دراسات في أصول التفسير


دراسات في أصول التفسير

 

التجديد في التفسير وعلم المناسبات

د.رياض عميراوي

لقد عرفت العلوم ومناهجها تطورا كبيرا بات من المستحيل تجاوزها أو إغفالها في جميع الميادين وفي شتى مناحي الحياة، وكما أن حياة البشر متطورة متجددة وأفكارهم متنوعة متباينة لا بد من وضع خطط ومناهج وقواعد وشروط تضبط خط هذا العيش وتعين على السير الحسن للأمم والشعوب، على ضوء مشارب ثقافاتهم المختلفة، وبما أن للأمة الاسلامية خصوصيتها في هذا الشأن لتميزها بالقران الكريم  الذي ما فتئت تجد كل حل لكل مشكلة تتخبط فيها لا سيما عند تفسيرها لكتاب ربها مستلهمة مستنبطة منه ما يمكن أن يكون طريقا وسبيلا للعيش الكريم والفوز في الدنيا والآخرة، ومن تم بات على كل مشتغل بكتاب الله أن يبحث على مناهج وطرق يتناول بها آيات الله ويستخرج معاني القران ويعمل بمقتضى ذلك الفهم مستعينا بما استجد من علوم الكون للوصول الى مبتغاه.
ولقد عرف التفسير في العصور المتأخرة بعض التجديد في مناهجه وكذا في أصوله وقواعده مكنت بعض الباحثين من جني بعض الثمار التفسيرية والمعاني الحقيقية أضيفت للمكتبة التفسيرية
فما هو الجديد في هذا الباب؟
خطة البحث:
أولا: -تحديد المصطلحات وبعض المفاهيم
1-تعريف التجديد لغة واصطلاحا
2-تعريف التفسير لغة واصطلاحا
3-مفهوم أصول التفسير
4-مفهوم قواعد التفسير
5-تعريف علم المناسبات (في اللغة والاصطلاح).
ثانيا: التجديد في علم التفسيرمن خلال علم المناسبات القرانية
1-معنى التجديد في علم التفسير وعلاقته بعلم المناسبات القرانية
2-التجديد في أصول التفسير من خلال علم المناسبات القرانية
3-التجديد في العملية التفسيرية من خلال علم المناسبات القرانية
خاتمة

1-تحديد المصطلحات والمفاهيم
تمهيد:
     إن من الصعب على الباحث أو الكاتب أن يلج في بحثه أو مقالته دون استعمال وسائلَ وأدواتٍ وموادَ تسمح له بالتعبير الدقيق عن المعنى المقصود، والهدف المحدود، والغاية المرجوة، وإذ تُعتبر اللغة  -لغة البحث- من أهم هذه الأدوات المستعملة في ذلك؛ إن لم نقل أنها أهم وسيلة على الإطلاق، فمن الضروري أن يستعمل كل باحث في مجال تخصصه لغة تناسب بحثه، حيث تختلف طبيعة هذه الوسائل والمواد من تخصص لآخر، فلغة العلوم الإنسانية مثلا تختلف عن لغة العلوم التجريبية، ولغة المجال التاريخي تختلف عن لغة المجال الفقهي...وهكذا، إذ يحتاج كل علم وكل فن إلى لغة معينة واصطلاحات خاصة.
   وعلى الباحث المتخصص أن يستعمل المصطلحات التي تعارف عليها أهل ذلك الاختصاص وذلك الفن في ذلك الزمان، لأنَّ في تحديد المصطلحات العلمية لكل فن، تصريح قوي، وبيان دقيق للرسالة التي يبعث بها الكاتب، وإدلاء واضح ومحدود لمقصود ما يتحدث عنه، وما يريد إيصاله للآخرين من خلال بحثه، فتُفهم الرسالة بناءً على ذلك التصور، وتُحمل على ذلك المحمل، فلا يساورها شك، ولا يشوبها غبش.
   ومن هنا بات حري بكل باحث أن يحدد جميع مصطلحات فنه أو تخصصه، خاصة إذا تعلق الأمر ببعض التخصصات الحساسة، وفي بعض العلوم التي لم يستقر العلماء بعد على وضع أسسها، وإرساء أصولها، والتي لا تشكل معرض اتفاق بينهم في عناصر درسها، سواء من ناحية التأصيل أو الترتيب أو التقسيم، وإن كان الأمر قد اتضح في بعض العلوم فوضعت لها مناهج متفق عليها، وأبوابا وفروعا مجمع عليها، مثل علم التوحيد والعقائد، وعلم أصول الفقه والفرائض؛ فإن الأمر لم يكن كذلك في بعض العلوم التي لا تزال في المهد، ولم تبلغ مستوى في الضبط والتحرير لمفرداتها من حيث المناهج، ومن حيث تحديد مصطلحاتها، مثل علم التفسير الذي نريد الحديث عنه في هذا البحث.
  ولأهمية هذا العلم –علم التفسير- والذي لم يزل في طور النمو كما أشرنا، ولعدم ضبط قواعده ومناهجه، وعدم اتفاق أهله على بعض خطواته، وألوانه ودراساته، فإن من الواجب علينا قبل الولوج في الحديث عن التجديد في علم التفسير وعلاقته بعلم المناسبة، أن نحدد إصطلاحات
هذا العلم، حتى نكون واضحين تماما من البداية، مثل بعض التعريفات المهمة في أصول التفسير وقواعده، ليتسنى لنا الحديث بعد ذلك فيما استجد في هذا العلم من خلال علم المناسبات القرآنية.
    وفي بداية هذا الفصل نعرِّف التجديد، وعلم التفسير، وأصول التفسير، وقواعده، ومعنى الضوابط.
1-1: تعريفات مهمة
1-1-1: تعريف التجديد
   لغة: أصلالجدّةمأخوذةمنجدّالشيءإذاصارجديدا،كماقالالإمامالفيروزآباديفيالقاموسالمحيط:"جَدَّيَجِدُّ،فهوجَدِيدٌ،وأَجَدَّهُوجَدَّدَهُواسْتَجَدَّهُ: صَيَّرَهُجديداًفتَجَدَّدَ"[1].
وقالفيمختارالصحاح: "وجَدَّالشيءيجدبكسرالجيمفيهماصارجدِيدا،وهونقيضالخلق،وجَدَّالشيءقطعهوبابهرد،وثوبجَدِيدٌوهوفيمعنىمجدود:يرادبهحينجدهالحائكأي:قطعهقالالشاعر:
أبىحبيسليمىأنيبيدا***وأمسىحبلهاخلقاجديدا
أي:مقطوعا،ومنهقيل:ملحفةجديدبلاهاء،لأنهابمعنى:مفعولة،وثيابجُدُدٌبضمتين،مثل:سريروسرر،وتَجَدَّدَالشيء:صارجديدا،وأجَدَّهُوجَدَّدَهُواسْتَجَدَّهُ،أي:صيرهجديدا"[2].
وقالصاحبلسانالعرب،إبنمنظور: "مصدرالجَدِيدِ،وأَجَدَّثوباًواسْتَجَدَّه،وثيابٌجُدُدٌ: مثلسَريرٍوسُرُرٍ،وتجدَّدالشيءُ: صارجديداً،وأَجَدَّهوجَدَّدهواسْتَجَدَّهأَي:صَيَّرَهُجديداً"[3].
   والتجديد في اللغة له معنيان، أولهما: الجديد وهو ما ليس لك به عهد، وثانيهما: الجدة نقيض البِلى، ويقال: شيء جديد[4]، والمعنيان يدلان على مفهومين مختلفين، فالأول: ما لا عهد لك به، أي هو جديد لم يعرف من قبل، وما ليس له نظير، والثاني، نقيض البلى، أي ما خلق وبلي، ثم أعيد جديدا على ما كان عليه أول مرة.
 والتجديد مفهوم شرعي دعا إليه الإسلام وطلب من المسلمين أن يباشروه وأن يسعوا إلى تحقيقه بضوابطه وشروطه، وهويحتوي على ثلاث نقاط مهمة، فالتجديد في الاصطلاح الشرعي: هو إعادة رونق الدين وجماله وصفائه، وإحياء ما أندرس منه، ونشره بين الناس، فهذه ثلاثة محاور للتجديد الشرعي المضبوط المستحب، ومطلوب من الناس أن يشاركوا فيها.
  والتجديد مصطلح شرعي تناوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم-  في الحديث الذي رواه أبوهريرة وأخرجه أبوداود والحاكم والترمذي وسنده صحيح: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"[5]، فكلمة تجديد مصطلح شرعي لا غبار عليه، وهو  كما قلنا يقوم على محاور ثلاثة «اصطلح عليها علماء الشريعة، فإما أن يكون التجديد في محور إزالة تراكمات الانحرافات التي وقعت على تعاليم الإسلام بفعل سلوكيات المسلمين، أوأن يكون التجديد بإزالة البدع والخرافات التي ابتدعت في هذا الدين وخيمت عليه بسبب سوء الفهم مثلا، أوأن يكون التجديد في نشر محاسن الإسلام في باب العقائد وباب الأحكام وباب الأخلاق وباب المعاملات وفي سائر جوانب الشريعة ودعوة الناس للعمل به وامتثاله!»[6].
  ومفهوم التجديد السني المقصود في الحديث هو: أن يعيد المجدد للإسلام أو للدين جدته وأصالته التي كان عليها، فيقتل البدع ويحي السنن، ويرد المفاهيم الباطلة التي تراكمت عبر عقود وقرون من الزمن، ويصحح المفاهيم المختلفة ويميز بين صحيحها وسقيمها، ويبتكر طرقا ومناهج تمكنه من مخاطبة جماهير المسلمين بلغة العصر، وبالوسائل والأدوات المتاحة، ويضع ضوابط وقواعد لتناول المواضيع الدينية بيسر دون المساس بجوهر الدين وأصله، وتعصم في الوقت نفسه الناس من الوقوع في الحرج والعسر، وتبسّط لهم علاقتهم بالمولى جل وعلى[7].
1-1-2: تعريف علم التفسير
   لتعريف هذا المركب الإضافي لا بد من تعريف طرفيه لغة واصطلاحا، فنبدأ بتعريف لفظة: "علم"في اللغة: جاء في القاموس تحت مادة علم: العلم إدراك الشيء بحقيقته[8]، وفي تاج اللغة: العلم الجبل والثوب والراية، وعلم الرجل يعلم علما، إذا صار أعلم، وهو مشقوق الشفا العليا، والمرأة علماء، وعلمت الشيء أعلمه علما: عرفته، ورجل علآّمة، أي عالم جدا، والهاء للمبالغة كأنهم يريدون بهم داهية[9]، وعلمت الشيء بمعنى عرفته وخبرته[10]، ومنه العلامة التي يعرف بها الشيء، والذي يتصف بالعلم يسمى عليما، وعليما، وذو علم، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾[11]، وقال تعالى: ﴿إنَّمَا يَخْشَىَ اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾[12]، وقال أيضا: ﴿وهو الخلاق العليم﴾[13]، وقال تعالى: ﴿عالم الغيب والشهادة﴾[14]، وجاء بصيغة المبالغة في قوله تعالى: ﴿علاَّم الغيوب﴾[15]، والذي يعلم غيره يسمى معلما، كما كان النبيr معلما للناس.
وأما في الاصطلاح: فقد تباينت التعريفات الشرعية لمسمى العلم، لكنها كانت قريبة من بعضها البعض، فلقد جاء في كتاب التعريفات للجرجاني أن العلم هو: «الاعتقاد الجازم المطابق للواقع»[16]، وقيل العلم هو إدراك ما هو به، وقيل زوال الخفاء من المعلوم والجهل نقيضه[17].
  ويمكن القول أن العلم هو: الاطلاع على المخفي أو المجهول، حتى يُدركَ ويُعرفَ ويُكشفَ عنه، فينطبع في العقل ويرسخ في النفس.
تعريف التفسير:
لغة: التفسير في اللغة هو تفعيل من الفِسْر؛ الذي هو الكشف والبيان، وفسَّر الشيءيفسّره بالكسر، ويفْسُره بالضم فَسْرًا، يعني: أبانه، والتفسير كشْفُ المراد عن اللفظ المبهم[18]، وقال الأزهريُّ: الفَسْرُ: «كشف ما غُطّْيَ، وهو  بيان وتفصيل للكتاب [العزيز]... والتَفْسِرَةُ: اسم للبول الذي ينظر فيه الأطباء يستدلون بلونه على عِلََّةِ العليل، [فكذلكالمفسريكشفعنشأنالآية،وقصصها،ومعناها،والسببالذيأُنزلتفيه،وكأنَّهُتسميةبالمصدر،لأنمصدرفعلجاءأيضاعلىتفعلة]، يعني فسَّرَ تَفْسِرَة.
 وكل شيء يُعرفُ به تفسير الشيء ومعناه، فهو تفسرته، وقول الله تعالى: ﴿وَأََحْسَنَ تَفْسيرًا[19]، وقال بعضهم: التفسير: «كشف المراد عن اللفظ المشكل»[20]، وفَسَرَ وسَفَرَ لغة واحدة، أي اشتقاقهما واحد، ومعناهما الكشف، قال الجوهريُّ: «... وسَفَرَتِ المرأة: كشفت عن وجهها، فهي سافرٌ، ومَسَافِرُ الوجه: ما يظهر منه...وأسفر الصبح، أي أضاء، وفي الحديث: أسفروا بالفجر، فإنَّهُ أعظم للأجر[21]..وأسفر وجهه حُسنًا، أي أشرق»[22].
 وقال الزركشي في البرهان: «والتفسير هو الكشفأيضا،فالتفسيركشفالمغلقمنالمرادبلفظه،وإطلاقللمحتبسعنالفهمبه،ويُقال:فسَّرالشئأفْسَرهتفسيرا،وفسّرْتُهُأُفْسِرُهُفسرًا،والمزيدمنالفعلينأكثرفيالاستعمال،وقالآخرونهومقلوبمنسفرومعناهأيضاالكشف،يقالسفرتالمرأةسفوراإذاألقتخمارهاعنوجهها،وهيسافرة،وأسفرالصبحأضاء»[23]. وجميعهم متفقون على أن أصل التفسير الكشف والبيان.
اصطلاحا: لقد تفاوتت التعريفات الاصطلاحية لهذا اللفظ بسبب اختلاف العلماء في تحديد ما يندرج تحته من مدلول ومعنى، فبعضهم يقول: هو علم يُعرف به نزول الآيات، وشؤونها وأقاصيصها، والأسباب النازلة فيها، ثم ترتيب مكيُّها ومدنيُّها، ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومجملها ومفسرها، وحلالها وحرامها، ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وأمثالها وغيرها[24]، وقد جمع هذا التعريف كل ما يتعلق بعلوم القرآن، وتناول مختلف الدراسات القرآنية.
  وهناك من يقول: «هو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك»[25]، وقصد بذلك عدة علوم كالقراءات، ومعاني الألفاظ، والنحو، والصرف، والبيان، والبديع، وهذا يُفهم من خلال
قوله: «كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها،وأحكامها التركيبية والإفرادية»، والمجاز من خلال قوله: «ومعانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب»، وقصد أيضا علم أسباب النزول والمبهم،...وغيره، وهذا يُفهم من قوله: «وتتمات ذلك»، وهو كل ما يتعلق بما جاء في كتاب الله من متشابه ومحكم وقصص...وغيره.
  وأما الزركشي فيعرّف التفسير بقوله: «التفسير:علميُعرفبهفهمكتاباللهالمنزلعلىنبيهمحمدصلىاللهعليهوسلم،وبيانمعانيه،واستخراجأحكامهوحكمه،واستمدادذلكمنعلماللغة،والنحو،والتصريف،وعلمالبيان،وأصولالفقه،والقراءات،ويحتاجلمعرفةأسبابالنزول،والناسخوالمنسوخ»[26]، وهو الكشف عن مراد الله بقدر الطاقة البشرية.
  وهذا الأخير تعريف عام، يفهم منه أن التفسير هو الجهد الذي يبذله المفسر، للكشف عن مراد الله تعالى من خلال خطاب الله المتعلق بأفعال العباد، بقدر استطاعته، وبقدر ما آتاه الله من علم، وبما فتح الله به عليه من فهم.
تعريف المركب (علم التفسير)
هو أحد العلوم الشرعية الأساسية المتعلقة بالقرآن الكريم، من حيث إنه يهدف إلى تحصيل القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة من كلام الحق سبحانه، إضافة إلى تذكير المخلوق بحق الخالق وما يترتب على ذلك، ومما يحصله المؤمن نتيجة معرفته بتفسير كلام اللهU واطلاعه على أسراره وخفاياه.
1-1-3: تعريف أصول التفسير
تعريف الأصل:
في اللغة: قال الليث: الأصل أسفل كل شيء[27]، وهو ما يبتنى عليه غيره[28]، ويقال أصَّلْتُ هذه الشجرة أي ثبت أصلها فاستقر في الأرض، واستأصل الله بني فلان، أي لم يدع لهم أصلا، ولا نسلا، وقيل الأصيل الهلاك، قال أولى:
خافوا الأصيل وقد أعيت ملوكهم***وحملوا من ذوي عوم بأثقال[29]
وأصولجمع أصل، وأصل الشيء أساسه الذي يبنىِ عليه، كأساس المنزل ونحوه، ومن ذلك قوله تعالى:﴿...أَصلُهَا ثَابتٌ وَفرْعُهَا في السَّمَاءِ[30]، ورجل أصيل له أصل[31]، وفي الصحاح: واحد الأصول يقال أصل مؤصل واستأصله أي قلعه من أصله - اجتثه من جذوره- قال تعالى: ﴿$tBOçF÷èsÜs%`ÏiB>puZŠÏj9÷rr&$ydqßJçGò2ts?ºpyJͬ!$s%#n?tã$ygÏ9qß¹é&ÈbøŒÎ*Î6sù«!$#yÌ÷ãÏ9urtûüÉ)Å¡»xÿø9$#ÇÎÈ[32]، وقيل ما يفتقر إليه ولا يفتقر هو إلى غيره ورجل أصيل له أصل، ورأى أصيل له أصل، ورجل أصيل ثابت الرأي عاقل[33]، وقال الكسائي: قولهم لا أصل له ولا فصل، أي لا حسب له ولا لسان، والأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب[34].
وفي الاصطلاح: هناك عدة تعريفات لعلم أصول التفسير اصطلاحاً وكلها تتفق على أنه علم يهتم ببيان الطرق السليمة لتفسير القرآن الكريم وتدبره وفق ما وضعه العلماء من ضوابط، وقواعد، يستطيع من خلالها المفسر وطالب العلم التعرف على كيفية الأخذ من تفاسير العلماء ما يوافق الحق والصواب، ويترك ما عداه .
-       وقيل: هي مجموعة القواعد الصحيحة والطرق المثلى التي يحتاج إليها المفسر للكشف بها عن معاني القرآن الكريم[35].
-وقد عرفه الدكتور فهد الرومي بقوله هو: "القواعد والأسس التي يقوم عليها علم التفسير، أو هو العلم الذي يتوصل به إلى الفهم الصحيح للقرآن ويكشف الطرق المنحرفة أو الضالة في التفسير"[36]
- وعرفه مساعد الطيار بقوله: "هي الأسس والمقدمات العلمية التي تعين في فهم التفسير، وما يقع فيه من اختلاف وكيفية التعامل معه "[37].
إشكال برؤية أصولية:
وإن كان أصل الشيء أسفله، وأساس الحائط أصله، وأصل الشجرة هو الذي تتفرع منه أغصانها، كما قال صاحب المصباح المنير، ونسب هذا التعريف أيضا للقاضي، وأبو الخطاب، وابن عقيل من الحنابلة...فإن هذا التعريف غير جامع ولا مانع، لأن من شروط الحد أو التعريف أن يكون جامعا مانعا، أي جامع لأوصاف المحدود، مانع من دخول غير أفراده في حده، كيف ذلك؟
نلاحظ أن الوالد مثلا أصل للولد، ولكن لا يقال: أن الولد ينبني على الوالد، وقد قال المردوي: الأولى أن يُقال: ما يتفرع عنه غيره، فيصح أن يقال: الولد فرع من أبيه، وقد تُعقب هذا التعريف أن هناك من أصول الشرع ما هو عقيم لا فرع له، ولا يقع به التوصل إلى ما وراءه بحال، مثل دية الجنين، والقسامة، وتحمُّل العاقلة، فهذه أصول ليس لها فروع[38].
قال الزركشي في البحر المحيط: الأولى أن يُقال: الأصل كل ما ثبت دليلا في إيجاب حكم من الأحكام ليتناول ما جلب فرعا أولم يجلب[39].
واعتمادا على ما سبق نقول: أن الأولى أن يقال: "الأصل كل ما ثبت دليلا في إيجاب حكم من الأحكام"، فوجود الأغصان دليل على وجود الشجرة، ووجود الجدار دليل على وجود أساسه، ووجود الابن دليل على وجود أبيه، وهكذا، فيدخل فيه ما بني على غيره وما لم يُبن، وما له فرع أو ليس له فرع.


وفائدته: استخراج أحكام القرآن وحِكَمِه ومعرفة الأدلة من آياته وكشفها وتوضيح معانيها، إلى غير ذلك على وجه الصحة والدقة.
وغايته: الوصول إلى المعاني المرادة من كتاب الله العزيز للفوز بسعادة الدنيا والآخرة.
وموضوعه: كلام الله سبحانه وتعالى الذي هو أشرف العلوم كلها وأجلها[40].
أما تعريف التفسير فقد سبق في المطلب السابق.
تعريف المركب (أصول التفسير)
بعد أن عرَّفنا كل من "الأصل" و"التفسير" نخلص الآن إلى تعريف المركب (أصول التفسير)، فنقول: أن أصول التفسير تعني الاسس والقواعد العامة والمقدمات الخاصة التي يجب أن يلج خلالها المفسر ويستعملها أيضا في العملية التفسيرية، وهي الأصول التي يقوم ويبنى عليها، كما تبنى العلوم الأخرى، وهو الأمر المتعلق بالجانب النظري لعلم التفسير.
فالحديث عن التأصيل الشرعي لهذا العلم، وكذا الكلام عن نشأته وتطوره ومناهجه، وشروط صاحبه، كل ذلك من أصول التفسير، وأما العملية التفسيرية والتي تقوم أيضا على قواعد وأسس وشروط وضوابط، ولكنها شروطا وقواعد تخص جانب المعنى والهدف المباشر لهذا العلم، وهو كشف المراد من كتاب الله، حتى يتسنى فهمه والعمل به، فهي ليست أصوله؛ بل هي جزء منه.
ويعرفه فهد بن عبد الرحمن الرومي في كتابه أصول التفسير، فيقول: أصول التفسير هي القواعد والأسس التي يقوم عليها علم التفسير، وتشمل ما يتعلق بالمفسر من شروط وآداب وما يتعلق بالتفسير من قواعد وطرق ومناهج وما إلى ذلك[41]، وغايته ضبط التفسير بوضع القواعد الصحيحة والطرق السليمة، والمناهج السديدة للتفسير، والشروط المحكمة، والآداب الفريدة للمفسر[42].
ويمكن القول أن أصول التفسير هي تلك الأصول التي تخص الجانب النظري لعلم التفسير، وقواعد التفسير جزء منها.
1-1-4: تعريف قواعد التفسير
   يجب أن نفرق بين قواعد التفسير التي نعني بها أصول التفسير والتي غالبا ما يتبادر إلى الذهن معناها كلما أطلقنا مصطلح قواعد التفسير، ولكن الحقيقة أن هناك خلطا في هذه المصطلحات التي نحاول في هذه الوريقات أن نضبطها ونحررها، وبين القواعد الخاصة التي تقوم عليها العملية التفسيرية، والتي يرتكز عليها المفسر لتفسير كتاب الله، من مثل قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب، وقاعدة مراعاة الظهور القرآني، والخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه، وتحكيم السياق عند الاختلاف....وغيرها.
  ورغم ما ألف في قواعد التفسير قديما وحديثا، إلا أن عدم الوضوح وعدم التحرير الدقيق للمصطلحات لا زال يتكرر، ولأن غالب ما أُلِّف في قواعد التفسير؛ إنما هو في علوم القرآن الكريم مثل كتاب التيسير في قواعد التفسير للكافيجي (ت879هـ)، وأصول التفسير وقواعده لخالد بن عبد الرحمن العك، وهناك رسالتان فريدتان في القواعد ذاتها جمعا ودراسة، وهما: قواعد التفسير لخالد بن عثمان السبت رسالة دكتوراه في مجلدين، وقواعد الترجيح عند المفسرين لحسين بن علي الحربي، وهي رسالة ماجستير، وموضوعها أخص من الرسالة السابقة.
وقد ضمن المؤلفون الأوائل في علوم القرآن، قواعد التفسير، ككتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي (794هـ)، والإتقان للسيوطي (911هـ).
  إضافة إلى ما حوته بعض المقدمات في التفاسير، كمقدمة النكت والعيون للماوردي، ومقدمة التسهيل، لابن جزي الكلبي، ومقدمة الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير، ومقدمة ابن كثير الذي أخذ منها ابن تيمية.
  وقد قُسمت هذه القواعد بحسب الاعتبارات، منها قواعد عامة يستفاد منها فهم القرآن كقاعدة: "المفرد المضاف يفيد العموم"، وقواعد ترجيحية كقاعدة: "القول الذي تؤيده قرائن السياق مرجح على ما خالفه"، وغيرها.
ومصطلح قواعد التفسير من المصطلحات التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحرير والضبط، وذلك لأسباب منها:
1-    أن هذا العلم لم يلق حظه من الكتابة والتحرير كغيره من العلوم المشابهة، كقواعد الفقه، فإن العلماء منذ زمن بعيد قد كتبوا وحرروا قواعد الفقه في كتب كثيرة، بينما نجد أن قواعد التفسير لم يكتب فيها إلى من قبل المعاصرين، وقليل من المتقدمين الذين لم يصل إلينا من كتبهم إلا النزر القليل.
2-    أن ما كتبه المتقدمون وبعض المعاصرين ليس في موضوع قواعد التفسير بل في علوم القرآن، كما أشرنا سابقا، وقد يشمل على بعض قواعد التفسير، كما في بعض الكتب المعاصرة، وربما تحدث عنه بعض المفسرين في مقدمات تفاسيرهم.
3-    اختلاط هذه القواعد بقواعد أصول الفقه، حتى أصبح تعداد قواعد الأصول ضمن قواعد التفسير أمر معهود عند من كتب في هذه القواعد.
وأما تعريف القاعدة فهو كالآتي:
لغة: القاعدة في اللغة هي الأساس التي يبنى عليها غيرها، ويستوي في هذا الأمور الحسية والمعنوية، وتعني: الأساس أو الأصل أو هي أساطين أو أعمدة البناء، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾[43]، ومن ذلك: "قواعد الهودج" وهي خشبات أربع معترضة في أسفله تركب عيدان الهودج فيها[44]
وإن كانت القاعدة في اللغة تعني الاستقرار والثبات، فأقرب المعاني إلى المراد في معنى القاعدة هو الأساس، نظرا  لابتناء المعاني عليها كابتناء الجدران على الأساس.
أما في الاصطلاح: فإن لها تعريفات كثيرة، لكن أجمع هذه التعاريف تعريفان: التعريف الأول الذي وصل إليه الجرجاني حيث قال: هي قضية كلية تنطبق على جميع جزئياتها[45]، مثال على ذلك: اليقين لا يزال بالشك، فهذه قضية كلية تنطبق على جميع الجزئيات.
وقيل أيضا أنها: حكم كلي يتعرف بواسطته على أحكام جزئياته[46].
وقولهم أن القاعدة قضية كلية ليس مختصا بعلم بعينه؛ بل هو قدر مشترك بين جميع العلوم، والقضية يجوز أن توصف بالصدق أو الكذب، والكلية: أي المحكوم على جميع أفرادها، فإن أردنا حصر القضية الكلية بميدان معين أضفنا لها قيد مثل: قضية كلية نحوية، أو: قضية كلية فقهية...الخ.  
وتحديد معنى القاعدة في أي علم يعرف بإضافة القاعدة إلى العلم، مثل: قواعد التفسير، قواعد الفقه، قواعد النحو...وهكذا، وخلاصة القول أن نقول:
قواعد التفسير: قواعـد خاصة يتوصل بها إلى معرفة معاني القرآن وأحكامه، وإذا افترضنا أن أصول الفقه المقصود بها القواعد الأصولية، فقواعد التفسير بالنسبة للتفسير مثل أصول الفقه بالنسبة للأحكام الفقهية العملية، فكما أن أصول الفقه تضبط الاستدلال وتعرف الفقيه كيفية استنباط الأحكام من النصوص، كذلك قواعد التفسير تضبط الاستدلال من القرآن وتعرّف المفسر كيف يستدل بالقرآن على معانيه وأحكامه.
ولكن والله أعلم أن الخلط بين قواعد التفسير وقواعد أخرى؛ إنما يعود إلى تعريف التفسير في حد ذاته، فمنهم من أطلقه، ومنهم من قيده، فمن اختصر التفسير على البيان فقط؛ فلا شك أن قواعد بيان القرآن تعد أقل بكثير من قواعد التفسير على المعنى الآخر؛ إذ يدخل فيها على ما عرفه أبو حيان والزركشي في قولهم: التفسير هو: قواعد النطق بألفاظ القرآن وقواعد الدلالات وغيرها"[47]، ومن أطلقه فلا شك أن قواعد بيان القرآن تكون كثيرة جدا.
ولكن مهما كانا الاتجاهين متباينين، فإن من المفروض أن هذه القواعد لا تخرج عن التفسير.
ولهذا بات الخلط بين ما هو من التفسير وما ليس منه أمرا سهلا لاقتحام بعض من ليس له اختصاص ولا دراية بهذا العلم، أو بسبب اقتصار بعض المتأخرين على شرح كتب المتقدمين، والتي أخلط أصحابها الحديث فيها عن جملة من العلوم تحت مسمى قواعد التفسير كما أسلفنا، فيمكن أن تدخل القواعد العامة للتفسير تحت مسمى أصول التفسير، ولكن لا يقال أن كل أصل من أصول التفسير هو قاعدة من قواعد التفسير، والله أعلم.
ويمكنني في هذا المقام أن أضيف جزئية صغيرة قد أشرت إليها من قبل في التمهيد، أرى أنها تستحق التنبيه إليها، فأشير إليها على أمل أن تحضى بالنظر ممن يريد أن يكتب حول الموضوع، وهي مسألة التفريق بين القواعد والضوابط في التفسير، حيث أن الضابط أخص من القاعدة، ونفرقه عن غيره بإضافة اتجاه التفسير له فنقول مثلا: ضوابط التفسير اللغوي، وضوابط التفسير العلمي...وهكذا، وربما الضابط يجمع فروعا من باب واحد بينما القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى.
ومن أهم مصادر معرفة قواعد التفسير: القرآن، والسنة، والمأثور عن الصحابة، أصول الفقه، علوم اللغة، علوم القرآن..وغيرها ؟؟
وأما مؤلفاته: فلقد كان الكلام في هذا العلم منثورا في كتب التفسير، والأصول، وعلوم القرآن، ثم صدرت عدة مؤلفات منها قواعد التفسيـر لفخر الدين بن الخطيب الحنبلــي (621هـ) وكتاب المنهج القويم لابن الصائغ الحنفي (777هـ)، وقواعد التفسير لابن الوزير (840هـ)، والتيسير في قواعد التفسير للكافيجي ( 879هـ )، والقواعد الحسان للسعدي (1376هـ ).
1-2-2تعريف علم المناسبة:
1- المناسبة لغة:
   المناسبةفياللغةمأخوذةمنالتناسبوهو: التقاربوالتناسقوالمشاكلةوالترابطوالتعلّقوالانسجام، والنونوالسينوالباء: كلمةواحدة،قياسهااتصالشيءبشيء[48]، يُقال: فلانيناسبفلاناًأي؛يقربمنهويشاكله،ومنه: النسيبوهوالقريبالمتصلكالأخوينوابنالعم،ونحوه،ومنه: المناسبةفيالعلةمنبابالقياس،أيالوصفالمقاربللحكم؛لأنهإذاحصلتمقاربتهله،ظُنَّعندوجودذلكالوصفوجودالحكم،ولهذاقيل: المناسبةأمرمعقولإذاعُرِضَعلىالعقولتلقتهبالقبول[49]،وقدوردهذااللفظفيالقرآنبصِيَغٍمتعددة،فيقولهتعالى: "وَجَعَلُوابَيْنَهُوَبَيْنَالْجِنَّةِنَسَبًا"[50]،وقوله: ﴿وَهُوَالَّذِيخَلَقَمِنَالْمَاءبَشَرًافَجَعَلَهُنَسَبًاوَصِهْرًا[51]،وقوله: ﴿فَإِذَانُفِخَفِيالصُّورِفَلَاأَنسَابَبَيْنَهُمْيَوْمَئِذٍوَلاَيَتَسَآءلُونَ[52]، وهذا التعريف هو الذي يدور حوله جميع من تعرض للتعريف بالمناسبة من الجانب اللغوي، إذ لا يسع لأحد الخروج عنه.
2:المناسبةاصطلاحاً:
تعددت التعريفات الإصطلاحية لعلم المناسبات إلا أنها كانت قريبة بعضها من بعض، تدور حول معاني مشتركة، وإن اختلفت بعض ألفاظها، فمنهم من عبر عنها: "بوجه الارتباط"، وآخرون قالوا: هو "علل الارتباط"، وسماه غيرهم: "بالنظام"...إلى غير ذلك.
وفي ما يلي نقف على بعض هذه التعريفات:
- يقالالمناسبةهي الرابطةبينشيئينبأيوجهمنالوجوه،ويعنىبهافيكتابالله - تعالى-: إدراكأوجهالارتباطبينالسوروماقبلهاومابعدها،وبينالآيةوماقبلهاومابعدها[53].
-قال برهان الدين البقاعي: "هو علمتُعرَفُمنهعللترتيبأجزاءالقرآن"[54]،وقولُه: "أجزاءالقرآن" شاملللآيةمعالآية،والحكممعالحكم،والسورةمعالسورة،والقصةمعالقصة،وكلجزءمنالقرآنمعماقارنه، سواء من ناحية المعنى، أو النظم .
- وقيل:بيانوجهالارتباطبينالجملةوالجملةفيالآيةالواحدة،أوبينالآيةوالآيةفيالآياتالمتعدِّدة،أوبينالسورةوالسورة[55].
- وقيل أيضا:علميُعرفمنهارتباطآيالقرآنوسورهفيمابينها،حتىيَتَّحِدَأولكلمنهابآخره،فينسقمعجزمؤلَّفمنآياتوسورآخذٍبعضُهابأعناقبعض،فيبناءمحكممترابط.
وقال المحدثون:علمعقليٌّبَحْت،يَعتمِدُعلىفهمٍكاملللنسقالقرآني،وتدبُّرٍعميقللآياتوسورالقرآنالكريم[56].
وهوعلميُؤَكِّدُعلىالترابطوالتلاحمالوثيقبينسورالقرآنالكريموآياته،منبدئهإلىنهايته.وقال الفراهي:علمالنِّظَام،وهذاالمصطلحأَطْلقَهعليهعبدالحميدالأنصاريالفراهي،حينقال: "ومرادنابالنظامأنتكونالسورةوحدةمتكاملة،ثمتكونذاتمناسبةبالسورةالسابقةواللاحقة،وعلىهذاالأصل،ترىالقرآنكلهكلاماًواحداً،ذامناسبةوترتيبفيأجزائهمنالأولإلىالآخر"[57].
ومن مرادفات المناسبة: السياق، الاِتِّفَاق، المشاكلة،الاِنْسِجَام،التَآلُفَ،التَنَاغُم،التَنَاسُب.

1-2: معنى التجديد في علم التفسير من خلال علم المناسبات ومقصوده
  إن التجديد المطلوب والمنهجية الإصلاحية لا يكفي فيها التطعيم أو الإضافة إلى بعض المقررات والبحوث المعاصرة قلت أو كثرت؛ بل لا بد من إعادة النظر في محتوى مواد التفسير ومقرراته ومناهجه وكيفية أدائها لوظيفتها الاجتماعية والنفسية والفكرية وتفعيل هذا الأداء أو بث الروح فيه من جديد[58]، إننا اليوم أحوج ما نكون إلى إحداث نقله هائلة في تدريس التفسير ذلك أن الأحداث المعاصرة كبيرة وكبيرة جدا، يكفي منها ما نراه من تطرف في الآراء المستنبطة من  دراسة القرآن الكريم عند بعض ممن يستشهد بالقرآن لتلبية حاجاته ورغباته، أو نصرا لمذهبه ونحلته، وحسبنا من هذا التطرف ما جنته الآراء السقيمة والعقيمة غير المتدبرة من بيان علاقة المسلمين بغيرهم من أهل الكتاب أو غيرهم، فغني عن البيان ما أحدثته هذه الآراء غير المدروسة وخصوصا تلك الآراء التي أنتجت العنف وسيلة للتعامل مع الآخرين حتى تعدى هذا إلى  نشوء عقلية إقصاء الآخر، حتى انتقلت هذه العقلية إلى أن تضيق بالمسلمين الذين يخالفون صاحبها الرأي، وغني عن البيان النظر إلى ما أحدثته هذه الآراء وسط مجتمع المسلمين أولا قبل النظر فيما آل إليه أمر المعاملة مع غير المسلمين، وإذا كانت داعية هذه الآراء في المقام الأول بسبب من النظر الخاطئ في القرآن الكريم أو الفهم الخاطئ للآيات أو حتى الفهم الخاطئ في التعامل مع أقوال المفسرين في التفسير وإسقاطها على الواقع الذي نعيشه، فلا بد من تقويم ذلك وبيان خطئه والحث على الصواب وتسديده[59].
ولا بد من توضيح المقصود بالتجديد في علوم التفسير، فنقول أن التجديد المنشود يدخل في المجالات التالية:-
أولاً: كل ما يحيط بمادة التفسير من علوم مباشرة وغير مباشرة.
ثانياً: العملية التفسيرية وهو الجانب التطبيقي لهذا العلم.

ثالثاً: قواعد ومناهج وطرق أخذ هذه المادة.
وعلينا أن نشير في هذا المبحث إلى أن التجديد له صورا متعددة نذكرها فيما يلي:
نقل حاجي خليفة عمن سبقه أن التأليف في العلم على سبعة أنحاء، إذ لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها وهي:
1-                        شيء لم يسبق إليه فيخترعه، مثل الرسالة للشافعي.
2-                         شيء ناقص يتممه، كالمجموع للنووي حيث تعاقب على تتمته السبكي والمطيعي.
3-                         شيء مغلق يشرحه، مثل شروح المتون الفقهية واللغوية.
4-                        شيء مطول يختصره دون أن يخل بمعانيه، مثل مختصر تاريخ دمشق لابن منظور.
5-                         شيء متفرق يجمعهّ، مثل القواعد الفقهية لابن رجب حيث جمعها من كتب الفقهاء.
6-                         شيء مختلط يرتبه، مثل ترتيب المحدثين لبعض الأحاديث على حروف المعجم.
7-                        شيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه، مثل كتب التعقيبات والردود.[60]
ولعل أبرز وأدق مجال للتجديد هو التجديد في التفسير، حيث أشار الدكتور عثمان أحمد عبد الرحيم أن هذا الموضوع من أهم المواضيع المطروحة، لأنه يعني معالجة ما تعيشه الأمة الإسلامية من أسقام وعلل وأخطاء في ضل ضوء ما يستلهم من خطاب الله تعالى للبشرية، ويشير أيضا في هذا الصدد إلى أن التجديد برز في ثنايا التفسير، ابتداء من القرن الثاني الهجري إلى عصر الألوسي في القرن الثاني عشر.[61]
ويطال التجديد جميع الجوانب التي تتعلق بالتفسير سواء من ناحية أدوات ومستلزمات فهمه، أو من ناحية فهم معانيه، أي سواء تعلق الأمر بأصول التفسير أو بالعملية التفسيرية.
وسنتطرق إلى هذين الجانبين كليهما في مطلبين: معنى التجديد في أصول التفسير، ومعنى التجديد في العملية التفسيرية، وما المقصود منهما؟.
1-2-1: معنى التجديد في أصول التفسير وعلاقته بعلم المناسبات
يطلق هذا المصطلح - أصول التفسير- عادة على ما هو نظري في علم التفسير ويقصدون به الحديث عن نشأة التفسير وتاريخ تطوره، ومدارسه واتجاهاته وألوانه وعلومه وقواعده وشروطه ومناهجه، وكل ما يخص التفسير مما قرب منه أو بعد، غير العملية التفسيرية.
واعتمادا على هذا نطرح السؤال التالي هل أصول التفسير قابلة للتجديد أم لا؟ وكيف؟
لقد أُطلقت صيحات هنا وهناك تدعوا إلى التجديد في هذا المجال، وألفت بعض المحاولات في ذلك، منها ما كتب ومؤلفات صدرت باسم أصول التفسير، ومنها تفاسير قد شملت في مقدماتها على شيء في الأصول، ومنها ما تناولته كتب علوم القرآن، ومن النوع الأول: التجديد في التفسير مادة ومنهاجا جمال أبو حسان، وأصول التفسير وقواعده، لخالد عبد الرحمن العك، وأصول التفسير ومناهج المفسرين لزبن عزيز العسافي، وبحوث في أصول التفسير لمحمد الصباغ، ودراسات في أصول التفسير ومناهجه لعمر يوسف حمزة، والسفير في أصول التفسير، لعبد الحكيم سرور، والفوز الكبير في أصول التفسير لولي الله الدهلوي، وفصول في أصول التفسير لمساعد الطيار، ومقدمة في أصول التفسير لصالح آل الشيخ، وموجز في علوم القرآن وأصول التفسير لعبد الله سلقيني، وبحوث في أصول التفسير ومناهجه لفهد الرومي، ومقدمة التفسير لابن تيمية، والإكسير في أصول التفسير للصرصري الطوفي، وحاشية أصول التفسير لابن قاسم، والنظم الحبير في علوم القرآن وأصول التفسير للشيخ سعود الشريم، والتكميل في أصول التأويل لعبد الحميد الفراهي.
ومن النوع الثاني: معظم التفاسير تشمل على مقدمات في أصول التفسير.
ومن النوع الثالث: كتب علوم القرآن نذكر منها فقط لشهرتهما: الإتقان للسيوطي، ومناهل العرفان للزركشي.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هل لهذا التجديد في أصول التفسير علاقة بعلم المناسبات القرآنية؟
  بعد التتبع والتقصي والبحث توصلت إلى أن أي تجديد في هذه الأصول سببه تطور في بعض العلوم المتعلقة بالعملية التفسيرية، مثل علم أسباب النزول، وعلم المناسبات، والسياق، والعلوم الكونية والعلوم الأخرى التي لها مزية في إبراز وإعطاء معاني جديدة لآيات القرآن الكريم، ويظهر ذلك جليا في الجانب التطبيقي لعلم التفسير - مادة التفسير- التي تطورت عبر مراحل تاريخية عرف فيها التفسير نقلات نوعية من عصر النبي صلى الله عليه وسلم مرورا بعصر التأصيل ثم عصر التفريع ثم عصر التجديد، من القرن الثاني إلى العصر الحديث مرورا بعصر الألوسي في القرن الثاني عشر الهجري، اعتمدت كل مرحلة في التفسير على مجموعة من العلوم التي عاصرت هذه المراحل، وبمفهوم آخر أن مطلب التجديد في التفسير إنما يُراد به الوصول إلى نتائج جديدة، وإلى فهم أعمق وأدق للقرآن، ومعلوم أن العملية التفسيرية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجانب النظري، أو قل هي تطبيق للجانب النظري، ولأن تلك العلوم هي مما يحتاجه المفسر للخوض في عملية التفسير، سواء كان لها علاقة مباشرة بالتفسير أو غير مباشرة، فإنه فكلما كان تطورا وتجديدا في الجانب النظري أردفه تطورا وتجديدا في الجانب التطبيقي، والعكس صحيح.
وبما أن علوم القرآن وتحديدا علم المناسبات من العلوم التي لها علاقة مباشرة بالتفسير، والتي تدخل تحت مسمى علوم القرآن التي تعتبر من أصول التفسير، فإن أي تطور فيه ينتج عنه تطور في مادة التفسير.
  وعليه نقول أن ظهور وتطور علم المناسبات القرآنية والذي له علاقة مباشرة بالتفسير لعب دورا كبيرا في دفع العلماء والمفسرين إلى التفكير في إيجاد مناخ ومجال لتطبيقه، إضافة إلى احتياج المسلمين إلى حلول لبعض مشاكلهم، وما أفرزته بعض الثقافات في البيئة الإسلامية وغيرها، كل هذا كان له أثر في توسيع الفهوم والمعاني، ومن أفضل المجالات لتطبيق هذا العلم هو التفسير، أو بالأحرى الجانب التطبيقي له والذي نقصد به مادة التفسير أو العملية التفسيرية[62].
وليس الأمر مقتصرا على التفسير فحسب؛ فعلم المناسبات ومراعاة السياق يكون في أي كلام متصل سواء كان في الشعر أو النثر أو غيرهما، ولكن في التفسير يكون بشكل أقوى وأدق، وهذا راجع بطبيعة الحال إلى طبيعة النص القرآني.
ولهذا توالت الدعوات والصيحات منادية بالتجديد في أصول التفسير مع أخذ الاعتبار علم المناسبات كأساس لذلك، كما سأوضح ذلك في المباحث التالية بإذن الله.
ولقد قررنا سابقا أن التجديد المرغوب والمنشود يساير ثلاثة مسائل، أولاً: ما يحيط بالتفسير من علوم، وثانياً: المادة التفسيرية، وثالثاً: قواعد ومناهج وطرق تدريس هذه المادة.
وأعني بما يحيط بمادة التفسير العلوم أو المباحث التي تدرس قبل الدخول إلى مادة التفسير، وهي ما يعطى عادة ضمن مسميات متعددة منها مثلا: مدخل إلى التفسير، أو علوم القرآن، وغير ذلك من العناوين التي لا تدخل إلى التفسير مباشرة، وهي موضوعات تكثر أو تقل بحسب ثقافة الكاتب وسعة إطلاعه، وهذا ما ذكره أيضاً الدكتور جمال أبو حسان[63]، والمدقق في هذه العلوم يرى أن بعض هذه العلوم لا صلة لها البتة بالتفسير، وبعضها له صلة مباشرة بالعملية التفسيرية[64]، وهذا الذي نريد الحديث عنه في هذا المطلب، وهل أن علم المناسبات القرآنية يُعد من هذه المسميات التي لها علاقة بالتفسير أم لا؟
  لقد ألف الأولون في علوم القران، وذكروا علم المناسبة كعلم من علومها، ووصفوه بأنه علم قد يخفى على كثير من المفسرين الذين اشتغلوا بعلم التفسير، وقالوا بأنه علم ضروري ومفيد للعملية التفسيرية، إلى جانب علم أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ...وغيرها.
ولارتباط هذا العلم بأصول التفسير كما لاحظنا، فإن له أهمية كبيرة في كشف المعاني وتجلية الأفهام إذا ما روعي في التفسير.
  ولهذا السبب بات من الواجب على المفسر أن يأخذ بعلم المناسبات كلما أقبل على تفسير آيات الكتاب، حتى يزيده فهما أوسع وأدق، وهذا ما سنتحدث عنه في الباب الثاني من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
وما يجب أن نحدده في هذا المقام هو علاقة علم المناسبة بأصول التفسير، حيث نسجل ذلك في نقاط:
-      علاقة علم المناسبات بمناهج التفسير: ويتجلى ذلك في منهج التفسير الموضوعي خاصة، حيث يركز هذا الأخير أساسا على علم المناسبات، فكلما توسع العلماء في هذا الأخير إلا وفرضت عليهم رؤى وآفاق أخرى في وضع مناهج جديدة لخدمة هذا العلم.
-      علاقة علم المناسبات بقواعد التفسير: ويظهر ذلك خاصة فيما استجد من إضافة واكتشاف بعض القواعد الجديدة في التفسير والتي تدور حول علم المناسبات، مثل قواعد التدبر الأمثل لتفسير القرآن الكريم، للأستاذ: (حبنكة الميداني)، حيث ركز بشكل أوسع ومباشر على قضية المناسبات.
-      علاقة علم المناسبات بخطوات العملية التفسيرية: حيث تسبق جميع المراحل قبل البدء في تحليل الآيات، والتفاسير المعاصرة تزخر بهذا المعنى، وبعض المحاولات تشهد بهذا.
-      علاقة علم المناسبات بشروط المفسر: ويبدو ذلك في العلوم التي ينبغي للمفسر الأخذ بها، وعلم المناسبات من العلوم التي يجب على المفسر الأخذ بها، بل والتوسع فيها.
-      علاقة علم المناسبات باتجاهات التفسير: لا يخضع علم المناسبات لاتجاه معين بل هو يسايرها جميعا، لأنه يكشف عن علاقة الكلام بعضه ببعض، وقد تكون هذه العلاقة إما في المعاني أو المباني، فإن كانت في المعاني فقد تكون المناسبة نفسية أو اجتماعية أو أخلاقية...، وإن كانت في المباني فقد تكون في النظم من ناحية الترتيب والدقة، ولهذا كان لعلم المناسبات القرآنية أثرا واسعا وكبيرا في تجلية معاني القرآن الكريم وفهمه.
-      كما ساير تطور علم المناسبة علم التفسير في جميع مراحله كما سنرى ذلك في الباب الثاني من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
وخلاصة هذا المطلب وإجابة عن التساؤلات التي طرحناها فنقول:
أن أصول التفسير قابلة للتجديد أيضا شأنها شأن العلوم الأخرى، حيث يمكن الزيادة عليها والإنقاص منها وترتيب عناصرها وتحرير مصطلحاتها، وتنقيتها مما خالطها مما ليس منها، وذلك بكشف العلاقة بين ما يستجد من علوم تخدم كتاب الله وما يتطور منها، وبين ما له علاقة بهذه الأصول، باعتبار أن أي تطور فيها يؤثر في هذه الأصول، ولعل أهم علم قابل للتطور والنمو وله علاقة وطيدة بالعملية التفسيرية، هو علم المناسبات، الذي له صلة بمناهج التفسير الحديثة، وله علاقة بقواعد التفسير، وبالعملية التفسيرية كخطوة من خطواتها، وله علاقة أيضا بآليات التفسير وأدواته، وباتجاهاته.
1-2-2: التجديد في العملية التفسيرية وعلاقته بعلم المناسبات
  كان قوام التفسير القديم على أمورلم تختلف عند واحد من الذين تعاطوا علم التفسير، وهي تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة[65] وتفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين، وهذا هو الإطار العام لما عرف قديما باسم التفســير بالمأثور، وفي داخل هذا الإطار العام يدخل التفسير باللغة وسياق الآيات المفسرة والأحوال المرافقة لنزول الآيات الكريمة وغير ذلك مما فتح الله على كل مفسر من بركات القرآن الكريم، وقد جاء عن علي رضي الله عنه ما يوضح هذا المعنى الخاص بهذا الجانب عندما سُئل هل عنده من خصوصية في علم القرآن؟، فقد أخرج البخاري عن أبي جحيفة قال: سألت عليا رضي الله عنه هل عندك عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن؟ فقال: لا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: فكاك الأسير، ولا يقتل مؤمن بكافر)[66]، والذي يفهم من الحديث أن التفسير كان يقتصر على فهم الآية أو مجموعة الآيات على ضوء معاني ألفاظ اللغة العربية، وشرح مفردات الآية وإعطاء مراد الله من الآيات بحسب فهم كل مفسر، وربما كان أقدم تفسير على هذا المنوال هو تفسير مقاتل بن سليمان (150)هـ، وقد عرف التفسير بعد ذلك تطورا وتجديدا منذ القرن الثاني كما أسلفنا سابقا، ولا يخفي على أحد من الناس علاقة تطور علم المناسبات القرآنية بتطور العملية التفسيرية، حيث أُلف في ذلك عدة أبحاث وكتابات.
ولعل المتتبع لتاريخ التفسير وتطوره يدرك ذلك جليا في كتب التفسير المختلفة، فلقد ظهرت مدارس واتجاهات متعددة ومناهج مختلفة اعتمد فيها أصحابها وسائل وأدوات متنوعة، وأسس وقواعد جديدة، ساعدتهم في البحث عن مفاهيم جديدة ومعاني أوسع، حيث وظفوها في التفسير، فتطورَ التفسير من التفسير بالمأثور إلى التفسير بالرأي إلى التفسير العلمي إلى اتجاهات أخرى؛ خلص أصحابها من خلالها إلى معاني جديدة وإلى فهوم أوسع تطلبتها كل مرحلة وأملتها كل مستجدات العصر، حيث كان لعلم المناسبات القرآنية أثر في كشف كثير من المعاني القرآنية الفريدة، وكأين من آية بان خطأ تفسيرها عند مراعاة المناسبة والسياق، مثل: منالمعانيالمتبادرةإلىالذهنالذمالمنسوبللشعراءفيقولهتعالى: ﴿والشعراءيتبعهمالغاوون،ألمترأنهمفيكلواديهيمون،وأنهميقولونمالايفعلون[67]، والحقيقةأنهليسالكلامذماللشعراءبحكمالسياقوالقرينة.
فالسياقهونفيدعوىالمشركينالقائلةببشريةالقرآنواختلاقه،والسياقيبدأمنقولهتعال:﴿وماتنزلتبهالشياطين[68]،ففيهنفيلتقولالقرآنوعدمإنزالهلاذمللشعراءمطلقا؛إذفيالشعرمنالحِكموالأمثالوبدائعالقولمالايأتيعليهالمدادعدا،وذلكبقرينةقولالنبيصلىاللهعليهوسلم: "إنمنالشعرلحكمة"[69]،أي: قولاصادقامطابقاللحق.
قالالإمامالألوسيفي "روحالمعاني"[70]،فيسياقتفسيرهللآياتالسابقة: «الظاهرمنالسياقأنهانزلتللردعلىالكفرةالذينقالوافيالقرآنماقالوا».
والسياقفيمجالتفسيرالقرآنلايمكنالحديثفيهبمعزلعنعلمالمناسبةأوالتناسب؛لأنهقدينظرإليهنظرةأعم، فيتجاوزالمفسرالنظرفيلُحمةالمقاطعالمتصلةإلىماهوأشملمنذلك،وهوالنظرفيسياقالسورةكلها،وكيفانتظمتمعانييأخذبعضهابحجزبعض،وهوفيذلكيوضحالمناسباتالخاصةبينآيةوأخرىداخلالسورةموضعالدرس،أي: دونأنيطغىالاهتمامبالسياقالأعمعلىالسياقالأخص[71].
وقد يكون التناسب في الألفاظ كما يكون في المعاني أيضا، ويكون بين أجزاء الآيات كما يكون في فواصلها وتذييلها، إلى غير ذلك من أنواع المناسبات.
الخاتمة:
في الاخير نأتي لتدوين بعض النتائج المتوصل لها في شكل نقاط محددة من خلال هذه الورقة البحثية فنقول:
1-إن التجديد عملية مستمرة في جميع مناحي الحياة الخاصة بالإنسان سيما في الوصول الى معارف جديدة وتطورات عرفها الناس عبر تاريخهم الثقافي.
2-إن التجديد في التفسير عملية طبيعية باعتبار أن طبيعة معاني القران لا نهاية لها؛ فهي تخدم كل الامم في أي مكان وفي أي زمان.
3-التجديد قد يكون في الاصول وقد يكون في الفروع لان الكل ياسس للكل والبعض من البعض.
4-التجديد في مناهج البحث يمنع الزلل والخطأ ويحافظ على الاصل.
5-ما زال البحث غير كافي في مجال التجديد في العلوم الانسانية عامة وفي العلوم الاسلامية خاصة



المصادر والمراجع:
1)                أبو الحسن الرماني، ومفهومه للإعجاز القرآني، للدكتور: أحمد جمال الدين العمري، (د.ط)، (د.ت).
2)                اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم في مصر، إبراهيم شريف، مكتبة القرآن الكريم للطبع والنشر والتصدير، مصر، (د.ت).
3)                اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، الدكتور فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي، الطبعة الأولى 1407 هـ، 1986م.
4)                اتجاهات التفسير في مصر في العصر الحديث،  د. عفت محمد الشرقاوي.
5)                اتجاهات التفسير في مصر وسوريا، د فضل حسن عباس، (د.ط)، (د.ت)، رسالة دكتوراه، غير منشورة.
6)                الإتجاهات المنحرفة في التفسير ومواجهتها . د. مصطفى سليمان.
7)                الإتقان في علوم القرآن، عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، تقديم وتعليق: د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، دمشق وبيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ه، ١٩٨٧ م
8)                الاتقان، السيوطي، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي 2004م، بيروت، لبنان.
9)                إحياء علوم الدين، الغزالي: ط. دار المعرفة، بيروت 1403هـ/1983م.
10)          إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، محمد بن علي الشوكاني، تحقيق وتعليق: د. شعبان محمد إسماعيل، دار السلام، القاهرة، الطبعة الأولى،١٤١٨ ه، ١٩٩٨ م.
أسباب الترول، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، عالم الكتب، بيروت، (د.ط)،
11)          الإيضاح في علوم البلاغة، جلال الدين أبو عبد الله محمد بن سعد الدين القزويني، دار الكتاب اللبناني، بيروت، الطبعة السادسة، ١٤٠٥ ه، ١٩٨٥ م.
12)          الإيضاح والتبيين في علوم القرآن الكريم، الرازي،  فخر الدين محمد بن عمر، عبد العزيز، د. سمير: مطبعة الفجر الجديد، القاهرة.
13)          الباقلاني وكتابه القرآن، دكتور عبد الرؤوف مخلوف، منشورات دار مكتبة الحياة، 1998، بيروت.
14)          البحر المحيط، أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي الغرناطي، دار الفكر، بيروت، طبعة جديدة منقحة مصححة، ١٤١٢ ه، ١٩٩٢ م.
15)          بحوث في أصول التفسير ومناهجه، فهد الرومي، مكتبة التوبة، طبعة4، 1419هـ .
16)          البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، دار الكتب العصرية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢١ ه، ٢٠٠١ م.
17)          بدائع الفوائد، ابن قيم الجوزيةّ، دار الكتاب العربي للنشر، الطبعة الأولى، سنة: 2002م،، تحقيق: عدنان درويش.
18)          البرهان في ترتيب سور القرآن، ابن الزبير الغرناطي، تحقيق: محمد شعباني، طبعة وزارة الأوقاف المغربية، سنة: (1410هـ/1990)م.
19)          البرهان في علوم القرآن، للإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأولى، (1376 هـ/ 1957م)، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركائه.
20)          البرهان في علوم القرآن، محمد بن عبد الله بنبدر الدين الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ١٣٩١ ه، ١٩٧٢ م.
21)          بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز الفيروز أبادي، محمد بن يعقوب، بتحقيقّ: الأستاذ محمد على النجار، مطابع شركة الإعلانات الشرقية، (د.ط)، (د.ت) القاهرة.
البلاغة فنونها وأفنانها د. فضل حسن عباس، (د.ط)، (د.ت) - علم المعاني







[1]- القاموسالمحيط،بابالدال،فصلالجيم،ج1،ص:551.
[2]- مختارالصحاح،للإمامالرازي،باب:الجيم،ص: 90.
[3]- لسانالعرب، ابن منظور،ج2، ص: 202.
[4]- لسان العرب، ابن منظور، ج1/ص:386.
[5]- حديث صحيح أخرجه أبوداود.
[6]- حسن شبالة التجديد وضوابطه، ص:04
[7]- بحث التجديد في التفسير، الدكتور محمد عويس، القاهرة، سنة: 28 أوت، 2010م.
[8]- القاموس الجديد للطلاب، علي بن هادية بلحسن البليش، والجيلالي بلحاج يحي/المؤسسة الوطنية للكتاب، الطبعة4، الجزائر، 1991م، ص:696.
[9]- تاج اللغة وصحاح العربية المسمى: "الصحاح" تأليف: إسماعيل بن حماد الجوهري الفرابي، إحياء التراث العربي/لبنان، بيروت، الطبعة4، سنة 2005م/1426هـ/ ج4/ص: 1612.
[10]- معجم تهذيب اللغة لابن منصور محمد بن أحمد الأزهري، تحقيق: رياض زكي قاسم، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط1، 2001م/مج3، ص: 2554.
[11]- سورة يوسف، آية: 68.
[12]- سورة فاطر، آية: 28.
[13]- سورة يس، آية: 81.
[14]- سورة الأنعام، آية: 73.
[15]- سورة المائدة، آية:11.
[16]- كتاب التعريفات، علي بن محمد الجرجاني (816هـ)، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن المرعشلي، دار النفائس، الطبعة4، (1424هـ/2003م)، ص: 232.
[17]- المصدر نفسه، ص: 233.
[18]- لسان العرب، جمال الدين ابن منظور، تحقيق: عامر أحمد حيدر، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 2003م/1424هـ، ج6، ص: 134.
[19]- سورة الفرقان: آية 33.
[20]- معجم تهذيب اللغة، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، تحقيق: د. رياض قاسم، دار المعرفة، الطبعة:1، سنة: (1422هـ/2001م)، بيروت، لبنان. المجلد الثالث، ص: 2787.
[21]- حديث رواه الترميدي، في سننه، باب: ما جاء في الإسفار، ج1، ص: 263، ورواه النسائي في باب: الإسفار بالفجر، ج2، ص: 277، ورواه أحمد في المسند من طريق رافع بن خديج، ج35، ص: 150/ج48، ص: 157/ ج48، ص: 172. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: ج1، ص: 345،355، 457، 478. ورواه الطبراني في المعجم: ج9/4/17، ص: 460،13،150. ورواه البيهقي في الآثار، باب: الصبح، ج2، ص: 325.
[22]- تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، دار إحياء التراث العربي، الطبعة4، 1426هـ/2005م، بيروت لبنان، الجزء: 2، ص: 589.
[23]- البرهانفيعلومالقرآن،للإمامبدرالدينمحمدبنعبداللهالزركشي،تحقيق:محمدأبوالفضلإبراهيم،الطبعةالأولى،(1376 هـ/ 1957م)،دارإحياءالكتبالعربية،عيسىالبابيالحلبيوشركائه، ج1، ص: 147.
[24]- كشاف اصطلاحات الفنون، محمد علي الفاروقي التهانوي، تحقيق: لطفي عبد البديع، المؤسسة المصرية، العامة، مكتبة النهضة العربية، الطبعة:1، 1382هـ /1963م، ص: 33.
[25]- البحر المحيط، علي بن يوسف أبي حيان الأندلسي، ج1، ص: 14.
[26]- البرهانفيعلومالقرآن،بدرالدينمحمدبنعبداللهالزركشي،(مصدر سابق)، ج1، ص: 13.
[27]- معجم تهذيب اللغة، ج1، ص: 127.
[28]- كتاب التعريفات، (مصدر سابق)، ص: 85.
[29]- الديوان، ص: 03.
[30]- سورة إبراهيم، آيةّ: 24.
[31]- معجم تهذيب اللغة، ج1، ص: 128.
[32]- سورة الحشر، آية: 05
[33]- انظر : لسان العرب، مادة ( أصل ) ج11/16.
[34]- الصحاح، (مصدر سابق)، ج4، ص: 1313.
[35]- أصول التفسير وقواعده، لخالد عبد الرحمن العك، ص: 30.
[36]- بحوث في أصول التفسير، للدكتور فهد الرومي، ص: 11.
[37]- فصول في أصول التفسير، لمساعد الطيار، ص:13.
[38]- التحبير (1/147).
[39]- الزركشي، البحر المحيط، ج1، ص:11.
[40]- أصول التفسير وقواعده- لخالد عبد الرحمن العك (مصدر سابق)، ص 31 بتصرف.
[41]- بحوث في أصول التفسير ومناهجه، فهد الرومي، مكتبة التوبة، طبعة4، 1419هـ ص: 11.
[42]- المصدر نفسة، ص: 12.
[43]- سورة البقرة، آية: 127.
[44]- لسان العرب، مادة قعد.
[45]-  التعريفات للجرجاني، ص: 177.
[46]- قواعد التفسير (جمعا ودراسة)، للباحث خالد بن عثمان السبت، الطبعة الأولى 1417هـ الصادرة عن دار ابن عفان – السعودية، ص: 06.
[47]- البحر المحيط، علي بن يوسف أبي حيان الأندلسي، ج1، ص: 14.
[48]- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، دار الفكر، بيروت، 1979م، ج5، ص: 423.
[49]-ابنمنظور: لسانالعرب،مادةنسب،-الفيروزابادي: القاموسالمحيط،مادةنسب،والزركشي:البرهان: ج1/35،السيوطي،الإتقان: ج2/108،السيوطي،معتركالأقران: 45- 59.
[50]- سورةالصافات، آية: 158.
[51]- سورةالفرقان،جزءمنالآية: 54.
[52]- سورةالمؤمنون،الآية: 101
[53]- الألمعي: دراساتفيالتفسيرالموضوعي 77،مسلم: مباحثفيالتفسيرالموضوعي 58.
[54]-نظمالدررللبقاعي: 1/6.
[55]- مباحثفيعلومالقرآن،لمَنَّاعالقَطَّان،مؤسسةالرسالة،بيروت،ط: 22،ص: 97.
[56]-  إشارة إلى قول السيوطي: المناسبةأمرمعقولإذاعُرِضَعلىالعقولتلقتهبالقبول.السيوطي: الإتقان 2/108.
[57]- دلائلالنظامللفراهي،ص: 75،الدائرةالحميديةومكتبتها،الهند: 1388هـ.
[58]- منهجية التعامل مع علوم الشريعة، عدنان زرزور، بحث مقدم لمؤتمر الشريعة، طبعة المعهد العالمي للفكر الإسلامي، عام 1995م، ص: 131.
[59]- التجديد في التفسير مادة ومنهاجا، بحث للدكتور جمال أبو حسان –كلية الشريعة- جامعة الزرقاء الأهلية، مكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية، الأردن/ ص: 17.
[60]- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، حاجي خليفة، دار الفكر، 1983، ج1، ص: 35. أما الأمثلة فهي ليست له.
[61]- التجديد في التفسير، نظرة في المفهوم والضوابط، (93)صفحة، عثمان أحمد عبد الرحيم، طبعة وزارة الأو قاف والشؤون الإسلامية، الاصدار الحادي عشر، الكويت. المقدمة، ص: 01.
[62]- لا يرتبط علم المناسبات فقط بكشف العلاقة بين آيات القرآن، بل يمكن استعماله في مجالات أخرى كالشعر والنثر والخطب والمقالات وغير ذلك.
[63]- التجديد في التفسير مادة ومنهاجا، ص: 14.
[64]- ولنأخذ مثلاً كتاب السيوطي المسمى بالإتقان في علوم القرآن؛ الذي يعد من خير ما ألّف في علوم القرآن الكريم فإنك تجده وقد جعل علوم القرآن في ثمانين علماً ولو ألقيت النظر على هذه العلوم لوجدتها على قسمين اثنين:
القسم الأول: علوم ليس لها دخل مباشر في تفسير القرآن بمعنى يمكن تفسير الآية أو الآيات بدون معرفة هذا العلم، أو يمكن أن يقال إن معرفته لا تؤثر إيجابا أو سلباً على تفسير القرآن الكريم من حيث هو تفسير لكلام الله تعالى.
القسم الثاني: قسم له دخل مباشر في التفسير ويؤثر إيجابا أو سلباً على فهم الآية الكريمة. انظر التجديد في التفسير، جمال أبو حسان، ص: 18.

[65]- يختلف التفسير النبوي عن التفسير بالمأثور، ذلك أن التفسير النبوي ما وقف على رسول الله – صلى الله عليه – وما نسب إليه من أنه تفسير للآية، أما التفسير بالمأثور فهو كل ما أثر من تفسير القرآن بالقرآن، أو بالحديث أو من أقوال الصحابة.
[66]-صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، (ت: 256هـ- 870م)، في عدة مواضع، انظر مثلا: ج6/2662، طبع دار ابن كثير، بيروت، سنة: 1987م، تحقيق: د. مصطفي البغا. وانظر فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج9/65، طبع دار المعرفة، بيروت، سنة: 1379م، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب.
[67]- سورةالشعراء، الآيات:223-224-225.
[68]- سورة الشعراء، آية: 210.
[69]-  خرجهالبخاريفيصحيحه10/553،بابمايجوزمنالشعروالرجزوالحداءومايكرهمنه، ح:6145.
[70]- الألوسي، روح المعاني، ج19، ص:147.
[71][71]- السياقوأهميتهفيسلامةالاستدلال، (مصدر سابق)، ص: 21.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)
12/sidebar/التفسير