ذكر بعد ذلك، قوله: {ما جعل الله من بحيرة} (المائدة:103) فأخبر عن الكفار أنهم حرموا أشياء مما رزقهم الله، افتراء على الله، وكان القصد بذلك تحذير المؤمنين أن يحرموا شيئًا مما أحل الله، فيشابهوا بذلك الكفار في صنيعهم، وكان ذكر ذلك على سبيل الإيجاز، نقول: لما ذكر سبحانه ذلك في سورة المائدة، ساق في سورة الأنعام تفصيلاً ما حرمه الكفار في صنيعهم؛ فأتى به على الوجه الأبين، والنمط الأكمل، ثم جادلهم فيه، وأقام الدلائل على بطلانه، وعارضهم وناقضهم إلى غير ذلك مما فصلته السورة في هذا الشأن؛ فمن ذلك قوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنـزير فإنه رجس أو فسقًا أُهلَّ لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } (الأنعام:145) وقوله أيضًا: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظُفُر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} (الأنعام:146) وقوله كذلك: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا} (الأنعام:139.
-ومن وجوه المناسبات أيضًا بين السورتين، أن سورة المائدة اختتمت بفصل القضاء، قال تعالى: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} (المائدة:119)، وسورة الأنعام افتتحت بالحمد، قال تعالى: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} وهما متلازمان، كما قال سبحانه: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} (الزمر:75).
-ثم يضاف إلى ما تقدم، أنه لما كان قطب سورة الأنعام دائرًا على إثبات الخالق ودلائل التوحيد، ناسب ذلك ما جاء في سورة المائدة من إبطال ألوهية عيسى عليه الصلاة والسلام، وتوبيخ الكفرة على اعتقادهم الفاسد وافترائهم الباطل
وبما ذكرناه من وجوه، يتضح قوة المناسبة بين السورتين الكريمتين، ويتأكد بذلك البيان أيضًا، أن سور القرآن الكريم يبيِّن بعضها بعضًا، ويفصِّل بعضها ما أُجمل في بعض، وصدق الله القائل: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير (هود:1.
وعلى هذا المنوال تتالى السور بترتيب منطقي يرتبط بعضها ببعض، ولا تخلو من إيراد الأمثلة والأدلة والعبر التي تشد القارئ والدارس، إلى أن نصل إلى قصار السور في أواخر الكتاب الكريم[30]،
وقد نجد الرابطة بين السور رابطة موضوعية، خاصةً في السور الطويلة، مثل أواخر الزمر وأوائل لاحقتها غافر في ذكر حملة العرش وأحوال الآخرة، وقد نجد هذه الرابطة في سمات المعاني، مثل أواخر سورة هود: " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ..." (هود: 120)، وأوائل لاحقتها يوسف: " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ... " (يوسف: 3)، فالقصص المذكورة في آية سورة يوسف هي أنباء الرسل المذكورة في آية سورة هود ... وكابتداء بعض السور بالحمد بعد نهاية سابقتها بذكر فصل القضاء ( أحداث الآخرة ) كعادة القرآن في ذكر الحمد بعد فصل القضاء، مثل الأنعام بعد المائدة، ومثل فاطر بعد سبأ.
كما نجد سمات هذه الرابطة في سمات الألفاظ[31]:
- مثل قوله تعالى في آخر الفاتحة: " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.." (الفاتحة: 6، 7)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها البقرة: " ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ" (البقرة: 1، 2)، فالهدى هنا معنى مشترك، كأن القرآن يقول لمن يقرأه: إذا أردت الهدى "اهْدِنَا " فاذهب إلى سورة البقرة: " هُدًى لِلْمُتَّقِينَ" وما بعدها.
- مثل قوله تعالى في آخر الحجر: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر: 99)، ثم قوله في أول لاحقتها النحل: "أَتَى أَمْرُ اللَّهِ" (النحل: 1).
- مثل قوله تعالى في آخر النحل: " وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ  إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ " (النحل: 127، 128)، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الإسراء: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا.." (الإسراء: 1). حيث إن علاج ضيق الصدر دائمًا يكون التسبيح، كما في قوله تعالى: " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ...."  (الحجر: 97، 98).
- ومثل قوله تعالى في آخر طه: " قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا..." (طه: 35).، ثم قوله تعالى في أول لاحقتها الأنبياء: " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ... "(الأنبياء: 1)، فالتربص يقتضي الاقتراب. وكذكر ألفاظ الإنذار في أواخر فاطر ثم أوائل يس.

المصادر والمراجع:
[1] - البقاعي، مصاعد النظر، تحقيق: عبد السميع محمد أحمد حسنين،  رقم الطبعة:1، مكتبة المعارف، سنة النشر: 1408 – 1987م، ص: 154.
2 - الغزالي، جواهر القرآن، الدكتور الشيخ محمد رشيد رضا القباني، الطبعة الثالثة،  1411 هـ - 1990 مـ، دار إحياء العلوم، بيروت – لبنان، ص: 17.
3-  انظر: الزرقاني، مناهل العرفان،  تحقيق:  فواز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الأولى - 1415 هـ - 1995 م، ج1 ص195، ومحاضرات في علوم القرآن، د.فضل حسن عباس دار النفائس للنشر والتوزيع - الأردن الطبعة الأولى 1427هـ - 2007م، ص:80-81.
4 - الإتقان في علوم القرآن، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)،  تحقيق: محمد أبو الفضل  إبراهيم، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، طبعة : 1394هـ/ 1974 م ج2، ص: 33.
5 - عن مساعد الطيار، بحث في المكي والمدني، ملف وورد (دون عنوان).
6- رشيد رضا، تفسير المنار، طبعة 2، 1947م.
7-الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: جلال الدين السيوطي، فؤاد أحمد زمولي، دار الكتاب العربي، 2004م، ص: 109.
8- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، ج1 ص196-198، وج1 ص202-204. والصالح، مباحث في علوم القرآن، ص181-183. وأبو شهبة، المدخل لدراسة القرآن الكريم، ص226-232. وعباس، إتقان البرهان في علوم القرآن، ج1 ص274 وما بعده. والذهبي، بحوث في علوم التفسير (الوحي والقرآن)، ص344-364.
9 -: التحرير والتنوير ، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ)، الطبعة الأولى، 1420هـ/2000م مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان،  ص: 552
10-  : الأساس في التفسير، سعيد حوى، دار السلام، ط5، 1999م، ج1 / 4927 .
[1]- سور الحواميم دراسة بلاغية تحليلية (أطروحة دكتوراه)، 12،عبدالقادر الحمداني.
[1]- صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني : 3 / 115 .




[1] - البقاعي، مصاعد النظر، تحقيق: عبدالسميعمحمدأحمدحسنين،  رقمالطبعة:1، مكتبة المعارف، سنةالنشر: 1408 – 1987م، ص: 154.
[2] - الغزالي، جواهر القرآن،الدكتورالشيخمحمدرشيدرضاالقباني، الطبعةالثالثة، 1411 هـ - 1990 مـ، دارإحياءالعلوم، بيروت–لبنان، ص: 17.
[3]-  انظر: الزرقاني، مناهل العرفان،  تحقيق:  فواز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الأولى - 1415 هـ - 1995 م، ج1 ص195، ومحاضرات في علوم القرآن، د.فضل حسن عباس دار النفائس للنشر والتوزيع - الأردن الطبعة الأولى 1427هـ - 2007م، ص:80-81.
[4] - الإتقان في علوم القرآن، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، طبعة : 1394هـ/ 1974 م ج2، ص: 33.
[5]- رشيد رضا، تفسير المنار، طبعة 2، 1947م، ج11، ص: 117.
[6]- المصدر السابق: ص: 117.

1.    [8]- الإتقانفيعلومالقرآن،تحقيق: جلالالدينالسيوطي،فؤادأحمدزمولي،دارالكتابالعربي،2004م، ص: 109.


1- انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، ج1 ص196-198، وج1 ص202-204. والصالح، مباحث في علوم القرآن، ص181-183. وأبو شهبة، المدخل لدراسة القرآن الكريم، ص226-232. وعباس، إتقان البرهان في علوم القرآن، ج1 ص274 وما بعده. والذهبي، بحوث في علوم التفسير (الوحي والقرآن)، ص344-364.
[10]-   السنن الكبرى للنسائي عن عكرمة.
[11] -: التحريروالتنوير، محمدالطاهربنمحمدبنمحمدالطاهربنعاشورالتونسي (المتوفى: 1393هـ)، الطبعةالأولى، 1420هـ/2000م مؤسسةالتاريخالعربي،بيروت – لبنان،  ص: 552
[12] - المصدر السابق، ص: 531.
[13]- فتح البيان في مقاصد القرآن 7/553
[14]-  : الأساس في التفسير، سعيد حوى، دار السلام، ط5، 1999م،ج1 / 4927 .
[15]- سور الحواميم  دراسة بلاغية، (أطروحة دكتوراه)، عبد القادر الحمداني : 10 (جامعة الموصل)
[16]- تناسق الدرر : 130، والإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي : 2 / 114 .
[17]-  المحرر الوجيز : 13 / 1 . والدر المنثور : 7 / 268 .
[18]- الدرُّ المنثور في التفسير المأثور : 7 / 269 .
[19]- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الفيروزآبادي : 1 / 412 .
[20]- المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري : 2 / 437، والدر المنثور : 7 / 269 .
[21]- بصائر ذو التمييز : 1 / 409 .
[22]- سور الحواميم دراسة بلاغية تحليلية (أطروحة دكتوراه)، 12،عبدالقادر الحمداني.
[23]- صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني : 3 / 115 .
[24]- سور الحواميم  دراسة بلاغية تحليلية (أطروحة دكتوراه) : 13 .
[25]- المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري : 2 / 437، والدر المنثور : 7 / 269 .
[26]- صحيح البخاري : 3 / 185 .
[27]- سور الحواميم  دراسة بلاغية تحليلية،عبدالقادر الحمداني-أطروحة دكتوراه (جامعة الموصل(
[28]- (رغم أنه ليس موضوعنا) كما أشرنا سابقا.
[29] - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيتُ مكان التوراة السبعَ، وأعطيتُ مكان الزبور المِئِين، وأعطيتُ مكان الإنجيل المثاني، وفضِّلت بالمفصَّل . حديث حسن: رواه الطبراني في الكبير (8003) (8/258)، (186) (22/75)، (187) (22/76)، وفي مسند الشاميين (2734) (4/62،63)، وأحمد (17023) (4/107)، والطيالسي في مسنده (1012) (1/136.
[30]-    المعجم الكبير للطبراني، وكذلك عن إبن سيرين في مصنف ابن أبي شيبة (6/ 154
[31]- (رغم أنه ليس موضوعنا) كما أشرنا سابقا.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)
12/sidebar/التفسير