كتاب مستجدات فقهية

 

 

مستجدات فقهية معاصرة

-متعلقة بالمرأة-

Contemporary jurisprudence developments

-related to women-

 

تأليف

الدكتور رياض عميراوي

المدرس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الاسلامية

 

https://orcid.org/0000-0002-6057-8651

El Emir Abd-Elkader University Of Islamic Sceionses

الطبعة الأولى 2022م

 

المستجدات الفقهية المتعلقة بالمرأة

أولا: مسائل في العبادات والمعاملات

الوضوء على طلاء الأظافر – إمامة المرأة في الصلاة

ثانيا: مسائل خاصة

ختان المرأة - كي شعر المرأة

ثالثا: مسائل في الشعوذة وبعض الأنكحة

ضرب الفنجان – ضرب الودع واليخت- الزواج الأبيض – الزواج العرفي

رابعا: مسائل حديثة في إثبات النسب

البصمة الوراثية ودورها في إثبات النسب ونفيه والآثار المترتبة عن ذلك

 

 

 

 

أولا: مسائل في العبادات والمعاملات

مسألة الوضوء على طلاء الأظافر (المناكير)

مقدمة

تعريف الأظافر

تعريف المناكير

هل تخصيب الاظافر تعرفه العرب

هل هناك بديل لهذه الزينة

حكم الوضوء على المناكير

حكم المسح على المناكير أو الوضوء بعد وضعها

حكم استعمال المناكير وهل يجب إزالتها عند الوضوء

حكم وضوء من كان على أظفارها مناكير

جواز الوضوء على المناكير

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

لعل أهم شيء في حياة المسلم تحسين علاقته بالله رب العالمين، وأفضل شيء تعلمه بعد الإيمان بالله هو كيفية طاعته وعبادته، ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾الانعام17، وقوله تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين، وعلى المؤمن أن يحسن عبادة ربه لحديث النبيr: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"[1]  ومن أهم هذه العبادات الصلاة، ولا يقبل الله صلاة عبد إلا بطهارة تامة كاملة، والطهارة تقتضي أركان وشروط وواجبات.

ولعل ما يحول بين صحة الطهارة وعدمها أسباب وشروط متعلقة بها، ومفاسد ونواقض تفسدها، ومن بين الأمور المستجدة في حياة المرأة أشياء لم تكن معلومة في الماضي، مما جعل عدم التطرق لها أمر وارد رغم وجود أصل المسألة وهي الوضوء على الحائل، مثل حكم الوضوء على طلاء الأظافر، والذي نريد أن نكشف عنه من خلال هذا البحث.

 

تعريف الأظافر:

لغة: جاء في المعجم الوسيط[2]: الظُّفْرُظُفْرُ: الظُّفْرُ (بتسكين الفاء وضمِّها): الأُظْفُورُ، والجمع: أَظفار.

وأَظافيرُ،  ويقال: رجلٌ مُقَلَّمُ الظُّفْر، أو كَليلُ الظُّفْرِ: مَهينٌ حَقِيرٌ.

إصطلاحا:

الأظافر عبارة عن شكل أكثر سمكآ وصلابة من أشكال طبقة البشرة، وما هو إلا حصيرة أكثر صلابة وسمكآ من الطبقة العلوية للجلد، وتتكون الأظافر من خلايا ميتة وهي بدورها تتكون من نوع قوي من الكيراتين، وهي: عبارة عن ألواح سميكة وصلبة من الخلايا الميتة من طبقة البشرة، ومهد الظفر نسيج حي وهو (قاعدة مهد الظفر) ينتج باستمرار خلايا جديدة (خلايا الظفر)، والتي تموت وتلتصق ببعضها البعض لتكون مادة صلبة، فتصنع الظفر، ويقوم غمد الظفر بحماية قاعدة الظفر من البكتيريا والفطريات المسببة للعدوى[3].

وسرير الاظفر Nail bed يقع في السطح الظهري من السلامية الاخيرة، ويكون الجذر الخلفي من الاظفر، أما قسمه الظاهر القريب من الجذر فيكون هلالي الشكل عادة أبيض اللون يسمى بالعلامة الهلالية Lunula ويعزى نمو الاظفر إلى الانقسامات المتكررة المستمرة لخلايا الطبقة المولدة من البشرة:

الوصف: http://www.tbeeb.com/pic/uploads/1c37b007a8.jpg

تتكون الأظافر أساسآ من المادة البروتينية الخاصة بالجلد والتي تعرف بـ الكيراتين keratin، وهذه المادة تحتوي على 15% من وزنها ماء بجانب نسبة من الاملاح المعدنية، ولا يشكل الكالسيوم في تكوين الأظافر أهمية كبيرة، وينعكس ذلك بصورة غير مباشرة على نمو الأظافر، وهكذا يتضح أن العلاقة بين الكالسيوم و نمو الأظافر علاقة غير مباشرة، ولكن عند حدوث نقص في الكالسيوم (وهذا يحدث غالبآ مع نقص فيتامين د) فإن الشعر والأظافر قد تفقد بعض مرونتها مما يؤدي إلى سهولة تكسرها.

ينمو الاظفر كل يوم بمعدل 0.1 مليمتر، إلا أنه بحاجة من 4 – 6 شهور ليتجدد بالكامل، وقد تستغرق أظافر القدم عامآ كاملآ لتجديد نفسها الأظافر الصحية تبدو ناعمة ملساء مستديرة استدارة طفيفة وصلبة ولا يوجد بها حواف أو اخاديد، كذلك هي موحدة في اللون وخالية من البقع أو تغير في اللون[4].

-تعريف طلاء الأظافر (المناكير): وهي تلك الأصبغة المختلفة الألوان التي تضعها المرأة على أظفارها فتغطيها بطبقة من الصباغ أو الشمع للزينة.

وهي مادة لها جرم قد يكون رقيقًا وقد يكون كثيفًا ولا يزول بسهولة فقد يكشط بآلة حادة وقد يُذاب ببعض الأحماض.

قال سيد سابق في فقه السنة متحدثا عن المسائل التي يحتاج المتوضئ إلى معرفتها: وجود الحائل مثل الشمع على أي عضو من أعضاء الوضوء يبطله، أما اللون وحده كالخضاب بالحناء مثلاً فإنه لا يؤثر في صحة الوضوء لأنه لا يحول بين البشرة ووصول الماء إليها[5].

هل تخضيب الأظافر تعرفه العرب؟

يقول الشيخ عطية بصفر – رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر رحمه الله: كان العرب قبل الإسلام يختضبون بالحناء والكتم يلونون بهما الجلود والشعر والأظافر، وأقره الإسلام بل ندب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا مع التحفظ في صبغ الشعر باللون الأسود.

هل هناك بديل لهذه الزينة؟

أطلقت شركة لإنتاج مستحضرات التجميل منتجا جديدا لطلاء الأظافر يتماشى مع التعاليم الإسلامية، بحسب ما ذكرت بعض التقارير الصحافية، فقد نجحت شركة "إنجلوت" لمستحضرات التجميل في إنتاج طلاء أظافر يسمح بمرور المياه من خلاله ليصل إلى الأظافر، وبذلك لا تحتاج السيدة المسلمة لإزالته عند الوضوء لكل صلاة، بحسب ما ورد في موقع "ديكان كرونيكل"،
وأطلقت الشركة اسم "O2M" على المنتج الجديد، الذي سيعطي كامل الحرية للسيدة المسلمة للتزين بألوان طلاء الأظافر التي ترغب بها، دون أن يحول ذلك دون إتمامها للوضوء وقيامها بالصلوات في مواعيدها.

فالمنتج الجديد مصنوع من مادة الـ"بوليمر" والتي تستخدم في صناعة العدسات اللاصقة للعيون، وهي تسمح بوصول الأوكسجين وبخار الماء إلى الأظافر.

هذا وقد أنتجت إحدى الشركات الصينية مؤخراً نوعا جديدا من طلاء الأظافر قابل للإزالة بسهولة دون الحاجة إلى استخدام مادة "الأسيتون"، حيث لاقى هذا المنتج إقبالا كبيرا من جانب السيدات في مصر، وبالأخص بعد ما حمل اسم "المانيكير الإسلامي"

وهناك مادة أخرى تطلي الظافر ولا تشكل جرم يمنع وصول الماء وهي: مادة "الفازلين".

حكم الوضوء على المناكير:

لقد ذهب الكثير من علماء المسلمين إلى اعتبار طلاء الأظافر غير مناسب للمرأة المسلمة، وذلك لأنه يكوِّن حاجزا يمنع وصول المياه إلى الأظافر أثناء الوضوء، لذلك فكثير من السيدات المسلمات الراغبات في التجمل بطلاء الأظافر يلجأن إلى إزالته عند كل صلاة لكي يكون وضوؤهن سليماً.

يقول الدكتور أمجد علي سعادة[6]:  المناكير أو طلاء الأظافر في أصلها نوع من الزينة، ولها أحكام الزينة، وهي:  طبقة مانعة من وصول الماء الى الأظافر التي هي جزء من اعضاء الوضوء، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى رجلا قد توضأ ولكن بقي في رجله لمعة (منطقة لم يصلها الماء) قدر الدرهم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يعيد الوضوء، فدل ذلك على ان هذا القدر مفسد للوضوء، والأظافر بمجموعها أكثر من هذا القدر بكثير، كما صح ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ويل للاعقاب من النار، والاعقاب هي اسافل القدم التي غالبا ما يغفل عنها الناس، وهي اسفل القدم من الخلف، وفي هذا دلالة على وجوب العناية بكافة اعضاء الوضوء والحرص على ايصال الماء اليها.

وسُئل فضيلة الشيخ ابن عتيمين‏:‏ عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء‏)‏‏؟‏

فأجاب - حفظه الله تعالى - بقولة‏:‏ معنى هذا الحديث أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة، فإنهم يحلَّون فيها كما قال الله عزّ وجلّ في سورة الكهف:‏ ‏﴿‏يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ‏﴾،‏ وكما قال في سورة الحج وفاطر‏:‏ ‏﴿‏يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا‏﴾،‏ وكما قال: ‏﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ‏﴾،‏ فالمؤمن يُحلى في الجنة - رجلاً كان أو أمرأة - بهذة الحلية، وتكون إلى حيث يبلغ الوضوء، فعلى هذا تبلغ الحلية في اليدين إلى المرفقين لأن الوضوء يبلغ إلى المرفقين، هذا معنى الحديث الذي أشار إليه السائل[7] ‏.

ويقول الاستاذ عبد الحليم محمود: إن الوضوء على طلاء الأظافر باطل، وذلك أنه لا يتمثل في طلاء الأظافر عذر شرعي[8].

وعليه فإن المناكير يجب ازالتها للوضوء، ولا يجوز المسح عليها، و الله اعلم

  لطيفة متعلقة بالمناكير: كان يقول بعض أهل العلم في المناكير أن أصلها جمع منكر.

 حكم المسح على المناكير أو الوضوء بعد وضع المناكير أو طلاء الأظافر:

لا يجوز الوضوء دون إزالة طلاء الأظافر أو المناكير، حتى وإن تم وضعها على طهارة أو وضوء، وذلك لأن من شروط صحة الوضوء هو تعميم أعضاء الوضوء بالماء، ويعتبر طلاء الأظافر أو المناكير مانعا حسيا يمنع وصول الماء إلى الأظافر كالدهان وما شابهه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى رجلا توضأ إلا أنه كان في قدمه منطقة صغيرة لم يصلها الماء قدر "درهم" فأمره صلى الله عليه وسلم ان يعيد الوضوء[9]، والله اعلم-

حكم استعمال المناكير، وهل يجب إزالتها عند الوضوء ؟:

من شروط صحة الطهارة أن يمس الماء الجلد، فلو حال بين الجلد وبين الماء حائل من دهون أو طلاء أو شمع أو لصقات لم تصح الطهارة والصلاة وعلى تلك الحالة صلاته باطلة غير مجزية: هل مسموح في الإسلام الصلاة والأظافر ملونة؟ يباح للمرأة طلاء الأظافر للزينة بما لا يضر، ولا حرج عليها في الصلاة بها، إلا إذا كان لهذا الطلاء مادة تمنع وصول الماء لما تحته، فلا يصح الوضوء والغسل إلا بعد إزالتها، وإذا لم يصح الوضوء لم تصح الصلاة.

وقد جاء في كتاب:( الفقه على المذاهب الأربعة) أن مما اتفق عليه علماء المذاهب الأربعة في شروط صحة الوضوء وعدم الحائل المانع من وصول الماء إلى البشرة، كشمع ودهن وعجين ونحوهما، ومنه غماص العين والأوساخ المتجمدة على العضو، ولا شك أن طلاء الأظافر مادة لها جرم كالشمع والعجين فلا بد من إزالتها ليصل الماء إلى ما كان مستورًا بها، وليس هناك وجه معتبر لقياس طلاء الأظافر على الخاتم عند المالكية فقد جاء في كتاب المذاهب الأربعة[10]، إنهم يقولون بعدم وجوب تحريك الخاتم لضيق الذي يمنع وصول الماء على ما تحته إذا كان الخاتم حلال، أما إذا كان حرامًا ضيقًا فيجب تحريكه عن موضعه ومن هذا قال بعض المعاصرين: يقاس طلاء الأظافر على الخاتم الضيق في أن كلا منهما حلال فلا تجب إزالته ليصل الماء إلى ما تحته، ومع وضوح السر في التفريق عندهم بين الخاتم الحلال والخاتم الحرام فإن هناك ملاحظتين هامتين:-
أولًا: أن المالكية أنفسهم قالوا إذا نزع الخاتم الضيق الحلال بعد تمام الوضوء والغُسل وجب ما تحته.

ثانيًا: لماذا يُقاس طلاء الأظافر على الخاتم من بعد الفرق بينهما ؟ ولا يقاس على الدهن والشمع والعجين مع تمام الشبه بينهما وإجماع الفقهاء على عدم صحة الوضوء والغُسل مع وجودها.

لا يصح أن يقاس الطلاء على الجبيرة فيكفي بالمسح عليه دون ضرورة إزالته، وذلك لأن الجبيرة وضعت لعذر وهو تضرر العضو من الماء، أمَّا الأصابع فلا يوجد عذر يحول المسح عليها.

وسُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ماحكم وضع المناكير لمدة خمس فروض ثم مسحه، هل يجوز ذلك ؟

فأجاب: لا أصل لهذا وليس مثل المسح على الخفين حتى يوضع خمسة فروض، هذا التحديد للخفين التي يجوز المسح عليها، أمَّا المناكير فلا ينبغي وضعها، فإذا وضعت فلتغسل وتزال عند الوضوء ويكفي عنها الحناء فالحناء كافية، لكن هذا إنما دخل على الناس ليتشبهن بغير المسلمين وللاقتداء بالكفار، فالمناكير على اسمها مناكير لا حاجة إليها، فإذا وضعت على الأظافر تزال عند الوضوء فلا يتوضأ عليها لأنها تمنع وصول الماء إلى البشرة وإلى الظفر فإن لها جسمًا فيزال عند الوضوء.[11]


حكم وضوء من كان على أظافرها ما يسمَّى بالمناكير ؟ 

ما يسمَّى بالمناكير، لا يجوز استعماله للمرأة إذا كانت تصلي؛ لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة، وكل شيء يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ أو للمغتسل؛ لأن الله تعالى يقول: "فاغسلوا وجوهكم وأيديكم" سورة المائدة، وهذه المرأة إذا كان على أظافرها مناكير فتكون قد تركت فريضة من فرائض الوضوء أو الغُسل، وأمَّا من كانت لا تصلي كالحائض فلا حرج عليها إذا استعملته إلَّا أن يكون الفعل من خصائص النساء الكفار فإنه لا يجوز لما فيه من التشبه بهم.

"وبعض الناس أفتى بأن هذا من جنس لبس الخفين وأنه يجوز أن تستعمله المرأة لمدة يوم وليلة إن كانت مقيمة ومدة ثلاثة أيام إن كانت مسافرة، ولكن هذه فتوى غلط، وليس كل ما ستر الناس به أبدانهم يلحق بالخفين، فإن الخفين جاءت الشريعة بالمسح عليهما للحاجة إلى ذلك غالباً، فإن القدم محتاجة إلى التدفئة ومحتاجة إلى الستر، لأنها تباشر الأرض، والحصى، والبرودة، وغير ذلك، فخصص الشارع المسح بهما، وقد يقيسون أيضاً على العمامة، وليس بصحيح لأن العمامة محلها الرأس، والرأس فرضه مخفف من أصله، فإن فريضة الرأس هي المسح بخلاف اليد، فإن فرضيتها الغسل، ولهذا لم يبيح النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تمسح القفازين مع أنهما يستران اليد، فدل هذا على أنه لا يجوز للإنسان أن يقيس أي حائل يمنع وصول الماء على العمامة وعلى الخفين، والواجب على المسلم أن يبذل غاية جهده في معرفة الحق، وأن لا يقدم على فتوى إلا هو يشعر أن الله تعالى سائله عنها، لأنه يعبر عن شريعة الله عز وجل، والله الموفق وهو الهادي إلى الصراط المستقيم".[12]
وجاء في فتوى رقم الفتوى28359 للمفتي أ.د. أحمد الحجي الكردي، خبير في الموسوعة الفقهية، وعضو هيئة الإفتاء في دولة الكويت، بتاريخ:2008-04-03 م:

"الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

إذا وضعت المرأة طلاء الأظفار ثم انتقض وضوؤها فلا يصح وضوؤها بعد ذلك حتى تزيل الطلاء من على الأظفار؛ لأنها تمنع وصول الماء إلى الأظفار، وهو شرط في صحة الوضوء، ولا يمكن أن تتوضئ مع وجود هذه المناكير المانعة لوصول الماء إلى البشرة، إذ لا يصح قياس ذلك على الجوارب السميكة عند أحد من الفقهاء[13]. والله تعالى أعلم.

جواز الوضوء على المناكير

أما الدكتور ناصر عبد الرحمن الحمد يرى غير ذلك:

فالشريعة الإسلامية راعت مشاعر الأنثى في كثير من الأمور الشرعية وخاصة فيما يتعلق بالزينة فقد أصبحت الزينة في حياتها حاجة وأحيانا ضرورة فقد أباح الله تعالى كثيرا من الزينة أو مكان طريقا لها مثل الخاتم والأساور مع أنها مانعة لوصول الماء وهي في حقيقة اليد أو الرجل ومثل العسل أو غيره مما يلبد به مع أنه مانع من وصول الماء، ومثل الأدهان المتنوع فإنه ولو كان الماء يجري فوقها إلا أنه حقيقة لا يغسل البشرة أو يحدث لها شيئا.

الأمر الآخر في الحكم: أن الظفر ومثله الشعر هو من الأجزاء المنفصلة وليست من الأشياء المتصلة ذكر الإمام ابن رجب الحنبلي-رحمه الله- في كتابه النفيس "في قواعد الفقه" قال: شعر الإنسان والحيوان في حكم المنفصل لا في حكم المتصل وكذلك الظفر على ظاهر المذهب".

وأيضا فإن الظفر ليس من البشرة عند أهل اللغة  فإذا كان منفصلا وليس من البشرة لم يكن علينا أن نشبهه بالمتصل من البشرة، فهناك أحكام للشعر والظفر ليست للبشرة والجلد وأقول حينئذ: يجب أن يكون حكم الظفر ليس مثل حكم البشرة او ما اتصل وأيضا فطلاء الأظافر لا يمنع إسباغ الوضوء الذي أمر به الشرع، ثم إن ظاهر الأظفار لا يحمل الوسخ والقذر غالبا والأحاديث التي جاءت في ترك موضع لم يأته الماء جاءت في الأمر بإحسان الوضوء والمرأة التي تستعمل المناكير مادامت غسلت أعضاء الوضوء كاملة هي محسنة في وضوئها وسابغة له ولا ينبغي أن نقول أن وضوءها غير صحيح بسبب ما على الظفر من زينة أباحها الله تعالى ويجهدها إزالتها بخلاف لو كان ما على الظفر ما يسهل إزالته كعجين وطين ونحو ذلك فمن السهل إزالته، فإذا كانت المرأة يشق عليها إزالة ذلك بل وكثير من النساء تجد حرجا في وضعه لأجل الوضوء بل وتترك التجمل بما أباحها الله تعالى وفطرها من حب التجمل لأجل أنه مانع لوصول الماء.

 فإن الرأي الحق والله أعلم وبما أن الشريعة مبناها على التيسير لا التعسير فإنه يصح الوضوء مع وجود طلاء الأظفار والأحوط أن يزال في غسل الجنابة وهذا لا يعني أني أدعو إلى إطالة الأظافر كلا فقد جاءت الفطرة السوية بتحديد المدة لطول الأظفار وهو أربعين يوما وبعده لا ينبغي للفتاة أن تتقصد إطالته عن حده ولو قصت جزءا منه يعد الأربعين ليكون بشكل طبعي ولا يجمع الوسخ فلا بأس[14]. والله أعلم

ويقول أ.د محمود عكام - أستاذ الشريعة بالجامعات السورية: ردا على سؤال:

إذا وضعت المرأة طلاء الأظافر (المناكير) على يديها وكانت على طهارة (وضوء)، ثم أرادت أن تتوضأ بعد فترة هل يكفي غسل الطلاء دون الأظافر، أم لا بد من إزالة الطلاء ليصيب الماء الأظافر؟ 

"طلاء الأظافر من المواد التي تحول دون وصول الماء إلى البشرة؛ وهو من شروط صحة الوضوء؛ فإزالته واجبة قبل الوضوء إلا لو وجدت مشقة تحول دون ذلك؛ فإن الوضوء عليه صحيح بإذن الله إذ وجب التيسير مع المشقة، فالوضوء الثاني وضوء جديد بكامله، فيشترط فيه إتمام الوضوء بشروطه وأركانه كاملة، ولا يستصحب فيه طهارة عضو قد تم غسله سابقاً (يستثنى من ذلك ما ورد فيه نص كالمسح على الخفين). 

ومن شروط صحة الوضوء المتفق عليها عند جمهور الفقهاء عموم أعضاء الوضوء بالماء الطهور، وإزالة ما يمنع وصول الماء إلى العضو، فلا بد من غسل العضو كاملاً وعدم ترك أي جزء منه ولو كان مقدار مغرز إبرة، فيتوجب بذلك إزالة طلاء الأظافر عند النساء حين الوضوء.

والدليل على ما سبق قوله صلى الله عليه وآله وسلم للقيط بن صَبرة كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد وغيرهم: "أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع".

والمراد بالإسباغ: تعميم وإيصال الماء إلى كامل العضو الواجب غسله.

لكن إذا تعذرت الإزالة، أو كان في تحقيقها صعوبة ومشقة، صح الوضوء بلا إزالة، فالمشقة تجلب التيسير وعُدَّ الطلاء جزءاً من العضو المغسول ما دام قد شقَّ فصله [15].

الخاتمة: وفيها أهم نتائج البحث:

1-             اختلف العلماء المعاصرون في هذا الأمر -وضع طلاء الأظافر أو التزين بالمانوكير- المستجد عند المرأة، فمنهم من يرى منعهم منه بتاتا، لأنه تشبه بالكفارات، ومنهم يرى أنه من الزينة المحببة الى الشريعة خاصة إذا كانت في حدود اللياقة مع من تحل لها إظهار زينتها لهم.

2-             إختلف علماء العصر في حكم الوضوء على هذه الأصبغة فمنهم من قال بتحريمه على اعتبارات معينة، مثل حولان هذه المواد من وصول الماء إلى الظفر، وأجازه آخرون لاعتبارات أخرى مثل التيسير ودفع المشقة.

3-               وخلاصة الأمر أن حكم الوضوء على طلاء الأظافر المعروف بالمانوكير لا يجزء، هذا إذا افترضنا أن الماء لا يصل إلى الأظافر بسببه، وهذا هو المشهور في الواقع وأغلب الفتاوى تكاد تجمع على ذلك، وهذا مرده إلى الأحاديث السابقة الواضحة الدلالة، في قضية وصول الماء الى الظفر وعدمه، أما إذا لم تحل هذه الأصبغة من وصول الماء إلى الظفر فلا حرج في ذلك مثل: "الأسيتون"، و"الفازلين"، و"البوليمر"، اللهم إلا إذا تعلق الأمر بحكم وضع المناكير في الشريعة الإسلامية، فهذا أمر ليس من مبحثنا.

4-             اختلفوا في الظفر هل هو امتداد للجلد، أم لا، فإن كان من الجلد فهو إذا مما يجب غسله من الأعضاء أثناء الوضوء، ولا يكون الوضوء صحيحا إلا إذا وصل إليه الماء.

5-             لا قياس بين المسح على الجبيرة، ولا على الخفين بوضع هذه الصبغة والمناكير على الظفر، لأن الجبيرة ضرورة لحماية العضو من وصول الماء إليه أساسا، ولحفظه من الآفات والأمراض التي ممكن أن تصل إليه، فهي ضرورة شرعية، ومثله الخف الذي يقي من البرد ونزعه أيضا فيه مشقة خاصة للمسافر، ليس مثل المناكير، فهي للزينة فقط.

6-             لا قياس للمناكير على الخاتم الحلال عند المالكية، إذ جوزوا مرور الماء من فوقه دون تحريكه.

 

 .

 

 

 

 

 

مسألة: إمـامـة المـرأة

مقدمة

الخلاف في حكم صلاة المرأة بالنساء

جواز صلاة المرأة على الجنازة

الخلاف في إمامة المرأة للرجال في الصلاة

مأخذ المالكية عدم جواز إمامة المرأة مطلقا

إمامة المرأة عند السادة المغاربة

خلاصة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

 قال الإمام ابن قدامة: اختلفت الرواية هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة، فروي أن ذلك مستحب، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة، وأم سلمة، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وروي عن أحمد رحمه الله - أن ذلك غير مستحب، وكرهه أصحاب الرأي وإن فعلت أجزأهن، وقال الشعبي، والنخعي، وقتادة لهن ذلك في التطوع دون المكتوبة، وقال الحسن وسليمان بن يسار: لا تؤم في فريضة ولا نافلة، وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحداً[16].

وقال الإمام ابن رشد: (واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك)[17].

 وبناء على ما تقدم فإن بإمكان المرأة أن تؤم النساء في الصلاة لثبوت ذلك عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما[18] .

والقول الراجح من أقوال أهل العلم في إمامة المرأة للنساء أنه يجوز للمرأة أن تؤم النساء وتصلي بهن الفريضة والتراويح، ولا تتقدم على الصفوف كالرجال بل تتوسط الصف الأول، وإذا كانت المأمومة واحدة وقفت عن يمين من تؤمها، لما روي أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، أمتا نساء فقامتا وسطهن.

 قال الإمام النووي: «حديثا إمامة عائشة وأم سلمة رواهما الشافعي في مسنده، والبيهقي في سننه بإسناد حسن»[19].

الخلاف في جواز إمامة المرأة للنساء

اختلفوا في امامة المرآة إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يجوز لها أن تؤمهن في فريضة ولا نافلة وهو مذهب المالكية، قال مالك كما في المدونة: "لا تؤم المرأة"، وقال الإمام الخرشي في شرح مختصر خليل: "لا تصح إمامة المرأة سواء أمت رجالا أو نساء في فريضة أو نافلة" إلا أنها لو صلت بهن فصلاتها صحيحة، ولو نوت الإمامة، أما من اقتدى بها منهن فعليهن الإعادة على المذهب وفي قول نقله العدوي عن أبي إبْرَاهِيمَ الْأَنْدَلُسِيُّ أنهن يعدن الصلاة في الوقت فقط وفي قول عن ابْنُ أَيْمَنَ أنها تَؤُمُّ أَمْثَالَهَا مِنْ النِّسَاءِ.

القول الثاني: يستحب لها أن تؤم النساء في الفريضة والنافلة وهو مذهب (الشافعية وقول عند الحنابلة).

واستدلوا عليه بأدلة  منها ما رواه أبو داود من حديث أم ورقة بنت نوفل الأنصارية، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يزورها ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن، وكانت تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، ومكنها حديث ريطة الحنفية قالت: "أمتنا عائشة فقامت بينهن في الصلاة المكتوبة "، ومنها حديث حجيرة قالت: " أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا " رواهما الدارقطني والبيهقي، قال الإمام النووي بإسنادين صحيحين.

 القول الثالث: كراهة ذلك مع الصحة وهو مذهب الحنفية وقول عند الحنابلة.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني: "اختلفت الرواية-عن أحمد- هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة؟ فروي أن ذلك مستحب، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة، وأم سلمة، وعطاء، والثوري، و الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور.

وروي عن أحمد رحمه الله - أن ذلك غير مستحب، وكرهه أصحاب الرأي-أي الحنفية- وإن فعلت أجزأهن. قال الشعبي، و النخعي، وقتادة لهن ذلك في التطوع دون المكتوبة.

 وقال الحسن وسليمان بن يسار: لا تؤم في فريضة ولا نافلة، وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحداً".

جواز صلاة المرأة على الجنازة:

روى ابن هشام، في سيرته، في الصلاة على النبي عندما التحق النبي بالرفيق الأعلى: "ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه إرسالاً، دخل الرجال، حتى إذا فرغوا أدخل النساء، حتى إذا فرغ النساء، أدخل الصبيان"، وروي عن ابن عباس أنه لما جهز صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره، في بيته، فصلت عليه الملائكة فوجاً فوجاً، ثم الناس فوجاً فوجاً، ثم نساؤه، ثم النساء، ثم الصبيان، ولم يؤمهم أحد، وكان صلى الله عليه وسلم أوصى بذلك.[20].

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت عائشة: أدخلوا به المسجد حتى أصلى عليه، فأنكر ذلك عليها (أي الصلاة على الجنازة في المسجد، لا صلاتها هي على الجنازة) فقالت: ما أسرع ما نسي الناس!! والله لقد صلى رسول الله على ابنيْ بيضاء في المسجد، سهيل وأخيه[21].

وقد روى ابن هشام في سيرته صلاة صفية بنت عبد المطلب على أخيها حمزة عند استشهاده فقال: "فأتته فنظرت إليه، فصلت عليه، واسترجعت، واستغفرت له، ثم أمر به رسول الله فدفن"[22]  وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، تحت: إذا صلّت المرأة جنب الرجل أو أمامه، وهي مقتدية: "اتفق الأئمة الثلاثة على أن المرأة إذا صلّت خلف الإمام وهي بجنب رجل، أو أمامه لا تبطل صلاتها بذلك، كما لا تبطل صلاة أحد من المصلين المحاذين لها، وخالف الحنفية في ذلك، وللحنفية رأي في موقف المرأة في صلاة الجنازة قالوا: فإذا حاذته في صلاة الجنازة فإنها لا تبطل، ومثلها لكل صلاة ليست مشتملة على ركوع وسجود، وهكذا جوز الحنفية أن تحاذي المرأة الرجل في صلاة الجنازة.. كما جوزوا من قبل، أن تكون ولية على نفسها، وعلى غيرها في التزويج للكفء، وبمهر المثل... وهذا إنما يدل على انفتاح الإمام أبو حنيفة على أصول القرآن الكريم، واستشرافه للحقوق المدخرة للمرأة في هذه الأصول، وتحرره من بعض عقابيل الظروف التاريخية القائمة التي تحجر الفكر، وتمسخ التصور..هذه صور لانفتاح الشريعة على التطور، تدل، أشد الدلالة، على مقدرة هذه الشريعة على التطور، واستعدادها له. وقد رأينا اتجاهاً واضحاً في الشريعة لإعطاء المرأة، بقدر ما يسمح به حكم الوقت، الفرصة لمشاركة الرجل في سائر الأعمال الدينية، كالإمامة، واتباع الجنازة، والصلاة عليها.. وما حرمت المرأة من المشاركة الكاملة في هذه الأعمال إلا لوقوع صور الوصاية المختلفة عليها، كالحجاب مثلاً. ولعل القارئ قد لاحظ اتجاه الحنفية لإعطاء المرأة حرية التصرف وإلزامها بالمسئولية كما أن المالكية يرون أصل حق المرأة في تشييع الجنائز. والشافعية يرون حقها في الآذان، وهنا وهناك يبدون تحفظات تدور كلها حول النظرة للمرأة كأنثى وقد آن الأوان لإشاعة نظرة الإسلام الأساسية للمرأة كإنسانة..

الخلاف في إمامة المرأة للرجال

القول الأول: جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة:

واستدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة، نذكر بعضها

الدليل الأول: حديث أم ورقة الأنصارية رضي الله عنها:

"عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ نَوْفَلٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا غَزَا بَدْرًا قَالَتْ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِى الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَرِّضُ مَرْضَاكُمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِى شَهَادَةً. قَالَ (قِرِّى فِى بَيْتِكِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْزُقُكِ الشَّهَادَةَ). قَالَ فَكَانَتْ تُسَمَّى الشَّهِيدَةَ. قَالَ وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَتَّخِذَ فِى دَارِهَا مُؤَذِّنًا فَأَذِنَ لَهَا قَالَ وَكَانَتْ دَبَّرَتْ غُلاَمًا لَهَا وَجَارِيَةً فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَذَهَبَا فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِى النَّاسِ فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ"[23].

الحديث حسن ورواه ابن خزيمة أيضاً بسند حسن. وفي رواية أخرى لأبي داود قال راوي الحديث: عبد الرحمن بن خلاد: "فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا"[24].

وفي سنن الدراقطني: "حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ لَهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ نِسَاءَهَا"[25].

في هذه الرواية نصاً على (وتؤم نساءها)، أي أنها فسرت لنا الرواية الأخرى التي في سنن أبي داود وغيره (وأمرها أن تؤم أهل دارها) [26]إذن تعلقهم بإمامة هذا الشيخ الكبير الذي أذن لها بأنه صلى وراءها تعلق ضعيف! وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر لها بامرأة تؤذن لها وهي تردد كلمات شرعية محضة فهل يجيز لها أن تؤم الرجال وهي تجهر بقراءة القرآن؟!. فهذا الحديث لا تنهض به حجة من يقول بإمامة المرأة للرجال لما فيه من الاحتمال طبقاً للقاعدة الأصولية التي اعتمدها متأخروا فقهاء المذاهب الإسلامية (ما تطرق به الاحتمال بطل به الاستدلال.

أما من فسر حديث أم ورقة بجواز إمامتها للرجل في النفل والتراويح دون الفرائض فلا وجه لتخصيصه لما ورد في رواية أخرى (تؤمهم في الفريضة)، كما في سنن البيهقي: " وَأَمَرَ أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا فِى الْفَرَائِضِ"[27]، وكما هو معلوم فالأذان لا يكون إلا للفرائض.

فهذا الحديث هو عمدة ما استند عليه من يقول بإمامة المرأة للنساء والرجال وسبب ذلك أنهم يقولون إن الني صلى الله عليه وسلم عين لها رجلاً يؤذن لها وكانت تؤمه مع أهل دارها إذن يصح لها أن تؤم الرجال وتخطب الجمعة أيضاً كما ذكر من زينوا للمرأة الأمريكية التي تدعى (أمينة ودود) بجواز إمامتها للرجال في الصلاة وجواز أدائها خطبة الجمعة.

  الدليل الثاني: استنادهم إلى قول أبي ثور والمزني والطبري بجواز إمامة المرأة للرجال:

قال ابن رشد : "المسألة الرابعة اختلفوا في إمامة المرأة فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء فأجاز ذلك الشافعي ومنع ذلك مالك وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال لأنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الأول ولأنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخير عن الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم لقوله عليه الصلاة والسلام أخروهن حيث أخرهن الله ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات في المرتبة في الصلاة مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الأول"[28].

هذا ولم يجز الطبري إمامة المرأة للرجل في الصلاة على الإطلاق بل إنه أجازها بشرط كما قال الصنعاني: "أن المرأة لا تؤم الرجل وهو مذهب الهادوية والحنفية والشافعية وغيرهم، وأجاز المزني وأبو ثور إمامة المرأة، وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن"[29].

لكن ابن جرير الطبري فإنه هناك أقوالاً شاذة مبثوثة في بعض كتب الفقه منسوبة إليه كقوله بجواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة، وقوله بجواز توليتها للقضاء والإمامة الكبرى، ولعل بعض من يعتمد على قول الطبري يأخذه على طريقة (فويل للمصلين)!! فالطبري كما يقول الصنعاني: "وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن وحجتهم حديث أم ورقة"[30]. إذن الطبري يجيز إمامة المرأة للصلاة التراويح وليس الفريضة، ويشترط ألا يوجد من يحفظ القرآن غيرها. ويستند إلى حديث أم ورقة الأنصارية والحديثة حجة عليهم لا لهم لأنها كانت تؤم أهل دارها ومحارمها على افتراض وجود الشيخ الكبير فإنه قد يكون من محارمها وتكون هذه حالة خاصة بأم ورقة ولم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لغيرها.

أدلة القائلين بعدم جواز إمامة المرأة للرجال:

 أيضا استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة نذكر منها ما يلي:

الدليل الأول:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا"[31].

وفي مسند أحمد: " أَحْسِنُوا إِقَامَةَ الصُّفُوفِ فِى الصَّلاَةِ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ فِى الصَّلاَةِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ فِى الصَّلاَةِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا"[32].

قال النووي: "أما صفوف الرجال فهي على عمومها فخيرها أولها وشرها أبداً أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها. والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها وثواباً وفضلاً وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال بعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم"[33].

قال الصنعاني: "وقد علل خيريته آخر صفوفهن بأنهن عند ذلك يبعدن عن الرجال وعن رؤيتهن وسماع كلامهم إلا أنها على لا تتم إلا إذا كانت صلاتهن مع الرجال، وأما إذا صلين وإمامتهن امرأة فصفوفها كصفوف الرجال أفضلها أولها"[34].

الدليل الثاني:

"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ « قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ »، قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ "[35].

قال الصنعاني: "وعلى أن المرأة لا تصف مع الرجال"[36].

الدليل الثالث:

"لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً"[37].

قال الخطابي: "في الحديث أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء، وفيه أنه لا تزوج نفسها، ولا تلي العقد على غيرها"[38].

قال الشوكاني: "لأنا نقول قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور وهذا من جملة الأمور بل هو أعلاها وأشرفها فعموم قوله: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) كما في الصحيحين وغيرهما يفيد منعهن من أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال"[39].

الدليل الرابع:

"عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَضْحًى - أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى ، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ، فَإِنِّى أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ » . فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ » . قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ»، قُلْنَ بَلَى، قَالَ: « فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ»، قُلْنَ بَلَى، قَالَ: "فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا"[40].

قال النفرواي المالكي:

"وأشار إلى بيان من يصلح للإمامة بقوله ويؤم الناس أفضلهم وأفقههم لخبر أئمتكم شفعاؤكم وخبر وليؤمكم أكبركم وقال عليه الصلاة والسلام إن سركم أن تقبل منكم صلاتكم فليؤمكم خياركم فإنه وفد بينكم وبين ربكم فلا يؤمكم إلا الذكور ولا يصح أن تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء لخبر (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وسواء عدمت الرجال أو وجدت ،لأن الإمامة خطة شريفة في الدين ومن شرائع المسلمين واعلم أن الإمامة لها شروط صحة وشروط كمال فشروط صحتها ثلاثة عشر أولها الذكورة المحققة فلا تصح إمامة المرأة"[41].

الدليل الخامس:

قول الله سبحانه وتعالى: (الرجال قوامون على النساء)[42] .

قال الشافعي في الأم:

"وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبداً"[43].

وفي فتاوى مشيخة الأزهر: سئل الشيخ عطية صقر "هل يجوز للمرأة أن تكون إماما فى الصلاة؟ أجاب : معلوم أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد، والنصوص في ذلك كثيرة، وإذا كان الإسلام يفضل أن تصلى المرأة في بيتها بدل أن تصلى في المسجد من أجل ثواب الجماعة فإنه يمكنها أن تقيم صلاة الجماعة في بيتها، أو في المدرسة التي تتعلم أو تعلم فيها، أو العمل الذي تمارسه مع الزميلات. فإذا كان في البيت زوجها أو ولدها أو أبوها أو أخوها مثلا كان هو الإمام والمرأة مأمومة ، وكذلك فى المدرسة أو العمل يجوز أن يصلى بالنساء أحد المدرسين أو أحد الزملاء، سواء أكانت الصلاة فى مسجد أو مكان مُعَدّ لذلك. فإذا لم يوجد رجل أمكن للمرأة أن تكون إماما لبناتها أو نساء أخريات فى المنزل أو للزميلات فى المدرسة والعمل. وذلك على رأى جمهور الأئمة، والإمام مالك هو الذي يمنع أن تكون المرأة إماما مطلقا ، لا للرجال ولا للنساء ، فلا يجوز أن يقتدي بها الرجل حتى لو كان ابنها أو أباها أو أخاها، فإمامتها على رأى الجمهور جائزة للنساء فقط. روى أبو داود والحاكم وابن خزيمة وصححه أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل لأم ورقة مؤذنا، وأباح لها أن تؤم أهل بيتها، أي النساء فقط"[44].

مأخد المالكية عدم جواز إمامة المرأة مطلقا

فاعلم أولا أن الأئمة رحمهم الله لا يتعمدون مخالفة دليل صحيح صريح البتة، بل مناصبهم من الدين تأبى هذا، وإنما يعرض لأحدهم التأويل أو عدم بلوغ الخبر له أو غير ذلك من الأعذار التي بسطها ابن تيمية في رفع الملام.

واعلم أيضا أن المعتمد عند المالكية هو عدم صحة الائتمام بالمرأة مطلقا سواء كان المؤتم ذكرا أو أنثى، وسواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا، كما في الفواكه الدواني وغيره من كتبهم، لكن نقل الباجي في شرح الموطأ رواية عن مالك بصحة إمامة المرأة للنساء وهي رواية ابن أيمن عن مالك.

وأما دليلهم على ذلك فقد قال في المغني: وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحدا لأنه يكره لها الأذان وهو دعاء إلى الجماعة فكره لها ما يراد الأذان له. انتهى.

فهذا مأخذ المالكية في المنع من إمامة المرأة للنساء، وقد يستدل لهم بعموم: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. وعلى كل فمذهب الجمهور أرجح لثبوت الأخبار به عن عائشة وأم سلمة ولحديث أم ورقة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها، أخرجهأبو داود.

وأما ما أوردته على المالكية فيما يتعلق بصلاة الجنازة فقد انفصلوا عنه بأن الجنازة لا تشترط لها الجماعة أصلا ومن ثم فإنهن يصلين أفذاذا، ومن المالكية من جوز إمامة المرأة في هذه الحال لمكان الضرورة، فلا يبقى في المسألة إشكال عندهم، قال الخرشي في شرحه على خليل: إذا لم يوجد من يصلي على الميت إلا النساء فإنهن يصلين عليه أفذاذا دفعة ولا نظر لتفاوت تكبيرهن ولا لسبق بعضهن بعضا بالتسليم وقيل تؤمهن واحدة منهن كما نقله اللخمي عن أشهب، لأنه محل ضرورة أو مراعاة لمن يرى جواز إمامة المرأة النساء. انتهى.

إمامة المرأة عند السادة المغاربة:

لقد اختار المغرب بمذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى منذ تأسيس الدولة المغربية وكان هذا الاختيار مبنيا على أسس شرعية مستمدة من الكتاب والسنة، وسببا في جمع كلمة المغاربة ووحدتهم المذهبية عبر العصور.

وقد اتجه المذهب المالكي في المشهور والراجح الذي به العمل إلى عدم جواز إمامة المرأة، كما يستفاد من أقوال أئمة المذهب من الفقهاء قديما وحديثا.

من ذلك قول الشيخ أبي محمد عبد الله ابن أبي زيد القيرواني : " ولا تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء". وقول الحافظ ابن عبد البر : "ولا يجوز الائتمام بامرأة.."، وقول الإمام المازري : "لا تصح إمامة المرأة عندنا، وليعد صلاته من صلى وراءها وإن خرج الوقت". وقول الشيخ خليل : " وبطلت بمن بان امرأة"، وقوله في أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك : "وشرط الإمام إسلام، وتحقق ذكورة، فلا تصح – أي الصلاة – خلف امرأة، فاشتراط الذكورية يحترز به عن الأنوثة".

وما ذهب إليه المالكية من القول بعدم جواز إمامة المرأة يتأسس على اعتمادهم عمل أهل المدينة أصلا لتقوية أخبار الآحاد.

ولو كان للمرأة أن تؤم النساء ذلك حتما إلى استقلال عالم النساء وانفصاله، ولم يعد بهن حاجة إلى أن يشاركن الرجال في المساجد، مع ما يتحقق لهن من حضور المواعظ والمشاركة في الخير، وقد كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مأهولا بالنساء اللواتي كن يصلين مع الرجال، وكان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يخصهن بالمواعظ ويأمرهن بالصدقة ويقبل منهن بيعة النساء.
أما إمامة المرأة بالرجال فإن الفقه الإسلامي مجمع على منعها، لما يترتب عنها من تغيير في هيأة الصلاة، إذ أن صلاة المرأة سرية بينما يعتبر السر في الصلاة الجهرية نقصا في صلاة الرجال.

كما أن إمامة المرأة تقتضي حتما تقديمها وتغيير موقعها في مشهد صلاة الجماعة.
ولم يثبت في تاريخ المغرب ولا عند علمائه أن أمت امرأة الصلاة في المسجد لا بالرجال ولا بالنساء، في أي وقت من الأوقات، وهذا ما دأب عليه أهل هذا البلد الأمين وجرى به عملهم في مختلف العهود.

وكون المرأة لا تؤم في الصلاة لا يحمل على أنه منقصة لها، ولا حط من مكانتها، وإنما هو حكم راعى موجبات أخرى سبقت الإشارة إلى بعضها.

خلاصة:

اختلف الناس في صلاة المرأة بالنساء جماعة على ثلاثة مذاهب . 

فمذهب الشافعي : أنه يستحب لها أن تؤم النساء فرضا ونفلا . 

وقال مالك ، وأبو حنيفة : يكره لها أن تؤم في الفرض والنفل . 

وقال الشعبي ، والنخعي : يكره لها الإمامة في الفرض دون النفل ، تعلقا بقوله صلى الله عليه وسلم : أخروهن من حيث أخرهن الله . 

 

 

 

 

 

 

 

ثانيا: مسائل خاصة

مسألة ختان المرأة

مقدمة حول تاريخ الختان

تعريف الختان

طرق ختان الاناث

حكم ختان الإناث

شهادة بعض الغربيين

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة وجعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفطرة خمس: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب [45]"وهو من كمال الطهارة التي أمر بها القرآن، ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾[46].

وهو سنة ماضية في كثير من الأمم السابقة، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا[47] إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.

وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان[48]، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [2200ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي .

وأهتم اليهود بالختان[49]واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية: "أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم".

أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون[50].

أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون  اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم .

وذكر القرطبي[51] إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن.

فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "كان إبراهيم أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"[52].

تعريف الختان (الإعذار) أو (الخفض)

الختان لغة: القطع، قال ابن منظور رحمه الله: (وأصل الختن القطع، والختان موضع الختن من الذكر، وموضع القطع من نواة الجارية، قال أبو منصور: هو موضع القطع من الذكر والأنثى، ومنه الحديث المروي: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل"، وهما موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الأنثى)[53].

والختان بكسر الخاء اسم الفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن أيضا، والأقلف من لم يختتن. والقلفة والغزلة بمعنى واحد وهي الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة ، ويسمى الختان في حق الأنثى (خفضا)، وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي جلدة كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر، وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا يخترق قناة البول.

وجاء في لسان العرب: ختن: خَتَنَ الغلامَ والجارية يَخْتِنُهما ويَخْتُنُهما خَتْنًا، والاسم: الخِتانُ والخِتانَةُ، وهو مَخْتُونٌ، وقيل: الخَتْن للرجالِ، والخَفْضُ للنساء، والخَتِين: المَخْتُونُ، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، والخِتانة: صناعة الخاتِنِ، والخَتْنُ: فِعْل الخاتن الغُلام، والخِتان ذلك الأَمْرُ كُلُّه وعِلاجُه.

ختان الأنثى اصطلاحـاً: هو قطع شيء يسيـر من الجلدة التي كعُرْف الديك فوق مخـرج البول، وتحرم المبالغة في القطع[54]، وجاء في وصية النبي  رسول الله صلى الله عليه وسلم لخاتنة الأنصار أم عطية: "أخفضي ولا تنهكي، فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل"[55].

وقال الحافظ: "قطع بعض مخصوص، من عضو مخصوص"[56].

وقال النووي: الختان: "هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف جميع الحشفة"[57]

وقال في شرحه لصحيح مسلم: "والختان في المرأة: قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج"[58]، وهي فوق مخرج البول، تشبه عرف الديك.

والختان من سنن المرسلين، وقد شرع على لسان إبراهيم في نفسه وزوجه هاجر عليهما السلام، قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: (وقد روى أبو إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عليّ: أن سارة لما وهبت هاجر لإبراهيم فأصابها، غارت سارة، فحلفت ليغيرن منها ثلاثة أشياء، فخشي إبراهيم أن تقطع أذنيها أو تجدع أنفها، فأمرها أن تخفضها وتثقب أذنيها)[59].

طرق ختان الاناث

 

بتر الأجزاء الجنسية للفتاة أو ما يعرف بختان الاناث: هو ممارسة تتم في بعض الدول الأفريقية من منطلق بعض المعتقدات الثقافية التي تقول بأن الأجزاء الجنسية للأنثى هي أجزاء شريرة يجب بترها.

وطبقاً لتقرير لمنظمة الصحة العالمية حول ختان الاناث فهناك أربعة طرق يتم بها ختان الاناث هي:

1- ازالة غلفة البظر prepuce  مع ازالة جزء أو كل البظر clitoris

2- ازالة البظر مع الازالة الجزئية أو الكلية للشفرين الصغيرين labia minora

3- ازالة جميع الاجزاء الجنسية (وتشمل جميع الاجزاء السابق ذكرها بالاضافة للشفرين الكبيرين labia majora ) مع تضييق فتحة المهبل vaginal opening  عن طريق الخياطة.

4- تدمير وتسوية البظر والشفرين الصغيرين عن طريق كي هذه الاجزاء أو حرقها مع الأجزاء المحيطة بها.



الحكم الشرعي في ختان الأنثى:

ذهب أهل العلم رحمهم الله في حكم ختان الأنثى والذكر مذاهب، هي:

1-   واجب على الرجال والنساء، وهذا مذهب سحنون من أئمة المالكية، والشافعي، ورواية عن أحمد ، وكثير من علماء السلف والخلف.

2-   سنة للذكر والأنثى، وهو مذهب أبي حنيفة، وبعض أصحاب مالك، والشافعي، والرواية الثانية عن أحمد.

3-   واجب على الرجال سنة على النساء، وهو مذهب بعض الشافعية.

والأدلة في ذلك متنوعة فمنها من القرآن ومنهل من السنة، وبعض أقوال السلف.

الدليل من القرآن:

 قوله تعالى حاضاً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يتبع ملة إبراهيم عليه السلام: ﴿وأوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً﴾[60] ، قال قتادة من أئمة التفسير: هو الاختتان.[61]

يقول يوسف القرضاوي على من استدل بهذه الآية في إيجاب الاختتان على الاناث أن: "الاستدلال بالآية استدلال متكلَّف، فالأمر باتباع مِلَّة إبراهيم: أكبر وأعمق من مجرَّد عملية الختان، بل المراد اتباع منهجه في إقامة التوحيد، واجتناب الطاغوت، والدعوة إلى وحدانية الله بالحكمة والحُجَّة، كما رأينا ذلك في دعوة إبراهيم لأبيه وقومه، فكل محاجَّته معهم كانت حول التوحيد، ولم تكن حول شيء من جزئيات الأحكام، ولهذا لم يذكر في القرآن أي شيء من هذه الفرعيات. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[62].

وقال الله سبحانه: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾[63]، على أن الذين يستدلُّون باتباع مِلَّة إبراهيم عليه السلام، على وجوب الختان، إنما يستدلُّون به في شأن ختان الذكور، فلا مدخل للاستدلال بالآية في شأن الإناث"[64].

الدليل من السنة:

1- حديث أم عطية عند أبي داود: أن امرأة كانت تختِّن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَنهَكي، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل"  فإن أبا داود قال عن محمد بن حسان - أحد رواته -: مجهول، وهذا الحديث ضعيف[65]، وذهب الحافظ عبد الغني بن سعيد إلى أن هذا الراوي ليس بمجهول، بل هو معروف، وهو محمد بن سعيد المصلوب! فهو محمد بن سعيد بن حسان، الذي قتله المنصور صلبا على زندقته، قالوا: وضع أربعة آلاف حديث، ليضلَّ بها المسلمين. فهو متروك هالك.

2-حديث عائشـة رضي الله عنهـا قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاوز الخِتانُ الختانَ فقد وجب الغسل"[66]، وفي رواية: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".

وهذا الحديث أقوى دليل على وجوب ختان الأنثى، فالآية السابقة قد يرى البعض أن المراد بملة إبراهيم فيها التوحيد، ولكن لا مجال لتأويل هذا الحديث، فقد ساوى بين الذكر والأنثى في حكم الختان.

 لكن يقول القرضاوي: أما حديث: "إذا التقى الختانان وجب الغسل"[67]، فهو يدلُّ على أن النساء كن يختنن، أي يدلُّ على وجود الختان عند العرب، وهو ما لا نجادل فيه، فربما كان عادة عند بعضهم، إنما نجادل في الوجوب أو الاستحباب، أي نجادل في وجوده بناء على أمر قرآني أو نبوي، يدل على الوجوب أو الاستحباب.

وما ذكره بعض العلماء من تأويل "إذا التقى الختانان": بأن المراد ختان الرجل، وإنما ثُنِّي على التغليب المعروف في اللغة مثل: الأبوين (للأب والأم)، والعمرين (لأبي بكر وعمر)، ونحوهما: ليس بظاهر، ويردُّه رواية مسلم في صحيحه: "ومسَّ الختانُ الختانَ"[68]، فلم يجئ بلفظ التثنية.

3-حديث: "الختان سنة للرجال، مكرُمة للنساء"[69] فهو حديث فيه مقال، وإن ثبت هذا الحديث فلا دلالة فيه على أن الختان للمرأة سنة أو واجب بل يدل على أن الختان (مكرمة للنساء).

ومعنى أنه مكرمة للنساء: أنه شيء مستحسن في العرف، وأنه لم يجئ نصٌّ من الشارع بإيجابه ولا استحبابه، والاعراف تختلف من بلد إلى بلد ومن زمان إلى زمان.

أدلة من أقوال السلف:

قال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد فيه مالك حتى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته، ونقل كثير من الفقهاء عن مالك، أنه سنة، حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب، وقال الحسن البصرى وأبو حنيفة لا يجب بل هو سنة[70] .

وفى فقه الإمام أبى حنيفة إن الختان للرجال سنة، وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة، فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه[71].

والمشهور في فقه الإمام مالك في حكم الختان للرجال والنساء كحكمه في فقه الإمام أبى حنيفة.

وفقه الإمام الشافعي[72] إن الختان واجب على الرجال والنساء.

وفقه الإمام أحمد بن حنبل  إن الختان واجب على الرجال، ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، وفي رواية أخرى عنه أنه واجب على الرجال والنساء كمذهب الإمام الشافعي[73].

قال صالح بن أحمد لأبيه: وفي هذا أن النساء كن يختتن، وسئل عن الرجل تدخل عليه امرأته فلم يجدها مختونة أيجب عليها الختان؟ قال: الختان سنة.

قال الخلال[74]: وأخبرني أبو بكر المروزي وعبد الكريم الهيثم ويوسف بن موسى، دخل كلام بعضهم في بعض، أن أبا عبد الله سئل عن امرأة تدخل على زوجها ولم تختتن: أيجب عليها الختـان؟ فسكت والتفت إلى أبي حفص، فقال : تعرف في هذا شيئاً؟ قال: لا. فقيل له: أتى عليهما ثلاثون وأربعون سنة. فسكت. قيل له: فإن قدرت على أن تختتن؟ قال: حسن.

قال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال، قال: سألت أبا عبد الله عن المرأة تختتن؟ فقال : قد خرجت فيه أشياء. ثم قال: ونظرت فإذا خبر النبي صلى الله عليه وسلم: "حين يلتقي الختانان"، ولا يكون واحداً إنما هما اثنان. قلت لأبي عبد الله: فلا بد منه؟ قال: الرجل أشد. وذلك أن الرجل يختتن، فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة فلا ينقي ما ثم، والنساء أهون، لا خلاف في استحبابه للأنثى، واختلف في وجوبه.

وعن أحمد في ذلك روايتان: إحداهما: يجب على الرجال والنساء، والثانية، يختص وجوبه بالذكور).[75]

وعلماء الفقه لم يحسموا الأمر في ذلك الزمان، لأن المذاهب مختلفة في حكم الختان - ويسمُّونه بالنسبة للإناث: الخفاض - ما بين مَن يوجبه ومَن يستحبه، ومَن يقول: إنه مجرَّد مَكرُمة للمرأة.

والذي جعلهم يبْقون على اختلافهم: شيوع التقليد للمذاهب، وتقديس ما جاء في كتب القدماء، وتهيُّب مخالفتهم، واعتقادهم، أن في الموضوع أحاديث صحيحة أو حسنة يجب العمل بها، ولا يجوز إغفالها، ولا سيما مع عدم المعرفة بعلوم الحديث ورجاله وتخريجه.

ولا يزال الأمر إلى اليوم، لم يحسم تماما، فإن كثيرا من الأقطار العربية والإسلامية، لم تثُر فيها هذه القضية على الإطلاق، لأن نساءها توارثن من قرون عدم الختان.

شهادة بعض الغربيين:

ومع كون الختان سنة من سنن الأنبياء فقد توصل الأطباء في هذا الوقت في بحوث عده إلى إثبات فوائد صحية كثيرة للختان.

فقد جاء في كتاب الأمراض الجنسية للدكتور محمد علي البار: "لاحظ الباحثون  أن سرطان عنق الرحم نادر عند اليهوديات كما لوحظ أنه نادر في البلاد الإسلامية والعربية . . . ويعود السبب في ذلك إلى أن اليهود يختنون (كذلك المسلمين ) أما عند الغرب فهم منتشر عند الذين لا يختنون من الغرب ومن على شاكلتهم ".   
والحق ما شهدت به الاعداء ففي عام 1990م كتب البروفيسور ويزويل : "لقد كنت من أشد أعداء الختان وشاركت في الجهود التي بذلت عام 1975م ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حدوث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، وبعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود"[76].

وجاء في مقال بعنوان: لماذا تراجع الغرب عن عدائه للختان؟ بقلم: الدكتور حسان شمسي باشا:

1-    الختان يوفر على الدولة ملايين الدولارات.

2-    الختان وقاية من سرطان العضو الذكريّ.

3-    يقي الختان من الأمراض التنا سليّة.

4-    الختان وقاية من التهاب المجاري البولية عند الأطفال.

 

 

 

 

مسألة كي الشعر

مقدمة

معنى الكي

حكم الكي للعلاج

حكم وضع الكيراتين واستعمال اليوكو

حكم الوسم بالنار في غير الوجه

خلاصة

 

 

 

 

 

 

 

معنى الكي:

قال إبن منظور: فالكي معروف، وهو: إحراق الجلد بحديدة ونحوها، قال في لسان العرب: كواه كيا، وكوى البيطار وغيره الدابة وغيرها بالمكواة، يكوي كيًّا وكيَّة، وقد كويته فاكتوى هو، وفي المثل: آخر الطب الكي. اهـ

وجاء في تاج العروس[77]: كوى: ك و ى: كَوَاهُ يكويه كَيًّا فَأكْتَوَى هو يقال آخر الدواء الكَيُّ ولا يقال آخر الداء الكي و المِكْوَاةُ الميسم و الكَوَّةُ بالفتح ثقب البيت والجمع كِوَاءٌ بالكسر ممدود ومقصور و الكُوَّةُ بالضم لغة وجمعها كُوًى و كَيْ مخففة لجواب لقول القائل لِمَ فعلت تقول كَيْ يكون كذا وهي للعاقبة كاللام وتنصب الفعل المستقبل ويقال كيمه في الوقف كما يقال لِمَه وتقول كان من الأمر كَيْتَ وكيت بفتح التاء وكسرها.

وفي المعجم الوسيط[78]: كَوّى: في البيت كَوة: عملها.(تَكَوَّى): دخل مكاناً ضيّقاً فتقبّض فيه.(الكَوُّ): الخَرْق في الجدار يدخل منه الهواء والضّوء.(الكُوّة): الكَوّة. (ج) كُوّات، وكِوًى.

في الاصطلاح:

جاء في لسان العرب: الكي بالنار من العلاج المعروف في كثير من الأمراض، وقد جاء في أحاديث كثيرة النهي عن الكي، فقيل: إنما نهي عنه من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره، ويرون أنه يحسم الداء، وإذا لم يكو العضو عَطِب وبطل، فنهاهم عنه إذا كان على هذا الوجه، وأباحه إذا جُعل سببًا للشفاء لا علة له، فإن الله عز وجل هو الذي يبرئه ويشفيه لا الكي ولا الدواء، وهذا أمر يكثر فيه شكوك الناس، يقولون: لو شرب الدواء لم يمت، ولو أقام ببلده لم يقتل، ولو اكتوى لم يعطب، وقيل: يحتمل أن يكون نهيه عن الكي إذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض وقبل الحاجة إليه، وذلك مكروه، وإنما أبيح التداوي والعلاج عند الحاجة إليه. ويجوز أن يكون النهي عنه من قبيل التوكل، كقوله: الذين لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون، والتوكل درجة أخرى غير الجواز. والله أعلم[79].

حكم الكي للعلاج:

أجاب بن باز عن سؤال: هل يجوز التداوي بالكي، وما هي الأحوال التي يجوز أن أستخدم فيها الكي؟ فقال: نعم، يجوز التداوي بالكي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الشفاء في ثلاث: (شرطة محجم، وشربة عسل، وكية نار)، قال: (ما أحب أن أكتوي) عليه الصلاة والسلام. لكن إذا دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس، وقد كوى جماعة من الصحابة، فإذا احتيج إلى الكي فلا حرج في ذلك، ولكن ترك الكي أولى إذا تيسر دواءٌ آخر وعلاج آخر؛ لأنه نوع من التعذيب فتركه أولى إلا عند الحاجة.[80]

 يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، ولا أحب أن أكتوي)[81] رواه البخاري في صحيحه، وفي رواية: (وإني أنهى أمتي عن الكي).

 يجوز كي المريض بالنار لعلاجه إذا احتاج إلى ذلك، ويرجى أن ينفعه الله به؛ لما ثبت عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه[82] ورواه من حديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما[83]-‏:‏ وما ثبت من أن سعد بن معاذ رضي الله عنه لما رمي، كواه النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص في أكحله ولما رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه ‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة[84].

يقول ابن القيم: فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي الْعِلَاجِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ وَالْحِجَامَةِ وَالْكَيّ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيّ": عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ الشّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيّةِ نَارٍ وَأَنَا أَنْهَى أُمّتِي عَنْ الْكَيّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ الْمَازِرِيّ: الْأَمْرَاضُ الِامْتِلَائِيّة: إمّا أَنْ تَكُونَ دَمَوِيّةً أَوْ صَفْرَاوِيّةً أَوْ بَلْغَمِيّةً أَوْ سَوْدَاوِيّةً. فَإِنْ كَانَتْ دَمَوِيّةً فَشِفَاؤُهَا إخْرَاجُ الدّمِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَقْسَامِ الثّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَشِفَاؤُهَا بِالْإِسْهَالِ الّذِي يَلِيقُ بِكُلّ خَلْطٍ مِنْهَا وَكَأَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَبّهَ بِالْعَسَلِ عَلَى الْمُسَهّلَاتِ وَبِالْحِجَامَةِ عَلَى الْفَصْدِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النّاسِ إنّ الْفَصْدَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ شُرْطَةِ مِحْجَمٍ. فَإِذَا أَعْيَا الدّوَاءُ فَآخِرُ الطّبّ الْكَيّ فَذَكَرَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْأَدْوِيَةِ لِأَنّهُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ غَلَبَةِ الطّبَاعِ لِقُوَى الْأَدْوِيَةِ وَحَيْثُ لَا يَنْفَعُ الدّوَاءُ الْمَشْرُوبُ. وَقَوْلُهُ وَأَنَا أَنْهَى أُمّتِي عَنْ الْكَيّ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَمَا أُحِبّ أَنْ أَكْتَوِيَ إشَارَةً إلَى أَنْ يُؤَخّرَ الْعِلَاجَ بِهِ حَتّى أَضْعَفَ مِنْ أَلَمِ الْكَيّ"[85].

وقال الإمام ابن القيم: "قد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع:

أحدها: فعله، والثاني: عدم محبته، والثالث: الثناء على من تركه، والرابع: النهي عنه.

ولا تعارض بينها -بحمد الله تعالى- فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته لا يدل على المنع منه، وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعل خوفاً من حدوث الداء.

ومما سبق يتبين أن الكي جائز في نفسه، كسبب للشفاء، لبعض الأمراض، وإن كان لا يخلو من كراهة.

ومن المسائل المتعلقة بالكي كي الشعر بالحرار، أو الكي بالمواد الكميائية.

حكم وضع الكيراتين والبروتين واليوكو

"الكيراتين" مادة طبيعية في أصلها، توجد بنسبة عالية في الشعَر، لكنهم يقومون بإنتاجها كيميائيّاً، ويتم بها – في قولهم – علاج الشعر المقصَّف، والمجعَّد، (وهو عبارة عن مادة سائله مكونة من الكيراتين الذي هو نوع من أنواع البروتين تمثل 90% من مكونات كل شعرة، توضع على الشعر ثم يعرض للحرارة فيتشرب الشعر المادة فتعالجه من الداخل والخارج ويصبح ناعما كالحرير تدوم لعدة أشهر)[86]

وأما "اليوكو" فهو: إعادة هيكلة الشَّعر المجعَّد، ويتم فيه تعريض الشَّعَر لحرارة عالية تصل لـ 180 درجة ! مع مواد كيميائية، وفي كلا الطريقتين يتم الدعاية لهما لتمليس الشَّعر، وتنعيمه.

يقول محمد صالح المنجد في موقعه[87]: الاسلام سؤال وجواب ما نصه: "لم يظهر أن هاتين الطريقتين تمنعان من وصول الماء إلى أصول الشَّعر، ولا تجعلان طبقة عازلة على الشعَر، وعليه: فالوضوء والغسل يكونان صحيحين لمن استعملت لشعرها إحدى الطريقتين، وإذا كانت هناك مُدَّة تحتاج فيها إلى الغسل الواجب وتُمنع فيها المرأة من إيصال الماء لشعرها: فعليها رفض هذه الطريقة، إلا أن تكون في وقت حيضها، وليس هذا الرفض بسبب الوضوء، بل بسبب الغسل ؛ لأنه يشترط في الغسل تبليل الشعر بالماء، وإيصاله لجذور الرأس، بخلاف الوضوء، فإن وجود مانع على الشعر لا يمنع من صحة الوضوء ؛ لأن مسح الرأس في الوضوء مبني على التخفيف، والمطلوب هو المسح فقط لا الغسل، لذا فإنه يجوز المسح على العمامة، وعلى حجاب المرأة، وقد لبَّد[88] النبي صلى الله عليه وسلم شعْره في الحج، وهو يسبب وجود طبقة على الشَّعَر، وهذا الحكم لا يسري على بقية أعضاء الوضوء"[89].

ويبدو أن تلبيد الشعر جائز في كل حال إذا كان للعلاج أو للمصلحة، ولا تلزم إزالته ما لم يحل بين الشعر ووصول الماء إليه في الغسل الواجب كالغسل من الحيض أو الجنابة.

ويمكن أن نجمل القول: فالعلاج بالكي في نفسه جائز للأحاديث الواردة في ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنهأنه كوى من ذات الجنب والنبي صلى الله عليه وسلم حي.

وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ، واكتوى غير واحد من الصحابة.

وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على كراهة الكي والنهي عنه.. فمن ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالالشفاء في ثلاث: شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي.

وفي البخاري أيضاً عن جابر رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: ما أحب أن أكتوي.

فهذه الأحاديث لا تدل على تحريمه ما دام صاحبه يعتقد أن الشفاء بيد الله. وقيل: إنما نهى عنه لما فيه من الألم الشديد، وقيل: غير ذلك.

وقال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ من الجمع بين كراهته واستعماله أنه لا يترك مطلقاً بل يستعمل عند تعينه.

وقال أيضاً: وأما قوله: ما أحب أن أكتويفهو من جنس تركه أكل الضب مع تقريره على مائدته واعتذاره بأنه يعافه.

ومنه: فَرْد الشعر بالكيراتين له حُكم تمليس وتنعيم الشعر، ما لم يثبت ضرره، فقد سمعت بأنه يحتوي على مواد ضارّة، وقرأت بأنه تم منعه في البرازيل وفي الولايات المتحدة، مع أنه مُنتَج برازيلي في الأصل !

وأما اليوكو فهو من باب الكي لكن للشعر لا للجسد، وهل هناك في الشرع ما يفرق بين منطقة في الجسم ومنطقة أخرى، وهل كي المرأة لشعرها منتف عنه الألم والضرر؟؟

يقول الامام النووي: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه، وحدثني هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد ح وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا محمد بن بكر كلاهما عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله"[90].

ومرَّ عليه حمار وقد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه"،  وفي رواية ابن عباس رضي الله عنه (فأنكر ذلك قال: فوالله لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه، فأمر بحمار له فكوي في جاعرتيه، فهو أول من كوى الجاعرتين)، أما الوسم فبالسين المهملة، هذا هو الصحيح المعروف في الروايات وكتب الحديث. قال القاضي: ضبطناه بالمهملة. قال: وبعضهم يقوله بالمهملة وبالمعجمة، وبعضهم فرق فقال: بالمهملة في الوجه، وبالمعجمة في سائر الجسد. وأما الجاعرتان فهما حرفا الورك المشرفان مما يلي الدبر.[91] 

وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا، لكن يستحب في نعم الزكاة والجزية، ولا يستحب في غيرها، ولا ينهى عنه. قال أهل اللغة: الوسم أثر كيَّة، يقال: بعير موسوم، وقد وسمه يسمه وسما وسمة، والميسم الشيء الذي يوسم به، وهو بكسر الميم وفتح السين، وجمعه مياسم ومواسم، وأصله كله من السمة، وهي العلامة، ومنه موسم الحج أي معلم جمع الناس، وفلان موسوم بالخير، وعليه سمة الخير أي علامته، وتوسمت فيه كذا أي رأيت فيه علامته[92].

 وجاء في مسند بن أبي شيبة: "حدثنا شبابة قال نا شعبة عن هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المربد يسم غنما له أحسبه قال في آذانها، وحدثنا ابن عيينة عن إسحاق بن سليمان عن أبيه قال: سألت الشعبي عن وسم الغنم في آذانها فلم ير به بأسا"[93]

خلاصة:

وبناء على ما سبق من الاحاديث الصحيحة فإن الكي في غير منطقة الوجه للإصلاح والتداوي لا بأس به، ومنه كي المرأة لشعرها بالمكواة أو بتعريضه لدرجة حرارة عالية ليستوي ويكون ناعما، ولأن مواد الترطيب والتنعيم لا تصلح إلا في وجود الحرارة العالية. والله أعلم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثالثا: مسائل في الشعوذة وبعض الأنكحة

مسألة

ضرب الفنجان –ضرب الودع واليخت

مقدمة

تعريفات ومصطلحات

الكهانة-رمي الودع-الرقى والتمائم-التولة-الوتر-التبصير

الحكم الشرعي

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

هناك عادات وتقاليد شائعة عند المسلمين نجهل أسبابها وتاريخها، ونظن أحيانا ً أخرى أنها حديثة العهد، ولكن بعد البحث والتقصي يتبين للباحث أن هذه العادات قد تمتد في جذور التاريخ مئات وربما الآف السنين ..

منها: "ضرب الفنجان"  بفم الابريق عند الانتهاء من صب القهوة في الفنجال, وقبل تقديمه للضيف أو الشارب مباشرة .

وهي حركة جميلة يعملها البعض بإتقان فتحدث رنـَه موسيقية جميلة, ولايتقنها البعض فيثلم فنجاله أو يكسر جزء منه .

وهذه العادة كانت معروفة عند العرب قديماً حيث كان العرب يقومون بهذه الحركة عند تقديم المشروب لضيوفهم .

ومن أهم الأبيات الشعرية الدالة على ذلك قول الأقيشر الأسدي واسمه المغيرة بن عبدالله بن عمرو, وهو شاعر أموي :

لا تشربن أبداً راحاً مسارقة إلا مع الغر أبناء البطاريق أفنى تلادي وما جمعت من نشبٍ قرع القواقيز أفواه الأباريق والشـــاهد هو البيت الثاني, فالشاعر يشير إلى كرمه وأنه سبب ضياع ماله مفتخراً أن الكرم هو سبب إفلاسه , ويرمز إلى كرمه بكثرة تقديمه الشراب لضيوفة, ويشير إلى أن الكؤوس أو الفناجين كانت تقرع بأفواه الأباريق عند سكبها .

وقد شرح هذة الابيات ابن منظور في ( لسان العرب ) مادة : (ققز ). وبين كيف تتم هذه العملية , والقواقيز جمع قاقزة وهي أنية يشرب فيها , وذكر بعض علماء اللغة أنها الطاس التي يصب فيها الخمر, أمـــا الزبيدي في ( تاج العروس ) فقال :هي الفناجين التي يشرب بها الشراب .

ومن خلال الأبيات المذكوره وشرح علماء اللغة لها يتبين لنا أن العادة المعروفة لدينا في صب قهوتنا كانت معروفة عند العرب منذ الجاهلية في صب مشروبهم

تعريفات ومصطلحات هامة:

جاء في لسان العرب: الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ مناقِيفُ صِغارٌ تخرج من البحر تُزَيَّنُ بها العَثاكِيلُ، وهي خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ في بطونها شَقٌّ كَشَقِّ النواةِ تتفاوت في الصغر والكبر، وقيل هي جُوفٌ في جَوْفها دُوَيْبّةٌ كالحَلَمة.

وفي مختار الصحاح: والوَدَعَاتُ خرز بيض تخرج من البحر تتفاوت في الصغر والكبر الواحدة وَدَعَةٌ بسكون الدال وفتحها، والدَّعَةُ الخفض، تقول: منه وَدُعَ الرجل بضم الدال فهو وَدِيعٌ، أي ساكن.

حكم الكهانة وقراءة الفنجان وضرب الودع - السحر-التنجيم والاعتقاد أن للأبراج تأثير معينا- الشفاعة الشركية؟؟؟

الكهانة: وما على شاكلتها كالرمال والعراف وقاريء الكف والفنجان وغيرهم.

رمي الودع: وهو نوع من العرافه كقراءة الكف والفنجان وادعاء معرفة الغيب وهو اخذ سبعة ودعات ورميهن ومن ثم قراءة الطالع.

الودع: وغيره من أنواع العرافة كلها محرمة وهي من الشعوذة والدجل وفيها ادعاء بعلم الغيب الذي اختص بمعرفته الله سبحانه وتعالى قال سبحانه: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) ومن صدق العرافين فإنه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم :( مَنْ اَتَى كَاهِنًا ‏ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ‏ اَوْ اَتَى‏ امْرَاَتَهُ حَائِضًا اَوْ اَتَى امْرَاَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا اَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ) رواه أبوداود  والله أعلم .

الرقى: قال عنها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: هي التي تسمى العزائم وخص منه الدليل ما خلا من الشرك رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمة .

التمائم: فهي جمع تميمة وقد عرفها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أيضا : بأنها شيء يعلق على الأولاد من العين .

 وقال الخلخالي رحمه الله : التمائم جمع تميمة وهي ما يعلق على الصبيان من خرزات وعظام لدفع العين .

 وقال أبو السعادات رحمه الله: التمائم جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطلها الإسلام.

 فتبين أن التمائم اسم جامع لكل ما يعلق لغرض جلب النفع أو دفع البلاء أو رفعه ويندرج تحتها مسميات أخرى كالودعة والخيط والحلقة والتولة وغيرها.

التولة : فقد قال عنها الحافظ ابن حجر رحمه الله التولة – بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففاً – شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها وهو ضرب من السحر.

 والودعة: من الودع وهو شيء يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين .

 والوتر: هو خيط يجعل كالقلادة في عنق الإنسان أو في عنق الدابة وكانت العرب تتخذه اتقاء العين.

 ويدخل تحت هذه الأصناف كل قلادة أو خاتم أو حذوة حصان أو صورة أو سنابل من الحنطة أو أحذية أو سبح أو ما يسمى بالخمسة والخميسة مما يعلق لدفع بلاء أو رفعه أو جلب خير أو للحفظ تحت باب التمائم.

قزانة الودع: أو الودع كما تسمى أيضا هي نوع من التنجيم لمعرفة الطالع أو أسباب المشاكل أحيانا حيث أنها مهنة تمتهنها النساء في الغالب.

وأحيانا تكون نوعا من التسلية وتتم عملية قراءة الطالع عبر ضرب الودع أو تحريكه بشكل عشوائي ينتج عنه شكل يمكن لقارئ الودع أن يفسره ويستخرج منه الطالع.

وعادة ما تكون المواضيع التي يبحث عنها من يذهبون إلى قارئي طالع الودع الرغبة في معرفة أسباب مشكلاتهم مع أزواجهم مثلا، وأحيانا درجة حب الحبيب ودرجة إخلاص الصديق وغيرها، وليس شرطا أن تكون متعلقة بالمستقبل بل قد تكون متعلقة بالماضي أو المستقبل أو مزيج منهما، ومن الطريف أن بعض قارئي الودع يشترطون أن توضع قطع النقود التي ستدفع لهم مع الودع حيث أنها تساعد في قراءة الطالع.

قراءة الفنجان البصارة في بلاد الشام (تبصير) والكوتشينه والودع في مصر أما الكف فمشهورين فيه الغجر المنتشرين في أوربا.

والكاهن: هو الذي يدعي علم الغيب ومثله العراف أوالرمَّال ونحوهم مما يدعون أنهم يعلمون ما غاب عنهم دون أن يخبره بذلك مخبر، أو زعم أنه يعرف ما سيقع قبل وقوعه فهو بذلك مشركا شركا أكبر سواء أدعى أنه يعرف ذلك عن طريق الطرق بالحصى، أم عن طريق حروف أبا جاد، أم عن طريق الخط في الأرض، أم عن طريق قراءة الكف، أم عن طريق النظر في الفنجان، أم غير ذلك، كل هذا من الشرك.

الحكم الشرعي:

جاء في فتوى للدكتور: عبد الله الفقيه في تحريم هذا الأمر ما يلي:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم أن قراءة الأبراج ونحوها كقراءة الفنجان، والكف من الأمور المحرمة التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير منها، وهي من أعظم المنكرات التي حرمها الله ورسوله، وهذه الأمور مبنية على الوهم والدجل، وقد جاءت جملة من الأحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم تحذر من هذا الفعل، وتبين عقوبة من يتعاطاه، من ذلك ما رواه أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد".

وفي سنن النسائي من حديث أبي هريرة: "ومن تعلق بشيء وكل إليه"، وهذا يدل على أن من تعلق بشيء من أقوال الكهان والعرافين وكل إليهم، وحرم من توفيق الله وإعانته.

وفي صحيح الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً"، وهذا في مجرد المجيء أما إذا صدقه بما يقول فوعيده أشد من ذلك، فقد روى أهل السنن الأربعة: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" وذلك لأنه مما أنزل على محمد قوله تعالى: ﴿قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله﴾[النمل:65] وقوله تعالى: ﴿عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً* إلا من ارتضى من رسول﴾ [الجن 26،27] وفي حديث آخر رواه البزار بإسناد صحيح: " ليس منا من تطير أو ُتطير له، أو تكهن أو ُتكهن له"، والتكهن هو: التخرص والتماس الحقائق بأمور لا أساس لها.

فعلى المسلم أن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم، طاعة لله ولرسوله، وحفاظاً على دينه وعقيدته[94]، والله الهادي إلى سواء السبيل.

وقال فوزان صالح الفوزان مفتي السعودية عن الابراج في الجرائد:  كل هذه من الكهانة والشعوذة قراءة الفنجان والكف والأبراج التي تنشر في الجرائد كلها من ادعاء علم الغيب، فهي كهانة، والكهانة نوع من السحر، كلها أعمال باطلة‏:‏ الكهانة والسحر والعيافة وطرق الحصى وضرب الودع ونثر الودع كلها من أنواع الباطل وادعاء علم الغيب والتدجيل على الناس لإفساد عقائدهم‏.[95]

وقد أجمع العلماء على تحريم هذه الأمور، ولم أجد من العلماء المعتبرين في كل بلد من أجاز هذا الأمر، لأن هذا الأمر يتعلق بأصل الدين، والآيات والأحاديث قد فصلت فيها، فلا يعقل أن تُترك العقيدة للاجتهاد واللعب فهي الركن الركين والجزء الثابت من الدين، ولقد جاءت آيات في هذا المجال قاطعات الدلالة في أن الغيب لا يعلمه إلا الله، منها:  قوله تعالى:﴿ قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله﴾[96] ، ومن ادعى علم الغيب فهو كاذب مشرك بالله، كما جاء في حديث النبيr: "إنهم يكذبون معها مئة كذبة"[97].

 

 

مسألة: الزواج الأبيض

مقدمة

تعريف الزواج الأبيض

نظرة قانونية لهذا الزواج

حكم الزواج الأبيض

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

إن حلم الهجرة الى أوروبا يراود كثير من الشباب هرباً من الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعيشونها في أوطانهم، وفي سبيل تحقيقه يطرق الحالمون بالهجرة جميع الأبواب ويقومون بمحاولات عدة لاستيفاء شروط الحصول على تأشيرة في حين يختار بعضهم المغامرة في "قوارب الموت" للوصول الى أوروبا.

ومن بين الطرق الشرعية في نظر القوانين الغربية، للمكوث في أوروبا وبعض الدول الغربية "الزواج الأبيض" وهو هاجس العديد من الشباب الذي يحلم بالعبور إلى الضفة الأخرى، فيجتهدون في البحث عن شريك حياة صوري فيقيمون عقد القران شكليا، ومنهم من يقيم حفل الزفاف كذلك، فيتم الاتفاق على مبلغ محدد ليتم الطلاق بعد الحصول على الوثائق، فلقد أصبحت تجارة يعتمدها العديد من الشباب المقيم في الخارج من أجل جني أموال ويعتمدها المقيمون في الداخل من أجل الظفر بلقمة عيش في أوروبا، تجارة تزداد أرقامها يوما بعد آخر.

فما هي هذه الطريقة؟ وماهو الزواج الأبيض؟

تعريف الزواج الأبيض:

"الزواج الأبيض" وهو مصطلح يقصد به زواج على ورق من شخص يحمل الجنسية الأجنبية ينتهي بعد أن يحصل الطرف الأول على وثائق الاقامة بأوروبا ويحصل الطرف الثاني على المبلغ المالي المتفق عليه.

وهو كما يبدو من خلال التعريف السابق: تسوية وضعية قانونية لإقامة الشخص المقترن بوطن الشخص الآخر، حسب ما تقرره الوثائق المستخرجة من كلا البلدين، حيث يترتب على إثبات هذه الوثائق بالدوائر الرسمية لدى البلدين حقوق لكلا الطرفين، مثل الحق في الاقامة، والحق في الجنسية، وحق منحة البطالة..وغيرها من الحقوق الاجتماعية الأخرى، هذا في حالة استمرار هذا العقد، أما إذا انقطع فيحقق الحد الادنى على الأقل من الحقوق، وهو الحصول على تأشيرة للحصول على حق الاقامة في البلد الأجنبي وإصدار أوراق ثبوتية بذلك.

طبعا سمي زواجا أبيضا مجازا فقط، لأنه يفتقر لجميع مكونات العقد الشرعي، وربما لا يلتقي فيه الزوج والزوجة إلا عن طريق وسطاء فقط، كما أنه خالي من أركان العقد الشرعي المتمثلة في: الشهود والمهر والولي، فهو عقد صوري مثبت بأوراق قانونية مسجلة في دوائر الحالات المدنية.

وربما أخذ اسمه من رواية مشهورة لكاتب مكسيكي "نيرينا هيليارد" عنوانها: "الزواج الأبيض"،الذي تحول حسب الرواية إلى زواج أسود.

نظرة قانونية لهذا الزواج:

أكدت مصادر في وزارة العدل المغربية أن ست سيدات سعوديات تزوجن برجال يحملون الجنسية المغربية، عام 1433هـ، موضحة أن عقود النكاح تمت في محاكم المملكة، فيما بلغ عدد زيجات السعوديين من مغربيات في العام نفسه 77 زيجة. وأوضحت المصادر أن هناك شروطاً خاصة لزواج السعوديات من رجال أجانب، أقرّتها وزارة الداخلية، وهي ألا يقل عمر السعودية عن 25 عاماً، وإذا كانت على قرابة بالخاطب، كأن تكون ابنة خاله من الدرجة الأولى وثبت ذلك، فيجب ألا يقل عمرها عن 21 عاماً. أما إذا كانت مطلّقة فعليها إرفاق صورة من صك طلاقها، وصورة من بطاقة العائلة لوالدها إذا كانت مضافة فيها، أو نسخة من سجلها المدني ونسخة من بطاقة الأحوال إن وجدت، كذلك إرفاق صورة مصدقة من إقامة طالب الزواج الأجنبي سارية المفعول وإثبات عمله من الجهة التي يعمل على كفالتها. كما يشترط على الرجل السعودي الراغب في الزواج من أجنبية تحقق البنود التي وضعتها وزارة الداخلية لإتمام الزواج، وهي ألا يقل عمر مقدم الطلب عن 30 عاماً، وإذا كانت هناك صلة قرابة بينه وبين العروس، فيجب ألا يقل عمره عن 25 عاماً، ولا تعبَّأ الاستمارة لمن لديه زوجة إلا إذا كان مطلقاً أو زوجته متوفاة أو لديها عاهة أو مرض يحول دون المعاشرة الزوجية ويثبت ذلك بتقرير طبي. وعلى السعودي إرفاق صورة من صك الطلاق إذا كان مطلقاً ومضى على طلاقه ستة أشهر، وإذا كانت المخطوبة غير السعودية تقيم داخل المملكة فعلى الخاطب إحضار صورة من إقامتها سارية المفعول، كما يجب على الراغب في الزواج إرفاق إثبات يؤكد أنه يعمل، ويوضح مقدار دخله الشهري.

إجراءات بعض الدول ضدّ المتاجرة بالزواج:

بدأت العديد من الدول الأوربية اتخاذ إجراءات صارمة في ما يخص التجمعات العائلية، لكن رغم أنها انتهجت أسلوب عدم التساهل في منح الجنسية بسرعة للمتزوجين  حديثاً وقد حدّدت خمس سنوات أو أكثر لضمان استمرار الأجانب، فإن أغلب المقبلين على الزواج الأبيض يلجأون إلى التحايل.

فالعديد من الفتيات المغربيات الحاصلات على وثائق الإقامة في هذه الدول الأوروبية ما زلن يتاجرن بما يسمى الزواج الأبيض الذي صار «مهنة» عند من يجنون من ورائه دخلاً مهماً خصوصا مع فصل الصيف الذي يتزايد فيه الإقبال على هذا النوع من الزواج وتتلهّف فيه نفوس الشباب إلى العبور إلى الضفة الأخرى.

ثمة فتيات كثيرات يرغبن في هذا النوع من الزواج للحصول على مكسب مادّي، يأخذن نصيباً منه ويتركن بعضاً منه لمساعدة أسرهن،  غير أن هناك العديد  من الفتيات الأخريات، يكنّ تحت سلطة آبائهن الذين يدفعوهن إلى هذا النوع من الزواج.

وهناك أيضاً طرفا ثالثا يستفيد من هذا الزواج، هن نسوة تخصّصن في الوساطة لهذا النوع من الزواج، أصبحن يقمن بدور الخاطبات فيعرضن العرسان على العروس والعكس صحيح، يتجوّلن بين المنازل ليعرضن هذه الخدمة على معارفهن، ويبحثن عن الفتيات العاملات في الخارج، ويحاولن إقناع أوليائهن بهذا النوع من الزواج الذي سيدرّ عليهن دخلاً جيداً.

بيد أن صفقات «الزواج الأبيض» لا تنتهي غالباً كما تشتهي أنفس أصحابه، فقد شهدت المحاكم المغربية عشرات القضايا موضوعها الرئيسي «الزواج الأبيض»، تقدمت بمعظمها نساء حضرن من دول غربية يحملن وثائق رسمية لطالما حلمن بها لتغيير أوضاعهن الاجتماعية. غير أن كل أحلامهن ضاعت في خضم بحثهن عن حلول لتورطهن في هذا النوع من الزواج.

ففي بعض الأحيان ترتبط فتاة بزوج أجنبي بغية الحصول على الإقامة فقط، لكنها تفاجأ بأن الزوج «الشكلي» يعرض نفسه كزوج حقيقي، ولكن  وفي معظم هذه الحالات لا يكون هناك تكافؤ بين الزوج والزوجة، كأن يكون فارق السن كبيراً بين الطرفين، أو يكون مقعداً أو مصاباً بمرض عضال وفي حاجة إلى من يرافقه ويقدم له خدمات طبية ومنزلية، فتتحول الزوجة الى ممرّضة وخادمة على الدوام.

وقد يماطل الزوج «الشكلي» في فك رابطة الزوجية لأسباب عدة، فيمارس ابتزازه على الزوجة الباحثة عن إقامة قانونية فقط، خاصة إذا كان عاطلا عن العمل، فيجدها فرصة سانحة لابتزاز ضحيته والحصول على مبالغ مالية تغنيه عن البحث عن وظيفة. وللوصول إلى هذا المبتغى، يطلب هذا الزوج «الافتراضي» مبلغاً مالياً كبيراً نظير فك ارتباطه، ولكن غالبا  ما تعجز الفتاة عن سداد المبلغ[98].

يقول الدكتور أحمد الريسوني (خبير بمجمع الفقه الإسلامي بجدة): الزواج الأبيض أو زواج الأوراق، إذا كان خاليا تماما من أي رغبة وأي نية في الزواج الفعلي، فهو عمل غير جائز شرعا، وإذا وقع فهو باطل لا يترتب عليه أي أثر شرعي، فهذا السلوك هو تلاعب بالزواج واستغلال له في غير ما وضع له، في حين أن الزواج هو الميثاق الغليظ الذي أعطاه الشرع حرمة ليست لأي ميثاق آخر يقع بين الناس، كما أن العقد الذي يتم باسم هذا "الزواج"، يستخدم في التزوير والخداع، بحيث ينطبق على شهادة الزور وما ينبني عليها، فحامل هذا العقد ومستعمله، هو كمستعمل جواز سفر مزور، أو شهادة جامعية مزورة، والزور هو من أكبر الكبائر في الإسلام، فكيف إذا تعلق التزوير بالمجال الأكثر حرمة وحساسية في الدين؟!"[99]

ويقول: الدكتور مصطفى بن حمزة[100] "رئيس المجلس العلمي بالمغرب": هذا الزواج الذي أصبح البعض يلجأ إليه مجرد كذب، لأن نية الارتباط أو المعاشرة غير موجودة فيه أصلا، فمن هنا لا يكون جائزا، علما بأن تسجيله في الدوائر الرسمية كما يسجل الزواج الصحيح قد يخول أحد الطرفين ما ليس له، فلو أن المرأة المرتبطة بزوج ارتباطا صوريا توفي زوجها لطالبت بحظها في الإرث إن كان لها مال، ولما اكتفت بأن زواجها كان زواجا أبيضا، كما أن الانفصال بين الزوجين في الزواج الأبيض لا يعفي المرأة من العدة، مع أنها لم تكن زوجة حقيقية، ولو أن المرأة كان لها حمل في مدة زواجها الأبيض لكان نسب هذا الطفل للزوج المزعوم ولما صح له أن ينتفي منه إلا بلعان.

وعلى الإجمال فإن الإشكالات التي يخلفها الزواج الأبيض كثيرة جدا وهي تربك العلاقات الشرعية وتجعل الحلال حراما والحرام حلالا، فمن هنا فهذا الزواج ليس حلا للمعاناة المادية بل هو مجازفة غير محمودة العواقب"[101].

ويقول الأستاذ بن سالم هشام عضو رابطة علماء المغرب: "الزواج رباط مقدس بنص الحديث النبوي الشريف: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتاق"، وقول الحق عز وجل في شأن الزواج: ﴿وأخذن منكم ميثاقا غليظا﴾النساء، آية: ، ومن أنواع الأنكحة المحرمة عند جمهور السلف والخلف نكاح المتعة؛ لأنه يفقد صفة الأبدية في الزواج وينعدم فيه معنى الميثاق الغليظ، فإذا كان هذا في حق زواج المتعة الذي تتوفر فيه كل أركان النكاح الخمسة التي هي: الزوجان والصداق والولي والصيغة، فكيف بهذا النكاح الذي يخالف مبادئ الدين أصلا، وفيه عدم تعظيم شعائر الله والتي هي من تقوى القلوب، مصداقا لقوله تعالى: ﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾الحج، آية: 32.

وعموما فإن السبب في التعاطي لهذا النوع من النكاح هو قلة يقين البعض في الله الذي أقسم بأنه من يرزق العباد، بل كل المخلوقات، فقال سبحانه في سورة الذاريات: ﴿وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون﴾الذاريات، آية: 23.

ويسميه بعضهم ''الزواج الأبيض'' أو ''زواج الأوراق'' أو "جواز عبور شباب"،...الخ.  

حكم الزواج الأبيض:

فتوى للأستاذ بن سالم با هشام عضو رابطة علماء المغرب نشر بموقع إسلام أون لاين وهو كالتالي: 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

«....ومن يدريك أن هذا الشخص الذي عقد هذا العقد الذي سماه أبيضا، ويسمونه في مجتمع الفتنة الزواج الأبيض أنه بمجرد العقد سيموت؛ لأننا لا نعلم متى نموت وأين نموت، وهذه من الغيبيات الخمس التي لا يعلمها إلا الله، وبالتالي تترتب كل شروط النكاح على الزوج أو الزوجة.
وإن السبب في التعاطي لهذا النوع من النكاح هو قلة يقيننا في الله الذي أقسم بأنه هو يرزق العباد، بل كل المخلوقات فقال سبحانه في سورة الذاريات: وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون، فما على الأخ الكريم في بلده إلا أن يأخذ بالأسباب، والكيّس من اتعظ بغيره وهو يعلم أن في بلده الكثير من الناس يعيشون بالحلال وبعرق جبينهم ولهم أبناء والقليل من الحلال خير من الكثير من الحرام. والله تعالى قال: قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث، فعلى الأخ الكريم أن يستيقن من هذا الأمر وأن يجدّ ويجتهد في بلده، وأن يرضى بما قسمه الله له في بلده بالحلال، وإن تيسر له الخروج إلى الخارج بالطرق المشروعة فلا بأس بها، وليحذر من مسالك الحرام، وما سؤاله إلا دليل على كونه يبحث عن الحلال فأسأل الله لأخي الكريم أن يرزقه الحلال، وأن يبارك له فيه، وأن يبعده عن الحرام وإن كان كثيرًا، وإن هذا النكاح حرام بكل الأدلة.

فلتتقِ الله، ولا تسمع لكلام المغرضين فالحرام بيّن والحلال بيّن، والله الموفق للصواب، والله أعلم.

وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: "لا يجوز هذا العقد؛ لأنه كذب وخداع، ولا يجوز أخذ جنسية كافرة، وقد صدر منا فتوى في حكم التجنس بجنسية كافرة مضمونها: (لا يجوز لمسلم أن يتجنس بجنسية بلاد حكومتها كافرة؛ لأن ذلك وسيلة إلى موالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل)"[102]. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

مسألة الزواج العرفي

تعريف الزواج العرفي

معنى العرف

تعريف الزواج العرفي باعتباره علما

تسمية هذا الزواج بالعرفي

الكيفية التي يتم بها هذا العقد

الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية

الحكم الشرعي للزواج العرفي

أسباب انتشار الزواج العرفي

آثار هذا الزواج

 

 

 

 

أولاً: تعريف العرف لغة واصطلاحا:

يقول الفيروز آبادي: "العُرْف اسم لكل فعل يعرف بالشرع والعقل حسنه، والعرف: المعروف من الإِحسان"[103].

ولفظة: "العرفي" من العرف، والعرف في لغة العرب "العلم"، تقول العرب: "عرفه يعرفه عرفة، وعرفاناً ومعرفة واعترفه، وعرفه الأمر: أعلمه إياه، وعرفه بيته: أعلمه بمكانه، والتعريف: الإعلام، وتعارف القوم، عرف بعضهم بعضاً، والمعروف: ضد المنكر، والعرف: ضد النُّكر"[104].

قال ابن فارس: (عَرَف) العين والراء والفاء أصلان صحيحان يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلاً بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة.

فالأول: (العرف) عُرف الفرس، وسمي بذلك لتتابع الشَّعر فيه، ويقال: جاء القَّطا عرفاً عرفاً: أي بعضها خلف بعض.

وأما الثاني: (المعرفة والعرفان) تقول: عرف فلان فلاناً عِرفاناً ومعرفة، وهذا أمر معروف.

والعرف (المعروف) سمي بذلك لسكون النفوس إليه[105].

يقول أبو منصور الأزهري: »تطلق العرب العرف على كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه، قَالَ الله جلّ وعزّ: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأعرَاف: 199«[106].

وعرفه الدكتور عبد العزيز الخياط، بقوله: «العرف ما اعتاده الناس، وساروا عليه في شؤون حياتهم" [107].

وعرفه اصطلاحيا الشيخ عبد الوهاب خلاف، فقال: «هو ما تعارفه الناس، وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك"[108].

وقد ذكر الأصوليون للعرف عدة تعريفات منهم:

عرفه النسفي بأنه «ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول»[109]، وعرف ابن عابدين العادة بأنها: «مأخوذة من المعاودة فهي بتكررها ومعاودتها مرة بعد أخرى صارت معروفة مستقرة في النفوس والعقول متلقاة بالقبول من غير علاقة ولا قرينة حتى صارت حقيقة عرفية»[110]، ولا فرق بين العادة والعرف فهما بمعنى واحد وإن كان الناس يقرون العادة أكثر من العرف لتكررها.

عرفه الجرجاني في كتابه التعريفات بقوله:

 "العرف ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطباعة السليمة بالقبول"[111].


ثانياً: تعريف الزواج العرفي باعتباره علماً:

عرفته مجلة البحوث الفقهية باعتباره علماً على معنى محدد، فقالت: «هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوباً أو غير مكتوب»[112].

ثالثاً: تسمية هذا الزواج بالعرفي:

في الحقيقة لم يكن المسلمون في يوم من الأيام يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن ذلك يعني إليهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم إليه، فصار عرفاً عُرف بالشرع وأقرهم عليه ولم يرده في أي وقت من الأوقات مع الاختلاف في عهدنا هذا عن السابق.

وإن تسمية هذا الزواج بالزواج العرفي، يدل على أن هذا العقد أُكتسب مسماه من كونه عرفاً اعتاد عليه أفراد المجتمع المسلم منذ عهد الرسول عليه السلام وصحابته الكرام، وما بعد ذلك من مراحل متعاقبة.

الكيفية التي يتم بها عقد الزواج العرفي:

صور إجراء هذا العقد متعددة، وذكرت مجلة البحوث الإسلامية نقلاً عن الأستاذ هلال يوسف إبراهيم في كتابه أحكام الزواج العرفي أن من صور إجرائه كتابة عقد يتضمن إقرار الزوج والزوجة بأهليتهما للتعاقد والتصرف وخلوهما من كافة الموانع الشرعية، ويدون في هذا العقد أسماء الشهود فيقر الزوج (يسمى باسمه) وبعد إيجاب وقبول، ويجيب أنه قد قبل الزواج من الزوجة (تسمى باسمها) زواجاً شرعياً على كتاب الله وسنة رسول (ص)، وعملاً بأحكام الشريعة الإسلامية، كما تقر الزوجة (تسمى باسمها) بعد إيجاب وقبول صريحين أنها قبلت الزواج من الزوج (يسمى باسمه) زواجاً شرعياً على كتاب الله وسنة رسوله (ص)، وعملاً بأحكام الشريعة الإسلامية.

ويذكر في العقد أن الطرفين اتفقا على صداق قدره (كذا)، كما يتضمن العقد أن الطرفين أقرا بقبولهما جميع أحكام هذا العقد بما تقتضي الشريعة الإسلامية، وما يترتب عليه من آثار وخاصة البنوة، إذ إن لأولادهما ثمرة هذا الزواج ولهم جميع الحقوق الشرعية والقانونية مثلهما.

صورة عقد زواج لزواج عرفي مصري:

أنه في يوم كذا ........................الموافق ل: ....... سنة ........م.

فيما بين كل من:

1_السيد/ م.ي.أ.م المقيم بالزمالك قسم قصر النيل من مواليد القاهرة مسلم الديانة زوج - طرف أول.

2_ السيدة/ ن-أ.ف والمقيمة في نفس العنوان السابق مسيحية الديانة ألمانية الجنسية زوجة - طرف ثان.

وقد أقر الطرفان بأهليتهما للتعاقد والتصرف وخلوهما من كل مانع شرعي، واتفقا أمام الشهود المذكورين بهذا العقد، وبعد تلاوته باللغة الألمانية على الطرف الثاني الزوجة على ما يأتي:

أولاً: يقر الطرف الأول بعد إيجاب وقبول صريحين بأنه قد قبل الزواج من الطرف الثاني زواجاً شرعياً على كتاب الله وسنة رسوله(r)، وعملاً بأحكام الشريعة الإسلامية.

كما يقر الطرف الثاني بعد إيجاب وقبول صريحين بأنها قد قبلت الزواج من الطرف الأول زواجاً شرعياً على كتاب الله وسنة رسول الله (r) وعملاً بأحكام الشريعة الإسلامية مع احترام الديانة المسيحية.

ثانياً: اتفق الطرفان على صداق قدره مائة جنيه مصري دفع من الطرف الأول بمجلس هذا العقد ليد الطرف الثاني.

ثالثاً: يقر الطرف الثاني صراحة بأنها قد قبلت الزواج برضا تام، وعملاً بأحكام الشريعة الإسلامية مع احتفاظها بديانتها المسيحية.

رابعاً: قبل الطرفان جميع أحكام هذا العقد بما تقتضي به الشريعة الإسلامية، وما قد يترتب عليه من آثار قانونية، وخاصة البنوة إذا إن لأولادهما من هذا الزواج جميع الحقوق الشرعية القانونية قبلهما.

خامساً: تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بموجبها لحين اتخاذ اجراءات توثيق هذا الزواج رسمياً وطبقاً لأحكام القانون الوضعي لجمهورية مصر العربية وذلك بشهادة

كل من: 1-م.أ.ي 2- م.و.أ.

1- الطرف الأول (الزوج) توقيع          2- الطرف الثاني (الزوجة) توقيع

الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية:

كل قوانين الأحوال الشخصية تلزم بتسجيل عقود الزواج، ولكنها متفاوتة فيما بينها في الحكم على من يتزوج زواجاً عرفياً غير موثق في الدوائر الرسمية الحكومية، ولقوانين الأحوال الشخصية أربعة اتجاهات في هذا الأمر:

الأول: التي تلزم بتسجيل العقد من غير ذكر عقوبة لهذه المخالفة.

الثاني: التي ترفض سماع الدعوى في الزواج العرفي المقدمة إلى المحاكم في حالة الإنكار.

الثالث: التي توجب عقوبة على مثل هذا النوع من الزواج، ويتفاوت مقدار العقوبة من قانون لآخر.

الرابع: القوانين التي لا تثبت هذه العقود وتعتبرها باطلة.

فمن النوع الأول: القوانين التي نصت على أنه لابدّ من توثيق عقد النكاح، واكتفت بذلك، ولم تفرض أي عقوبة على الذين لا يوثقونه، مثل قانون الأحوال الشخصية المغربي الذي نص في الفصل الثالث والأربعين منه على أن "يسجل نص العقد بسجل الأنكحة لدى المحكمة وترسل نسخة منه إلى إدارة الحالة المدنية".

الثاني: قوانين ألزمت المحاكم القضائية بعدم سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا عند تقديم وثيقة رسمية، وهذا ما استقر عليه القضاء المصري منذ عام 1931، ونصت عليه المادة (99) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعدلة بالقانون رقم (78) لعام 1951.

وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بتاريخ 1/2/1957 أن الفقرة الناصة على عدم سماع الدعوى عند إنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت بوثيقة رسمية، فإن هذه الفقرة لا تَشترط الوثيقة الرسمية لصحة عقد الزواج، وإنما هي شرط لسماع الدعوى.

ومن هذه القوانين قانون الأحوال الشخصية الكويتي، فقد جاء في المادة (92) منه الفقرة: أ )لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية، إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية، أو سبق الإنكار الإقرار بالزوجية في اوراق رسمية".

ومن النوع الثالث: الذي فرض عقوبة على الذين لا يسجلون عقد الزواج لدى الدوائر الرسمية في الدولة قانون الأحوال الشخصية الأردني، فقد جاء في المادة السابعة عشرة منه ما يأتي:

أ_ يجب على الخاطب مراجعة القاضي أو نائبه لإجراء العقد.

ب_ يجري عقد الزواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية، وللقاضي بحكم وظيفته في الحالات الاستثنائية أن يتولى ذلك بنفسه بإذن من قاضي القضاة.

ج_ وإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني وبغرامة على كلّ منهم لا تزيد عن مائة دينار.

د- وكل مأذون لا يسجل العقد في الوثيقة الرسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المشار إليهما في الفقرة السابقة مع العزل من الوظيفة".

فمن هذا يظهر ان القانون أوجب عقوبة على كل من الزوجين والعاقد والشهود، وقد حدد قانون العقوبات هذه العقوبة بالسجن، كما ألزم بغرامة لا تزيد عن مائة دينار لكل واحد من المذكورين، وأضاف إلى ذلك طرد المأذون الذي لم يوثق العقد من وظيفته.

ومن هذه القوانين التي تفرض عقوبة على من لا يسجل عقد زواجه في الدائرة الحكومية المختصة قانون الأحوال الشخصية العراقي، فقد جاء في الفقرة الخامسة من المادة العاشرة منه ما نصه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولا تزيد على ألف دينار كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات إذا عقد خارج المحكمة زواجاً آخر مع قيام الزوجية".

وعقوبة هذا القانون قاسية، وتزداد قسوة إذا كان الزواج غير موثق أو كان الزواج من امرأة غير الزوجة الأولى.

وفي حالة عدم تسجيل العقد العرفي فإن المادة 22 من قانون الأسرة الجزائري تنص على أنه: يثبت الزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم إذا توافرت أركانه وفقا لهذا القانون.

وقد حددت المادة 9 من قانون الأسرة الجزائري أركان عقد الزواج بنصها على أنه يتم عقد الزواج برضا الزوجين و بولي الزوجة و شاهدين و صداق.

يتضح لنا من خلال هاتين المادتين أن المشرع الجزائري يعترف بوجود عقد الزواج العرفي، ويرتب عليه آثاره كاملة من إثبات النسب ووجوب النفقة ... إلا أنه قد يحدث أن يقدم الزوج على طلاق زوجته عرفيا أمام جماعة من المسلمين، وينصرف كل منهما إلى حال سبيله، فما مصير هذا الزواج وما مصير الأولاد إن وجدوا ؟ بادئ ذي بدء يجب القول أنه لا يمكن رفع دعوى إثبات الطلاق العرفي ما لم يكن الزواج العرفي قد تم تسجيله، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن دعوى الطلاق العرفي تختلف عن دعوى تسجيل الزواج، ومن ثمة وجب رفع أولا دعوى تسجيل الزواج وإلحاق النسب، ثم رفع دعوى إثبات الطلاق بصفة مستقلة، هذا طبعا إذا سايرنا الواقع وسلمنا بقبول دعوى إثبات الطلاق العرفي والتي فرضت نفسها بشدة في الواقع العملي.

الحكم الشرعي للزواج العرفي:

في الحقيقة لم يكن المسلمون في يوم من الأيام يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن ذلك يعني إليهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم إليه، فصار عرفاً عُرف بالشرع وأقرهم عليه ولم يرده في أي وقت من الأوقات مع الاختلاف في عهدنا هذا عن السابق.

وبناء على ما تقدم نستطيع أن نقول إن النكاح العرفي إذا عقد سرّاً بين رجل وامرأة من غير ولي ولا شهود فهو باطل باتفاق أهل العلم، وإن عقد بولي وشهود وتواصى الجميع على كتمانه فهو باطل عند مالك، صحيح عند باقي الأئمة، وإن عقد بولي من غير شهود فهو باطل عند الأئمة كلهم، خلافاً للإمام مالك الذي لم يشترط أثناء العقد حضور الشهود مشترطاً بدلاً من ذلك الإعلان والظهور، أما الشهادة عنده فهي واجبة قبل الدخول على ما بينّا، فإن عقد من غير ولي فهو باطل عند الثلاثة صحيح عند أبي حنيفة، وبذلك يظهر من خلال هذا العرض السابق أن الذين يفتون بأن عقد الزواج العرفي إذا كان بإيجاب وقبول وشهود عقد شرعي إذا لم توجد فيه وثيقة قول يحتاج إلى تفصيل وبيان.

وفي الاتجاه المقابل فإن من يذهب إلى القول بحرمة هذا الزواج، فهو قول يحتاج أيضاً إلى بيان وتفصيل الأسباب المصاحبة التي أدت إلى القول بذلك، ولا نعتبر تحريمهم له بوصفه زواجاً عرفياً حكماً سليماً، وعلى هذا ينقشع الكثير من الخلاف الدائر حول الزواج العرفي إذا تم التعامل وفق الفهم السابق والله أعلم.

ولكن حسب  التعريفات للزواج العرفي أنّه لا فرق بينه وبين الزواج الشرعي، ولكن هناك فرقاً بينه وبين الزواج الرسمي، فالزواج حتى يكون رسمياً لابدّ من توثيقه في الدائرة الخاصة بالتوثيق في الدولة، أما الزواج الشرعي فلا يلزم التوثيق فيه.

فكل من الزواج العرفي والزواج الرسمي يعتبر عقداً شرعياً كما سبق بيانه، والفارق بينهما أن الزواج الرسمي تصدر به وثيقة رسمية من الدولة، بخلاف الزواج العرفي الذي يعقد مشافهة أو تكتب فيه ورقة عرفية، وقد عرف رجال القضاء المعاصرون الوثيقة الرسمية بأنها "التي تصدر من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها[113]".


والوثيقة الرسمية لا تقبل الإنكار، ولا يجوز الطعن فيها بحال، وبناءً على ذلك يثبت بها عقد النكاح قطعاً، أما عقد الزواج العرفي ولو أثبت بالشهود، أو وثيقة عرفية فإنه يقبل الطعن فيه، ويقبل الإنكار.

إذا تم عقد النكاح العرفي بإيجاب من الولي وقبول من الزوج وشهد عليه شاهدان، وتواصى الزوجان والولي والشهود على كتمانه وعدم إذاعته فهذا زواج باطل عند الإمام مالك[114] رحمه الله تعالى، وعند ابن شهاب الزهري[115]، وأكثر أهل المدينة، والليث بن سعد[116]، لكونه نكاح سرّ[117].

والشهادة عند المالكية واجبة مثل اشتراطهم وجوب الإعلان عند العقد، ولكن يجوز تأخير الشهادة عن العقد إلى ما قبل الدخول، فإن لم يشهد عليه أحد قبل الدخول انفسخ النكاح ووجب الحد إذا أقر بالدخول أو ثبت بشهادة أربعة شهود، لكن لو أعلن النكاح بوليمة ونحو ذلك فإن الحد في هذه الحالة يدرأ.

 يقول الشيخ الدسوقي[118]: "حاصله أن الإشهاد على النكاح واجب، وكونه عند العقد مندوب زائداً على الواجب فإن حصل الإشهاد عند العقد فقد حصل الواجب والمندوب، وإن لم يحصل عند العقد كان واجباً عند البناء"[119].

ويمكن أن نسجل بعض مواقف السلف من العقد العرفي :

1- فقد نقل عنهم ببطلان الزواج بدون ولي وقد ردَّ فاروق الأمة عمر بن الخطاب ض هذا الزواج وجلد عليه.

2- وقال حبر الأمة ابن عباس ض: البغية هي التي تزوج نفسها. 

3-  وصحَّ هذا أيضاً عن أبي هريرة ض حيث قال: "الزانية هي التي تزوج نفسها أو غيرها".

هذا وقد حكى بن المنذر ( رحمه الله) أنه لا يعرف عن الصحابة سوى ذلك . 

4-  قال الترمذي ( رحمه الله) في ( جامعه 4/232) "والعمل في هذا الباب علي حديث النبي: "لا نكاح بغير ولي"، عند أهل العلم من أصحاب النبي  منهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس ، وأبو هريرة وغيرهم.

وهكذا روي عن بعض فقهاء التابعين أنهم قالوا لا نكاح إلا بولي ومنهم:

سعيد بن المسيب ، الحسن البصري، وشريح ، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، وبهذا يقول سفيان الثوري والأوزاعي ومالك وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد.

هذا عن الزواج الذي لا ولي فيه، أما ما توفر على كل الشروط ولكنه لم يسجل في الدوائر الحكومية كما نسميه في الجزائر "الفاتحة"، فهذا وإن توفر على جميع أركان العقد الشرعي فهو زواج صحيح، لكن قد يترتب على ذلك مفاسد كثيرة، إذ المقصود من تسجيل الزواج في المحكمة صيانة الحقوق لكلا الزوجين وتوثيقها، وثبوت النسب وغير ذلك، ورفع الظلم أو الاعتداء إن وجد، وربما تمكن الزوج أو الزوجة من أخذ الأوراق العرفية وتمزيقها وإنكار الزواج، وهذه التجاوزات تحصل كثيراً. 

وسواء كان الزواج عرفياً أم غير عرفي فلا بد أن تتوفر فيه الأركان والشروط كي يكون صحيحاً.

أما الأركان فأهمها: الإيجاب والقبول.

وأما الشروط فأهمها: الولي، والشاهدان، والصداق (المهر) لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه ابن حبان في صحيحه عن عائشة وقال: ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر، وصححه ابن حزم، ورواه البهيقي والدراقطني، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان والألباني.

وأما الصداق فلا بد منه، لقوله تعالى: ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) [النساء:4] ولقوله صلى الله عليه وسلم: لرجل أراد أن يزوجه من امرأة: "التمس ولو خاتماً من حديد" رواه البخاري ومسلم.

ومن هنا فإننا ننصح إخواننا المسلمين بالبعد عن الزواج العرفي، والحرص على الزواج الصحيح الموثق.

أسباب انتشار الزواج العرفي :

منها: الهروب من العنوسة والقبول بأي صيغة من صيغ العقود حتى ولو كان بيعا وشراء، للظفر بعريس .

ومنها: تحقيق الرغبات الجنسية والبيولوجية لدى الشباب  في غياب الوازع الديني.

ومنها: التستر على جرائم الزنى والاغتصاب، حيث يلجأ كثير من الناس لإبرام عقد عرفي أو سري بعد الوقوع في جريمة الزنى خاصة إذا ظهر الحمل،للتحايل على القانون والهروب من العقاب.

ومنها: بعض القوانين الجائرة في منع التعدد خاصة تعديل قانون الأسرة سنة: 2005م، والذي عليه كثير من الملاحظات، والذي لا يسمح بتعدد الزوجات، فيلجأ كثير من الناس للتستر على زواج ثاني وثالث...وهناك أسباب أخرى مثل: المغالاة في المهور، وزيادة أعباء وتكاليف الزواج إلى حد الإرهاق، والبطالة وتقلص فرص العمل، والجهل وعدم إدراك خطورة الزواج العرفي والآثار المترتبة عليه، والتخلي عن الآداب والقيم الإسلامية في محيط المجتمع والأسرة، وانتشار كثير من وسائل منع الحمل وتيسير الحصول عليها..الخ. 

ومن آثار الزواج العرفي فيما يلي:

 1 - من الناحية القانونية: عقد الزواج العرفي سواء كان محرراً أو شفهياً، فإنه لا يترتب عليه أي حق لأي من الزوجين تجاه الآخر، فمثلاً لا يحق للمتزوجة عرفياً أن تطالب بنفقة من زوجها، كذلك لا يحق لأي من الطرفين المتزوجين عرفياً أن يرث الطرف الآخر عند وفاته، ولكن يعتد به إثبات نسب الأبناء.

 2 - من الناحية الشرعية: يعتد به شرعياً طالما توافرت فيه شروط العقد الموثق من قبول وإيجاب، وألا يكون أحد الطرفين فاقداً للأهلية (كالمجنون أو صغير السن)، وتوافر ركني الإشهاد (وجود شهود عدل إما رجلين أو رجل وامرأتين)، وكذلك الإشهار أو الإعلان لكل من يعلم وكل من يريد العلم، وتلك هي النقطة مثار الجدل في موضوع الزواج العرفي، حيث أن من يلجأ لتلك الطريقة يكون من أجل السرية والكتمان، فهو إما أنه لا يستشهد بشهود على الإطلاق أو يستشهد باثنين من معارفه مع توصيتهما بالكتمان، وبالتالي فإن الزواج في هذه الحالة يكون باطلاً، وهناك عدد من الأحاديث الشريفة التي توجب إعلان الزواج، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " أعلنوا النكاح ولو بدف"، وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح: خاطب وولى وشاهدا عدل"، وإضافة لما سبق فإن بعض العلماء يرون وجود التوثيق في الزمن الحالي وفي المجتمعات الكبيرة حتى لا يكون هناك مجال للتلاعب بالأعراض.

 3 - من الناحية الاجتماعية: في ذلك الجانب فإن الزواج العرفي يثير عدداً من المشكلات الاجتماعية، حيث أن البعض يستغله كوسيلة للتغرير بالإناث لرغبات طارئة، ثم يتبرأ ويتنصل من ذلك العقد، وكذلك في مجال الميراث خاصة إذا كان الزوج متزوجاً بامرأة أخرى زواجاً رسمياً مما قد يؤدى إلى إثارة العديد من المشكلات والمنازعات التي تؤثر على ثبات واستقرار الأسرة والمجتمع، وما سبق ذكره من مشكلات قانونية تنعكس بالتالي على مختلف جوانب المجتمع، هذا إلى جانب ما ظهر أخيراً من استغلال الزواج العرفي للتستر على شبكات الدعارة والأعمال المنافية للآداب.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      رابعا: مسائل حديثة في إثبات النسب

البصمة الوراثية ودورها في إثبات النسب ونفيه والآثار المترتبة على ذلك.

مقدمة

أولا: معنى البصمة الوراثية وشروط العمل بها

ثانيا: دور البصمة الوراثية في إثبات النسب حكم استخدام البصمة الوراثية في نفي النسب

ثالثا: دور البصمة الوراثية في نفي النسب حكم استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب

رابعا: متى نلجأ الى البصمة الوراثية

 

 

 

 

 

مقدمة:

لقد قسم العلماء الفقه إلى فقه عبادات، وفقه معاملات، وفقه واقع يساير بعض النوازل، ويتماشى مع ما استجد في حياة الناس المتطورة والمتغيرة في كل عصر.

وإن من نوازل العصر ما يُسمى بالبصمة الوراثية، وما ينجر عنها من تبعات في إثبات النسب ونفيه، والحاجة ماسة في تجديد كثير من الأدوات والوسائل لإدراك كثير من المسائل العالقة والمتجددة في حياة الناس، بما يضمن إعطاء نتائج دقيقة وحقيقية تسمح بتيسير حياة الناس، وبحفظ مصالح الناس "فالشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها"[120].

أولا: مفهوم البصمة الوراثية[121]:

تعريف البصمة:

البصمة هي: "أثر الختم بالإصبع"، وبصمَ بَصماً إذا ختَم بطرف إصبعه[122]،  وهي الانطباعات أو الآثار التي تتركها الأصابع عند ملامستها سطحاً مصقولاً، وهي لا تتشابه إطلاقاً حتى في أصابع الشخص الواحد، وتتكون كل بصمة من وحدات كيميائية ذات شقين محمولة في المورثات، وموزعة بطريقة مميزة، تفرق بدقة بارعة كلَّ فرد من الناس عن الآخر، وتتكون البصمة منذ فترة الانقسام في البويضة الملقحة، وتبقى كما هي حتى بعد الموت، ويرث كل فرد أحد شقي البصمة من الأب والآخر من الأم، بحيث يكون الشقان بصمة جديدة، ينقل الفرد أحد شقيها إلى أبنائه وهكذا[123].

إصطلاحا:

تعريف البصمة الوراثية من الناحية العلمية الطبية:

البصمة الوراثية هي: التركيب الوراثي الناتج عن فحص حمض نووي لعدد واحد أو أكثر من أنضمة الدلالات الوراثية[124].

تعريف البصمة الوراثية من الناحية الشرعية القانونية:

الصفات الوراثية التي تنتقل من الأصول إلى الفروع، والتي من شأنها تحديد شخصية كل فرد عن طريق تحليل جزء من حامض الدنا الذي تحتوي عليه خلايا جسده[125].

وهي اكتشاف علمي حديث ينسب إلى العالم الإنجليزي "أليك جفري" والأصح: "آليك جيفريز"[126] من جامعة ليستر بإنجلترا، وقد سجل براءة اختراعه في نوفمبر 1984م، أثبت فيه أن لكل شخص بصمة وراثية خاصة به تميزه عن غيره من الناس[127].

وعرفت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية البصمة الوراثية بأنها "البنية الجنينية نسبة إلى الجينات المورثات التفصيلية التي تدل على هوية كل فرد بعينه، وهي وسيلة  لا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية والتحقق من الشخصية" والصفات الوراثية تنتقل من الأصول إلى الفروع والتي من شانها تحديد شخصية كل فرد عن طريق تحليل جزء من حامض: ADN[128] الذي يحتوي عليه خلايا جسميه: وهو اختصار للاسم العلمي [Acide Nucleaire doxy ]؛ أي الحامض النووي الريبي الديوكوسي، وسمي بذلك لأنه منزوع الأوكسجين، وقد استخلص العلماء أنها تختلف من شخص إلى آخر، رغم أنها تتكون من مكونات واحدة، وإنما التركيب مختلف.

وأساس البصمة الوراثية يقوم على أن طبيعة الشخص والأمراض التي يصاب بها تكون محفوظة على هيئة جينات على شريط ADN وقد اتضح أن هذا الحامض النووي ADN سلسلة طويلة تبلغ حوالي المتر، مرصوص عليها جينات  يتراوح عددها من خمسين إلى مائة ألف، وكل جين مرتب في موقع معين على كروموزم معين، كما أن الجين يتركب من زوجين متكررين من القواعد، الزوج الأول يتكون من الأدنين والتايمين والزوج الثاني يتكون من الجوانين والسيتوزين، كل زوج يتعاشق مع نفسه ثم  يلتف مع الزوج الآخر بشكل حلزوني كشريط الأسطوانة، حيث يبلغ عدد القواعد في الجين الواحد ثلاثين ألفا، وبذلك يكون الحامض النووي في الخلية الواحدة محتويا على مائة ألف جين، وهذا يتألف من ثلاثة بلايين زوج من القواعد، كما ثبت أن هذه الجينات هي الشفرة التي تحمل سيرة الإنسان الذاتية في أدق التفاصيل الوراثية.

ويتم انتقال هذه المعلومات الوراثية من الأبوين إلى الطفل، وذلك باندماج كل من الحيوان المنوي الذي يحمل 23 صبغيا والبويضة التي تحتوي بدورها على 23 صبغي عن طريق الإخصاب، مستكملة بذلك البويضة 46 صبغي الذي هو العدد الواجب للخلية في جسم الإنسان.

وللإشارة فإن هذه السلاسل تختلف من شخص لآخر، بحيث أن إمكانية التشابه بين شخصين في هذه السلاسل تكاد تكون معدومة أي أن لكل إنسان على وجه الأرض بصمته الوراثية الخاصة به باستثناء التوائم المتطابقة فهو تركيب ينفرد به الشخص تماما مثل بصمة الأصبع.

ومعرفة البصمة الوراثية أو الجنينية لشخص ما يتم عن طريق فحص الحمض النووي لأحد المواد السائلة في جسمهّ، كاللعاب والدم في حالة إثبات البنوة، والمني في حالة الاغتصاب، أو لأحد أنسجة الجسم كاللحم أو الجلد أو المواد الأخرى كالشعر والعظام سواء كان الإنسان حيا أو ميتا أو حتى ولو كان رفاتا.

وأهم ميزة تنفرد بها هذه التقنية أنها لا تقتضي سوى الحصول على جزئي المادة الوراثية ولو من رفات، وهي بذلك تسمح بالتعرف على النسب الحقيقي للأبناء حتى ولو كان آباؤهم متوفين على خلاف الاستنساخ البشري الذي يتطلب حسب الغالب خلية حية تستطيع أن تتضاعف[129].

وهكذا فإن التقنية العلمية  التي تقوم على التحليل الجيني للبصمات الوراثية  تعطي بالنسبة لإثبات النسب أو نفيه معا نتائج متطابقة للحقيقة بشكل قاطع لا مجال فيه لأية خطأ[130].

متى نلجأ لهذه المسألة نفيا وإثباتا:

ويمكن استخدام البصمات الوراثية في مجالات كثيرة ترجع في مجملها إلى مجالين رئيسين هما:

الأول: المجال الجنائي: وهو مجال واسع يدخل ضمنه الكشف عن هوية المجرمين في حالة ارتكاب جناية ما، أو في حالة انتحال شخصيات الآخرين، ونحو ذلك من المجالات الجنائية.

الثاني: مجال النسب: وذلك في حالة الحاجة إلى إثبات البنوة أو الأبوة لشخص أو نفيهما عنه، وفي حالة اتهام المرأة من وطء شبهة أو زنا.

وقد أصبح تحديد أب الطفل أو أمه بواسطة هذا النوع من العلم على درجة عالية من الدقة، وبالتالي توفر بالنسبة لإثبات النسب أو نفيه نتائج مطابقة للحقيقة بشكل قاطع لا مجال فيه لآية نسبة من الخطأ[131].

على اعتبار أن نسبة الإيجابية فيها تصل إلى 99,99% أي أن النسبة السلبية لم يتجاوز  0,01% وأن احتمال أن يكون شخص له نفس البصمة الوراثية لشخص آخر كما سبقت الإشارة إلى ذلك هو احتمال معدم باستثناء التوائم  المتطابقة.

ومما لا يخفى على أحد أن اعتبار البصمة الوراثية وسيلة لإثبات النسب أو نفيه سوف يكون له مزايا كثيرة: 

- تعين الأم الحقيقية في حالة اختلاط الأطفال داخل حيز مكاني واحد كمصحة للولادة[132].

- إذا ادعى الزوج بأنه لم يلتق زوجته التي عقد عليها والتي أنجبت ولد بعد مرور أدنى مدة الحمل منذ العقد.

- التنازع بين نسب شرعي ناتج عن شهادة الميلاد ونسب طبيعي ناتج عن إقرار، وأيضا التنازع بين نسبين طبيعيين في حالة وجود إقرارين متتاليين ويتم الحسم في استحقاق الأبوة بين أبوين من خلال إقصاء أحدهما والاعتراف بأبوة الآخر.

- قد تتزوج امرأة في عدة طلاق أو وفاة ثم يظهر عليها حمل، وقد تحصل الولادة في الآجال القانونية التي تفيد احتمال كون الأب هو الزوج الأول أو كون الأب هو الزوج الثاني، كما إذا ولدت هذه المرأة داخل  ستة أشهر من دخول زوجها الثاني وبعد أقل من سنة من فراقها مع الزوج الأول[133].

ولقد أوصى المؤتمر العربي الثالث لرؤساء أجهزة الأدلة الجنائية المنعقد في عمان (ما بين 10-12 مايو 1993م) بناء على طلب من أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية تضمين برنامج عملها دراسة نظام تصنيف السوائل البيولوجية بنظام بصمة الحمض النووي (DNA) ومدى إمكانية الاستفادة منها في مجال العدالة الجنائية بالدول العربية، وبالفعل قامت أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية بإعداد دراسة حول الموضوع تحت عنوان: (البصمة الوراثية والتحقيق الجنائي)،في عام 1993م، وقد أشارت الدراسة إلى ضرورة الاهتمام ببصمة الحمض النووي وإمكانية الاستفادة في مجال مكافحة الجريمة في البلاد العربية[134].

وعقدت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الندوة الفقهية الطبية الحادية عشر بالكويت خلال المدة من 23-25 جمادى الآخرة 1419 هـ الموافق 13-15 أكتوبر 1998م، لدراسة تطورات علم الوراثة والهندسة الوراثية، والجينوم البشري، والعلاج الجيني من منظور إسلامي، وتناولت بحوثًا قيمة من بينها: "البصمة الوراثية ومدى حجيتها في إثبات النسب ونفيه".

كما قدم مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشر المنعقد بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت 11 رجب 1419 هـ الموافق 31 أكتوبر 1988م، وفي دورته السادسة عشر المنعقدة التي عقدت في الفترة من 21-26/10/1422 هـ الموافق 5-10/1/2002م، موضوع: "البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها".

وقد قدمت بحوث مهمة لبعض الباحثين أمثال: الدكتور وهبة الزحيلي متناولاً بحثه المقدم للمجمع (البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها)، والدكتور عمر بن محمد السبيّل - رحمه الله - الذي عرض ملخصًا لبحثه الذي تقدم به (البصمة الوراثية ومدى مشروعية استخدامها في النسب والجناية)، وشارك الدكتور نجم عبدالله عبد الواحد ببحث (البصمة الوراثية وتأثيرها على النسب إثباتًا أو نفيًا)....وغيرهم.

وتحدث نخبة من العلماء المشاركين في الجلسة منهم الدكتور سعد الدين الهلالي، والشيخ عبد الله بن بيه، والدكتور محمد الصديق الضرير وآخرون غيرهم، كما شاهد أعضاء المجلس عرضًا مرئيٌّا يظهر ماهية البصمـة الوراثيـة وكيفية عملها ومجالات استخدامها تقدّم به الرائد ناهض بن عقـلا الناهض رئيس قسم الفحوص الوراثية في الأمن العام بوزارة الداخلية.

وقد خرج المجلس في جلسته الختامية بالقرارات الآتية في مجال البصمة الوراثية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

 فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21 ـ 26/10/1422هـ الذي يوافقه من 5 ـ 10/1/2002م، وبعد النظر إلى التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشرة، ونصه: (البصمة الوراثية هي البُنية الجينية (نسبة إلى الجينات، أي المورثات) التي تدل على هوية كل إنسان بعينه، وأفادت البحوث والدراسات العلمية أنها من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطب الشرعي، ويمكن أخذها من أي خلية (بشرية) مـن الدم، أو اللعاب، أو المني، أو البول، أو غيره) ـ وبعد الاطلاع على ما اشتمل عليه تقرير اللجنة التي كلفها المجمع في الدورة الخامسة عشرة بإعداده من خلال إجراء دراسة ميدانية مستفيضة للبصمة الوراثية، والاطلاع على البحوث التي قدمت في الموضوع من الفقهاء والأطباء والخبراء، والاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله.

  تبين من ذلك كله أن نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية في إثبات نسبة الأولاد إلى الوالدين أو نفيهم عنهما، وفي إسناد العينة (من الدم أو المني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلى صاحبها، فهي أقوى بكثير من القيافة العادية (التي هي إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفرع)، وأن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردًا من حيث هي، وإنما الخطأ في الجهد البشري أو عوامل التلوث ونحو ذلك، وبناء على ما سبق قرر ما يأتي:

أولاً: لا مانع شرعًا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص، لخبر:(ادرأوا الحدود بالشبهات)، وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة.

ثانيًا: إن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية، ولذلك لا بد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية.

ثالثًا: لا يجوز شرعًا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.

رابعًا: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعًا، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونًا لأنسابهم.

خامسًا: يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:

أ ـ   حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.

ب ـ حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.

ج ـ حالات ضياع الأطفال واختلاطهم، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين. 

سادسًا: لا يجوز بيع الجينوم البشري لجنس، أو لشعب، أو لفرد، لأي غرض، كما لا تجوز هبتها لأي جهة، لما يترتب على بيعها أو هبتها من مفاسد.

سابعاً: يوصي المجمع بما يأتي:

أ ـ   أن تمنع الدولة إجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء، وأن يكون في مختبرات للجهات المختصة، وأن تمنع القطاع الخاص الهادف للربح من مزاولة هذا الفحص، لما يترتب على ذلك من المخاطر الكبرى.

ب ـ تكوين لجنة خاصة بالبصمة الوراثية في كل دولة، يشترك فيها المتخصصون الشرعيون، والأطباء، والإداريون، وتكون مهمتها الإشراف على نتائج البصمة الوراثية، واعتماد نتائجها.

ج ـ أن توضع آلية دقيقة لمنع الانتحال والغش، ومنع التلوث وكل ما يتعلق بالجهد البشري في حقل مختبرات البصمة الوراثية، حتى تكون النتائج مطابقة للواقع، وأن يتم التأكد من دقة المختبرات، وأن يكون عدد المورثات (الجينات المستعملة للفحص) بالقدر الذي يراه المختصون ضروريٌّا دفعًا للشك، والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمدr[135].

ويرى المشاركون في الندوة التي عقدت حلقة نقاش في الكويت بتاريخ 28/29 محرم 1421ﻫ الموافق لـ: 3/4 ماي 2000م، ضرورة توافر الضوابط الآتية عند إجراء تحليل البصمة الوراثية:

أ- أن لا يتم إجراء التحليل إلا بإذن من الجهة الرسمية المختصة.

ب- أن يجرى التحليل في مختبرين على الأقل ومعترف بهما على أن تؤخذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم معرفة أحد المختبرات التي تقوم بإجراء الاختبار بنتيجة المختبر الآخر.

ج- يفضل أن تكون هذه المختبرات تابعة للدولة وإذا لم يتوافر ذلك يمكن الاستعانة بالمختبرات الخاصة الخاضعة لإشراف الدولة ويشترط على كل حال أن تتوافر فيها الشروط والضوابط العلمية المعتبرة محلياً، وعالمياً في هذا المجال.

د- يشترط أن يكون القائمون على العمل في المختبرات المنوطة بإجراء تحاليل البصمة الوراثية ممن يوثق بهم علما وخلقا وألا يكون أي منهم ذا صلة قرابة أو صداقة أو عداوة أو منفعة بأحد المتداعين أو حكم عليه بحكم مخل بالشرف أو الأمانة[136].

حكم العمل بالبصمة الوراثية لإثبات النسب ونفيه:

فالشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها"[137].

أولا يجب معرفة أن النظريات العلمية الحديثة مهما بلغت من الدقة والقطع بالصحة في نظر المختصين إلا أنها تظل محل شك ونظر، لما علم بالاستقراء للواقع أن بعض النظريات العلمية المختلفة من طب وغيره يظهر مع التقدم العلمي الحاصل بمرور الزمن إبطال بعض ما كان يقطع بصحته علمياً، أو علي الأقل أصبح مجال شك، ومحل نظر، فكم من النظريات الطبية علي وجه الخصوص - كان الأطباء يجزمون بصحتها وقطعيتها، ثم أصبحت تلك النظريات مع التقدم العلمي الطبي المتطور ضرباً من الخيال[138].

وهذا أمر معلوم وثابت مما يحتم علي الفقهاء والباحثين الشرعيين التروي في النظر، وعدم الاندفاع بالأخذ بالنظريات العلمية كأدلة ثابتة توازي الأدلة الشرعية أو تقاربها، فضلاً عن إحلال تلك النظريات محل الأدلة الشرعية الثابتة[139] أمارات قد تحمل عليه، أو قرائن قد تدل علية، لأن الشارع يحتاط للأنساب ويتشوف غلي ثبوتها . ويكتفي في إثباتها بأدنى سبب، فإذا ما ثبت النسب فإنه يشدد في نفيه، ولا يحكم به إلا بأقوى الأدلة.

   قال ابن قدامه المقدسي: فإن النسب يحتاط لإثباته ويثبت بأدنى دليل، ويلزم من ذلك التشديد في نفيه، وأنه لا ينتفي إلا بأقوى دليل[140].

   وقال العلامة بن القيم: ( وحيث اعتبرنا الشبه في لحوق النسب، فإنما إذا لم يقاومه سبب أقوي منه، ولهذا لا يعتبر مع الفراش، بل يحكم بالولد للفراش وإن كان الشبه لغير صاحبه، كما حكم النبي rفي قصة عبد ابن زمعة بالولد المتنازع فيه لصاحب الفراش ولم يعتبر الشبه المخالف له فاعملr  الشبه في حجب سوده، حيث أنتفي المانع من إعماله في هذا الحكم بالنسبة غليها ولم يعلمه في النسب لوجود الفراش )[141].

يقول الشيخ عبد المحسن العبيكان: من المعلوم شرعا أن إثبات النسب لا يحصل إلا بأحد هذه الأمور:

 عقد النكاح الصحيح، أو عقد النكاح الفاسد، أو شبهة عقد النكاح، أو الوطء بشبهة، مثل رجل أتى امرأة بالليل ظنا أنها زوجته فجامعها وحملت، أو رجل تزوج بعقد فاسد وظن انه صحيح، فهذا يثبت به النسب.. أما إذا كان بالزنا الصريح، فلا يثبت النسب بالحمض النووي.

 ففي هذه الحالات وما يشبهها، يثبت نسب الطفل إلى الأب والأم، أما في حالة الزنا، فإنه لا يجوز إثبات نسب الطفل إلى الزاني، إنما ينسب إلى أمه فقط، لقول الرسول: «الولد للفراش وللعاهر الحجر«،
وفي ما يتعلق بالحمض النووي، فهذا يأتي بعد إثبات ما يسوغ به إثبات النسب، فإذا حدث احد الأمور التي بموجبها يثبت النسب إلى الأب وحصل نزاع في كون الطفل من هذا الرجل أو لا، هنا يأتي دور البيّنة، وتتضمن القرائن القوية والأدلة الثبوتية التي تشتمل على الأوراق أو الوسائل الحديثة التي يحصل بها الثبوت وتطمئن لها النفس.

ويضيف الشيخ العبيكان:

الشريعة الإسلامية لا تتعارض أبدا مع التطور الحديث أو الوسائل الحديثة، التي حلت محل الكثير من الأدلة القديمة في المسائل التي يتطرق إليها الشك، وهذه الأدلة الحديثة أقوى بكثير من استعمال الوسائل التي كان متعارفا عليها، مثل الشبه بين الولد وأبيه، أو القيافة، وغيرها من الأمور المعروفة قديما.

وعندما سألنا الشيخ العبيكان: ماذا لو تقدمت فتاة للقاضي هنا بالسعودية، وقالت له: هذا الطفل ابن لهذا الرجل ولا يوجد عقد زواج بينهما، هل يجوز للقاضي أن يستخدم تحليل الحمض النووي DNA لإثبات النسب للرجل؟.

أجاب قائلا: القاضي أولا ينظر إلى العقد، أو حتى شبهة عقد، أو حدوث جماع بطريقة غير محرمة، بعد ذلك ينظر في اثبات النسب بالحمض النووي، وان المدة كافية لوجود الحمل وولادة الجنين[142].

وجاء في بيان ختام أعمال المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة, الذي انعقد  بمكة المكرمة في 31 أكتوبر1998, حول موضوع البصمة الوراثية ومجال الإستفادة منها على أنه لو تنازع رجلان على أبوة طفل فإنه يجوز الإستفادة من استخدام البصمة الوراثية.

وذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلي جواز الأخذ بالبصمة الوراثية والاكتفاء بها عن اللعان إذا دلت نتائجها عن انتفاء النسب بين الزوج والمولود علي فراشه، معللين لذلك بأن الزوج إنما يلجأ إلي اللعان لنفي النسب عند فقد من يشهد له بما رمي به زوجته، وحيث أن الفحص من خلال البصمة الوراثية قد يدل علي صحة قول الزوج، فإنها تكون بمثابة الشهود التي تدل علي صدق الزوج فيما يدعيه علي زوجته في حال ثبوت انتفاء النسب بين الزوج والمولود علي فراشه من خلال نتائج البصمة الوراثية[143].

يقول الاستاذ عمر بن محمد السبيل: "وقد ذكر لي فضيلة الشيخ عبد العزيز القاسم وهو أحد القضاة في محكمة الرياض الكبرى أنه تقدم إليه شخص بطلب اللعان من زوجته بالانتفاء من بنت ولدت علي فراشه، فأحال القاضي الزوجين مع البنت إلي الجهة المختصة لإجراء اختبارات الفحص الو راثي، فجاءت نتائج الفحص بإثبات أبوة هذا الزوج للبنت إثباتاً قطعياً، فكان ذلك مدعاة لعدول الزوج عن اللعان وزوال ما كان في نفسه من شكوك في زوجته، كما زال أيضاً بهذا الفحص الحرج الذي أصاب الزوجة وأهلها جراء سوء ظن الزوج، فتحقق بهذا الفحص مصلحة عظمي يتشوف إليها الشارع ويدعو إليها"[144].

يقول علي العقلا، المحامي والمستشار القانوني:

ـ إثبات النسب في الأساس يتم بإقرار الزوجين وبالبيّنات التي من ضمنها حصول الزواج الشرعي بأي شكل كان، أو شهادة الشهود، أو عقد شرعي موثق، وفي حالة عدم وجود بيّنة يعتمد على القيافة، وهي تعريف النسب بالشبه، أي تطابق شبه الطفل مع أبيه، وهي معمول بها في المحاكم، كما أنه لا يوجد مانع من استخدام تحليل البصمة الوراثية في إثبات النسب إذا أقرها كبار العلماء[145].

الخاتمة:

وأخيرا نصل الى نهاية هذا البحث راجين من الله العلي القدير أن يبارك لنا في نتائجه، ومن أهم ما توصلنا إليه فيه:

1- لا بد من الفقه أن يجد حلولا مناسبة لبعض مستجدات الحياة في ضوء العلم وتتماشى مع المتغيرات التي يعيشها الانسان المسلم.

2- توضيح الأحكام الشرعية الخاصة بالعقيدة وبالشريعة على السواء للأخذ بها .

3- مواكبة العصر في تطوراته، باستحداث مناهج جديدة تخدم الدين والحياة، وبالتالي تسهل حياة الفرد والمجتمع.

 

 

 

مصادر البحث:

1.     بحث الشيخ محمد مختار السلامي في ثبت أعمال ندوة الوراثة والهندسة الوراثية.

2.     النفراوي: أحمد بن غنيم بن سالم: الفواكه الدواني ـ دار الفكر ـ بيروت ـ 1405هـ .

3.     المستصفي: لحافظ الدين النسفي، مخطوط بدار الكتب - ذكر ذلك في "أثر العرف في التشريع الإسلامي" ص50 ، ونشر العرف، لابن عابدين؛ مجموعة رسائل ابن عابدين: 2 /112.

4.     أنظر البصمة الوراثية وتأثيرها علي النسب إثباتاً ونفياً، للدكتور نجم عبد الواحد، مناقشات جلسة المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي عن البصمة الوراثية في دورته ( 15 ).

5.     علم أصول الفقه المؤلفعبد الوهاب خلاف (المتوفى: 1375هـ، مكتبة الدعوة - شباب الأزهر، الطبعة الثامنة لدار القلم، قسم: 01، ص: 89.

6.     كريمة بارودي "الإستنساخ من الناحية القانونية". مجلة المعيار, 2002 .

7.     مجلة البحوث الفقهية، مجلة علمية محكمة في الفقه الإسلامي، العدد (36)، السنة التاسعة، رجب – شعبان – رمضان، 1418هـ، نوفمبر – ديسمبر – يناير 97-1998م.

8.     يوسف وهابي: تحليل البصمة الوراثية ADN ودورها في إثبات أو نفي النسب قراءة في مواقف القضاء والتشريع (مدونة الأسرة) دراسة مقارنة مجلة الملف، العدد 8 مارس 2006 م.

9.     ابن تيمية، تقي الدين: مجموع الفتاوى، ج16، ص 212، 214، 215.

10.ابن حجر: فتح الباري ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ج8 ص472.

11.ابن شهاب الزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، أبو بكر القرشي، أول من دون الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، تابعي من أهل المدينة، توفي سنة 124هـ الذهبي، محمد: سير أعلام النبلاء، ج5، ص 326، الزركلي، خير الدين: الأعلام، ج7، ص 97.

12.إثبات البنوة بين الشك واليقين, مؤتمر الطب الشرعي بالقاهرة جريدة الإتحاد الإشتراكي 1/1/1995 ..

13.أحاديث الأحكام، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، دار الفكر، سنة النشر: 1414هـ/1994م.

14.إدريس الفاخوري "إثبات ونفي النسب بالتحاليل الطبية" مجلة رسالة الدفاع العدد الثالث 2002 .

15.استاذ التعليم العالي للعلوم الاسلامية، ورئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، وعضو المجلس العلمي الأعلى لـ''التجديد'' وجدة، و عضو اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة)، المغرب.

16.استشارات فقهية في الزواج الأبيض، مقالات، مجلة حركة التوحيد والاصلاح الالكترونية، الدكتور أحمد الرسيوني: http://alislah.ma/component/k2/item/5420-2013-06-04-10-51-16.html بتاريخ: الثلاثاء, 23 أبريل 2013م.

17.إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزيةّ، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، (بيروت: دار الفكر، الطبعة الثانية، 1397 هـ- 1977م).

18.البصمة الوراثية ودورها في اثبات النسب، زياد حمد عباس الصميدعي، مجلة الجامعة الاسلامية.

19.البصمة الوراثية، مقال: عبد الرحمن بن عبد اللّه السند، الخميس :: 24 محرّم 1435 هـ : 28 نوفمبر 2013 م. موقع المختار الاسلامي.

20.التعريفات للجرجاني، ص: 193 .

21.الدسوقي: هو محمد عرفة الدسوقي المالكي، ولد ببلدة دسوق من قرى مصر، توفي بالقاهرة في سنة 1230هـ، انظر مقدمة حاشية الدسوقي، الزركلي، خير الدين، ج6، ص 17.

22.الزواج العرفي، الشريف، حامد: (القاهرة: الدار البيضاء، (د.ط)، (د.ت))، ص 49.

23.الشافعي: الأم ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ط2 ـ 1393هـ ـ .

24.الشرح الصغير، أبو البركات، الدردير: ج2، ص 382.

25.الشوكاني: السيل الجرار ـ تحقيق محمود زايد ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط1 ـ 1405هـ ـ.

26.الصنعاني: سبل السلام ـ ج2 ص588.

27.الصنعاني، سبل السلام

28.الطرق الحكمية، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، الناشر: مكتبة دار البيان، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ .  

29.الفوزان صالح الفوزان، موقع طريق الإيمان، العقيدة الإسلامية، تاريخ النشر: 10 ذو القعدة 1427هـ - 1‏/12‏/2006م.

30.اللعب بالجينات كارثة الهندسة الوراثية سلاح ذو حدين مجلة صحتك عدد 4 أكتوبر/ 1997 م.

31.الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبو الحارث الفهمي، عالم الديار المصرية، إمام أهل مصر في عصره حديثاً وفقهاً، أصله من خراسان، قال الإمام الشافعي فيه: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به، الذهبي، محمد: سير أعلام النبلاء، ج6، ص 179.

32.المعجم الوسيط المؤلف: مجمع اللغة العربية الناشر: مكتبة الشروق الدولية رقم الطبعة: 4 سنة النشر: 2004م

33.المعجم الوسيط، مجمع اللغه العربيه، الناشر: مكتبه الشروق الدوليه، الطبعة الرابعة، ، بتاريخ: 2004م.

34.المغني لابن قدامة

35.المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت بتاريخ 23جمادى الآخرة 1419ﻫ الموافق ل 13 أكتوبر 1992م لمناقشة موضوع الهندسة الوراثية و الجينوم البشري.

36.النووي: صحيح مسلم بشرح النووي ـ مكتبة أبي بكر الصديق ـ القاهرة .

37.بداية المجتهد

38.بصائر ذوي التمييز: 4 /57.

39.تاج العروس،  تاج العروس من جواهر القاموس،  محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى الزبيدي، طبعة الكويت.

40.تحقيقات اجتماعية، اجراءات صارمة ضد المتاجرين ب: الزواج الأبيض، Saturday, November 02, 2013. http://www.lahamag.com/Details.

41.تهذيب اللغة، أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، (المتوفى: 370هـ)ّ، تحقيقمحمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي – بيروت- لبنان، الطبعةالأولى، 2001م، ج2، ص: 208.

42.حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، شمس الدين محمد عرفة: ، (القاهرة: مكتبة زهران، طبعة مصطفى البابي الحلبي، (د.ت))، ج2، ص 216، ينظر أيضاً: تحقيق المسألة في الفقه المالكي، زيدان، عبد الكريم: المفصل في أحكام المرأة، (بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1413هـ - 1993م)، ج6، ص 109-112.

43.د . محمد نزار الدقر : مقالة " الختان بين الطب والإسلام " مجلة حضارة الإسلام 14 رمضان 1393هـ.

44.د. حسان شمسي باشا : أسرار الختان تتجلى في الطب و الشريعة  مكتبة السوادي جدة 1991

45.د. عبد الرحمن القادري : " الختان بين الطب والشريعة " ابن النفيس دمشق 1996.

46.د. عبد السلام السكري : " ختان الذكر وخفاض الأنثى " الدار المصرية للنشر 1989.

47.دراسات وبحوث، عمر بن محمد السبيل، حكم استخدام البصمة الوراثية في اثبات النسب، http://www.gulfkids.com.

48.دراسة فقه النوازل، د/ عبد الرحمن عوض المطيري .

49.رابطة العالم الاسلامي، المجمع الفقهي الاسلامي، أعمال وبحوث الدورة السادسة عشر، 21-26 شوال، 1422هـ، المجلد الثالث، التوصيات.

50.زاد المعاد في خير هدي العباد، لشمس الدين ابن القيم الجوزية،مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، سنة النشر: 1418هـ / 1998م.

51.شرح النووي على مسلم، دار الخير، (دون طبعة)، سنة النشر: 1416هـ / 1996م، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه.

52.ضوابط ومحاذير في عمليات تجميل شعر المرأة، محمد صالح المنجد، موقع:/ الاسلام، سؤال وجواب، الفتوى رقم: 123351.

53.عبد الكريم بوسكسو " إثبات النسب بالخبرة الطبية في مدونة الأسرة". مجلة المنتدى العدد الخامس يونيو 2005 م.

54.فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المؤلف: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، تحقيق: أحمد بن عبد الرزاق الدويش.

55.فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المؤلف: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، تحقيق: أحمد بن عبد الرزاق الدويش.

56.فتاوى النساء لأصحاب الفضيلة (مجموعة من العلماء)، جمع: الاستاذان: سلمان نصر – سعاد سطحي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 2007م.

57.فتاوى النساء، محمود شلتوت، يوسف القرضوي، عبد الحليم شلتوتّ، متولي الشعراوي، أحمد حماني، اعداد وترتيب نصر سلمان، سعاد سطحي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 2007م، بيروت لبنان.

58.فتاوى معاصرة، القرضاوي، الطبعة الجزائرية الأولى، 1408هـ/1988م

59.فتاوي علماء البلد الحرام .

60.فتوى رقم الفتوى:28359 للمفتي أ.د. أحمد الحجي الكردي، خبير في الموسوعة الفقهية، وعضو هيئة الإفتاء في دولة الكويت، بتاريخ:2008-04-03 م.

61.فقه السنة سيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، الفقه على المذاهب الأربعة، المؤلف: عبد الرحمن الجزيري; الناشر: دار الكتب العلمية; سنة النشر: 1424 – 2003.

62.فقه السنة، سيد سابق، دار الكتاب العربي، بيروت لبنان.

63.فقه النوازل لأبو بكر بن زيد .

64.في بحور العلم، أحمد مستجير، (مصر، دار المعارف، 1996م).

65.لسان العرب، ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم: مادة عرف، ج2، ص 745-747، بتصرف قليل.

66.مجلة مجمع الفقه الإسلامي وقراراته .

67.محمد الأمين البشري: التحقيق الجنائي المتكامل، (الرياض: أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، (1419 هـ-1998م).

68.مركز الفتوى، إسلام ويب، قراءة الفنجان، رقم الفتوى: 77073. http://fatwa.islamweb.net/fatwa.

69.مصطفى بن حمزة، مقال: استشارات فقهية في موضوع الزواج الأبيض، الثلاثاء, 23 أبريل 2013م. http://alislah.ma/component/k2/item.

70.مقال: هل ستصبح قرينة لإثبات النسب؟ http://www.startimes.com/?t=1989801.

71.مناقشات جلسة المجمع في دورته (15)، موجز أعمال الندوة الفقهية الحادية عشر حول الوراثة والهندسة الوراثية.

72.موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصر وفتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر: الموضوع رقم 63 صدرت في مايو 1997م..

73.موقع http://www.obeikaneducation.com.

74.موقع الفقه الإسلامي :كتاب ( الطهارة – باب خصال الفطرة -كتاب ( زينة المرأة بين الطب والشرع .

75.نشر العرف، (مصدر سابق)، رسائل ابن عابدين 2/114.



[1] -  أخرجه أحمد، 13/ 360، برقم 7982، ونص حديث أبي هريرة عنده: <قَالَ أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟ قُولُوا: اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ>، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم 1524، والنسائي، كتاب السهو، نوع آخر من الدعاء، برقم 1303، والبخاري في الأدب المفرد، برقم 690، والحاكم، 1/ 273، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وهو عند أبي داود، برقم 1524، والنسائي في الكبرى، برقم 9973، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، برقم 534.

[2] - المعجم الوسيط المؤلف: مجمع اللغة العربية الناشر: مكتبة الشروق الدولية رقم الطبعة: 4 سنة النشر: 2004م

2 - يحي هارون، موسوعة الإعجاز العلمي (الأظافر)، استنبول، فبراير 2003م، دار النشر، ص: 53.

[4] - هارون يحي، (المصدر السابق)، كتاب الأظافر، ص:56.

[5] - سيد سابق فقه السنة، دار الفتح للإعلام العربي،

[6]  - دكتوراه في الفقه الإسلامي تخصص القضاء الشرعي، ومساعد بحث وتدريس في كلية الشريعة الجامعة الأردنية للعامين الدراسيين 2003-2005م،  كلية الشريعة الجامعة الأردنية، له كتاب: "النظرية العامة للمسؤولية القضائية في التشريع الإسلامي"، دراسة تأصيلية في الفقه الاسلامي والسياسة الشرعية، صادر عن دار الثقافة – عمان. وكتاب: "التلاوة العملية للمبتدئين" كتاب أكاديمي ومحوسب إلكترونيا صادر عن دار فضاءات – عمان.

[7] - كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ص: 308. موقع نداء الايمان: http://www.al-eman.com.

[8]- فتاوى النساء، محمود شلتوت، يوسف القرضوي، عبد الحليم شلتوتّ، متولي الشعراوي، أحمد حماني، اعداد وترتيب نصر سلمان، سعاد سطحي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 2007م، بيروت لبنان.

[10] - الفقه على المذاهب الأربعة، المؤلف: عبد الرحمن الجزيري; الناشر: دار الكتب العلمية; الطبعة الثانية، سنة النشر: 1424 – 2003م، ص:55.

[11] -  مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، تحقيق: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، الناشر: دار الوطن سنة النشر: 1413م.

[12] - مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الحادي عشر - باب فروض الوضوء وصفته، ص:133.

[13] - فتوى رقم الفتوى:28359 للمفتي أ.د. أحمد الحجي الكردي، خبير في الموسوعة الفقهية، وعضو هيئة الإفتاء في دولة الكويت، بتاريخ:2008-04-03 م.

[14] - ناصر بن عبد الرحمن  بن ناصر الحمد، جامعة الرياض، المملكة العربية السعودية  http://alhmd.com/pageother-695.html .                                             

[15] - http://vb.arabseyes.com/t59703.html.

[16] - المغني لابن قدامة ( 2ج/35)،

[17] - بداية المجتهد (1/280)

[18] - الدارقطني، والبيهقي بإسنادين صححين، المجموع ج4/95.

[19] - المجموع للنووي، ج4، ص:187 .

[20] - كتاب نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض ـ الجزء الثالث، ص: 284.

[21] - رواه مسلم وأبو داؤد، والترمذي والنسائي.

[22] - المصدر السابق، الجزء الثالث، صفحة: 41.

[23] - أبو داود: سنن أبي داود ـ ج1 ص158 ـ الحديث رقم 591. الحديث رواه أحمد في مسنده في مسند أم ورقة بنت عبد الله برقم 28042.

[24] -   أبو داود: سنن أبي داود ـ ج1 ص 159 ـ الحديث رقم 592.

[25] - سنن الدراقطني رقم الحديث 1049.

[26] - الحديث في سنن أبي داود برقم 592 ونصه: " عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلاَّدٍ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالأَوَّلُ أَتَمُّ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزُورُهَا فِى بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا".

 

[27] - سنن البيهقي: رقم الحديث 5560.

[28] - بداية المجتهد ج1/ص105

[29] - الصنعاني، سبل السلام ج2/ص29

[30] - سبل السلام، ج2، ص: 523.

[31] - صحيح مسلم رقم الحديث 1013.

[32] - مسند أحمد: رقم الحديث 10561.

[33] - النووي: صحيح مسلم بشرح النووي ـ مكتبة أبي بكر الصديق ـ القاهرة ـ مج2 ص142.

[34] - الصنعاني: سبل السلام ـ ج2 ص586.

[35] - صحيح البخاري رقم الحديث 380.

[36] - الصنعاني: سبل السلام ـ ج2 ص588.

[37] - صحيح البخاري: رقم الحديث 4425.

[38] - ابن حجر: فتح الباري ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ج8 ص472.

[39] - الشوكاني: السيل الجرار ـ تحقيق محمود زايد ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط1 ـ 1405هـ ـ ج1/ص250.

[40] - صحيح البخاري: رقم الحديث 304.

 

[41] -   النفراوي: أحمد بن غنيم بن سالم: الفواكه الدواني ـ دار الفكر ـ بيروت ـ 1405هـ ـ ج1/ص205

[42] - سورة النساء آية 34.

[43] - الشافعي: الأم ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ط2 ـ 1393هـ ـ ج1ص164

[44] - موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصر وفتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر: الموضوع رقم 63 صدرت في مايو 1997م..

 

[45] - متفق عليه - شرح السنة للبغوى ج - 12 ص 109 باب الختان، وقد تحدث الإمام النووى الشافعى في المجموع (جـ1 ص 284 في تفسير الفطرة بأن أصلها الخلقة، قال الله تعالى: ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها ﴾الروم: 30.

[46] - سورة البقرة، آية : 222.

[47]-  د. عبد السلام السكري : " ختان الذكر وخفاض الأنثى " الدار المصرية للنشر 1989.

[48]- د. عبد الرحمن القادري : " الختان بين الطب والشريعة " ابن النفيس دمشق 1996.

 

[49]-  د. حسان شمسي باشا : أسرار الختان تتجلى في الطب و الشريعة  مكتبة السوادي جدة 1991م، ص92.

[50]- د . محمد علي البار  الختان دار المنارة للنشر والتوزيع، مكة- جدة - 1414هـ ـ،1994م، ص56.

[51]- الإمام القرطبي : " الجامع لأحكام القرآن " أو ما يسمى بتفسير القرطبي.

[52] - أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي في شعب الإيمان.

[53] - لسان العرب، مادة ختن، ج13، ص : 138.

[54] - مجموع الفتاوى ج1، ص: 301.

[55] - رواه أبو داود في السنن، وقال الحافظ في الفتح ج1، ص: 304، أن له شاهدان من حديث أنس وأم أيمن في كتاب العقيقة، وعن الضحاك بن قيس عند البيهقي.

[56] - فتح الباري: ج10، ص: 340.

[57] - روضة الطالبين: ج10، ص: 180.

[58] -  شرح صحيح مسلم: ج3 ص: 148.

[59] - ابن عبد البر، التمهيد، ج21، ص: 59.

[60] - سورة النحل، آية: 123.

[61] -الجامع لأحكام القرآن، ج1، ص: 99.

[62] - سورة الأنعام، آية:161.

[63] - سورة الممتحنة، آية:4.

[64] - موقع القرضاوي، آخر تحديث:16:34 (مكة) الثلاثاء 03 ربيع الأول 1428هـ -2007م/03/20 . http://www.qaradawi.net/library.

[65] -  رواه أبو داود في الأدب: برقم: (5271)، والبيهقي في شعب الايمان، باب: في حقوق الأولاد والأهلين (ج6، ص:396)، وفي السنن الكبرى، كتاب: الأشربة والحد فيها (ج8/324)، عن أم عطية، وصححه الألباني في صحيح الجامع (498).

[66] - صحيح ابن ماجة، رقم: 608، والترميدي في الصحيح، رقم 94، وسنن أبي داود، رقم: 216.

[67] -  رواه أحمد في المسند (26025)، وقال مخرِّجوه: حديث صحيح (أي لغيره)، وهذا إسناد ضعيف: عبد العزيز بن النعمان: من رجال (التعجيل) ولم يذكر في الرواة عنه سوى عبد الله بن رباح، وهو الأنصاري، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، ثم إنه لا يعرف له سماع من عائشة فيما ذكر البخاري في (تاريخه الكبير) (6/9)، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح ، وابن ماجه في الطهارة (611)، والشافعي في المسند (768)، وابن حبان في الطهارة (3/456)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح، والطبراني في الأوسط (7/147)، عن عائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع (385). وأصل الحديث عند مسلم في الحيض (349) ونصه: "إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل".

[68] -  رواه مسلم في الحيض (349) عن أبي موسى.

[69] - فقد رواه أحمد (20719) عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه، وقال مخرِّجوه: إسناده ضعيف. حجاج - وهو ابن أرطأة - مدلس، وقد عنعن، وقد اضطرب فيه. ورواه البيهقي في السنن الكيرى (8/325) من طريق حفص بن غياث، عنه بهذا الإسناد، والطبراني في الكبير (7/273). وله طريق أخرى من غير رواية حجاج، أخرجه الطبراني في الكبير (11/233)، والبيهقي في الكبرى (8/324)، عن عكرمة، عن ابن عباس، وقال: هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ موقوف، وضعَّفه الألباني في الضعيفة (1935.

[70] - هامش شرح السنة للبغوى ج2، ص: 110. في باب الختان، في كتابه: تحفة المودود.

[71] - (الاختيار شرح المختار للموصلي ج2، ص: 121. في كتاب الكراهية).

[72] - من المهذب للشيرازي وشرحه المجموع للنووي، ج - 1 ص: 297.

[73] - (المغنى لابن قدامة ج - 1 ص 70 مع الشرح الكبيرة).

[74] - أبو بكر الخلال( 235 هـ-311 هـ) هو: أبوبكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي، يلقب بالخلاَّل، وهو الفقيه التقي، العلامة المحدّث، شيخ الحنابلة وعالمهم، قام بجمع فقه الإمام أحمد بن حنبل وترتيبه. رحل إلى فارس، وإلى الشام، والجزيرة طلبا لفقه الإمام أحمد بن حنبل وفتاويه وأجوبته. قال الخطيب في تاريخه: "" جمع الخلال علوم أحمد وتطلّبها، وسافر لأجلها، وكتبها وصنّفها كتباً، لم يكن أحد أجمع لذلك منه، وقال عنه الامام الذهبي: الإمام، العلامة، الحافظ، الفقيه، شيخ الحنابلة وعالمهم، رحل إلى فارس وإلي الشام والجزيرة يتطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه وأجوبته، وكتب عن الكبار والصغار حتى كتب عن تلامذته، وجمع فأوعي، ولم يكن قبله للإمام مذهب مستقل حتى تتبع هو نصوص أحمد ودونها وبرهنها بعد الثلاث مائة، فرحمه الله. ينظر: طبقات الحنابلة، أبو الحسين ابن أبي يعلى، محمد بن محمد، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة – بيروت، ج1، ص: 256.

[75] - تحفة المودود بأحكام المولود، ص: 134.

[76] - لبروفيسور ويزويل عن مجلة: Amer .Famiy .Physician.

[77] - تاج العروس،  تاج العروس من جواهر القاموس،  محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى الزبيدي، طبعة الكويت، مادة: "كي".

[78] - المعجم الوسيط، مجمع اللغه العربيه، الناشر: مكتبه الشروق الدوليه، الطبعة الرابعة، ، بتاريخ: 2004م، مادة: "كي".

[79] - لسان العرب ابن منظور، مادة "كي"

[80] - فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المؤلف: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، تحقيق: أحمد بن عبد الرزاق الدويش.

[81] - رواه البخاري من طريق ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أحمد 1/ 246، والبخاري 7/ 12، وابن ماجه 2/ 1155، برقم ‏(‏3491‏)‏، والبيهقي 9/ 341، والبغوي 12/ 144 برقم ‏(‏3230‏)‏‏، وروى البخاري ومسلم من طريق جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أحمد 3/ 343، والبخاري 7/ 12، 15، 16، ومسلم 4/ 1730 برقم ‏(‏2205‏)‏، وابن أبي شيبة 7/ 443، وأبو يعلى 4/ 78 برقم ‏(‏2100‏)‏، والطحاوي في ‏(‏شرح المعاني‏)‏ 4/ 322، والبيهقي 9/ 341، والبغوي 12/ 143 برقم ‏(‏3229‏)‏‏.‏ إن كان في شيء من أدويتكم، أو يكون في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار، توافق الداء، وما أحب أن أكتوي. 

[82] - أحمد 3/ 303، 315، 371، ومسلم 4/ 1730، برقم ‏(‏2207‏)‏ واللفظ له، وأبو داود 4/ 197 برقم ‏(‏3864‏)‏، وابن ماجه 2/ 1156 برقم ‏(‏3493‏)‏، وأبو يعلى 4/ 191، 192 برقم ‏(‏2287، 2288‏)‏، والطحاوي في ‏(‏شرح المعاني‏)‏ 4/ 321، والحاكم 4/ 214، 417، وعبد بن حميد 3/ 14 برقم ‏(‏1016‏)‏، والبيهقي 9/ 342

[83] - أحمد 3/ 312، 350، 363، 386، ومسلم 4/ 1731 برقم ‏(‏2208‏)‏، وأبو داود 4/ 200 برقم ‏(‏3866‏)‏، والترمذي 4/ 144- 145، برقم ‏(‏1582‏)‏، والنسائي في ‏(‏الكبرى‏)‏ 8/ 54 برقم ‏(‏8626‏)‏ ط‏:‏ مؤسسة الرسالة، وابن ماجه 2/ 1156 برقم ‏(‏3494‏)‏‏.‏

[84] - الترمذي 4/ 390 برقم ‏(‏2050‏)‏، وأبو يعلى 6/ 275 برقم ‏(‏3583‏)‏، وابن حبان 13/ 443 برقم ‏(‏6080‏)‏، والطحاوي في ‏(‏شرح المعاني‏)‏ 4/ 321، والحاكم 4/ 417، والبيهقي 9/ 342‏.

[85] - زاد المعاد في خير هدي العباد، لشمس الدين ابن القيم الجوزية،مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1418هـ، ص: 47.

[86] - قيل 06 أشهر.

[88] - والتلبيد هو أن: يُلصق الشَّعَر بعضه ببعض بصمغ أو نحوه حتى يجتمع الشَّعَر ويكون أبعد عن الأوساخ والغبار،  وأما تلبيد النبي صلى الله عليه وسلم شعر رأسه فقد فعله في الحج لتسكين شعره كما في حديث الصحيحين أنه قال: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر. اهـ، وقد فسر ابن دقيق العيد التلبيد بأن يجعل في الشعر ما يسكنه ويمنعه من الانتفاش كالصبر أو الصمغ وما أشبه ذلك. اهـ.، وقد ذكر صاحب عون المعبود أنه سنة في الحج. اهـ.

[89] - ضوابط ومحاذير في عمليات تجميل شعر المرأة، محمد صالح المنجد، موقع:/ الاسلام، سؤال وجواب، الفتوى رقم: 123351.

[90] - شرح النووي على مسلم، دار الخير، (دون طبعة)، سنة النشر: 1416هـ / 1996م، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه، رقم: 2116، ص: 280.

[91] - المصدر السابقّ، ص:282.

[92] - شرح النووي، ص: 281.

[93] - أحاديث الأحكام، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، دار الفكر، سنة النشر: 1414هـ/1994م، ج4، ص: 640.

 

[94] - مركز الفتوى، إسلام ويب، قراءة الفنجان، رقم الفتوى: 77073. http://fatwa.islamweb.net/fatwa.

[95] - الفوزان صالح الفوزان، موقع طريق الإيمان، العقيدة الإسلامية، تاريخ النشر: 10 ذو القعدة 1427هـ - 1‏/12‏/2006م.

[96] - سورة النمل،آية: 65.

[97] - رواه البخاري: كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، رقم (3210)، ومسلم: كتاب: السلام، باب: تحريم الكهانة وإتيان الكهان، رقم (2228).

[98] - تحقيقات اجتماعية، اجراءات صارمة ضد المتاجرين ب: الزواج الأبيض، Saturday, November 02, 2013. http://www.lahamag.com/Details.

[99] - استشارات فقهية في الزواج الأبيض، مقالات، مجلة حركة التوحيد والاصلاح الالكترونية، الدكتور أحمد الرسيوني: http://alislah.ma/component/k2/item/5420-2013-06-04-10-51-16.html بتاريخ: الثلاثاء, 23 أبريل 2013م.

[100] - استاذ التعليم العالي للعلوم الاسلامية، ورئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، وعضو المجلس العلمي الأعلى لـ''التجديد'' وجدة، و عضو اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة)، المغرب.

[101] - مصطفى بن حمزة، مقال: استشارات فقهية في موضوع الزواج الأبيض، الثلاثاء, 23 أبريل 2013م. http://alislah.ma/component/k2/item.

 

[102] - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ( 18 / 448 ).

[103] - بصائر ذوي التمييز،الفيروزأبادي، ج 4 /57.

[104] - لسان العرب، ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم: مادة عرف، ج2، ص 745-747، بتصرف قليل.

[105] - معجم مقاييس اللغة: ابن فارس 4 / 281 .

[106] - تهذيب اللغة، أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، (المتوفى: 370هـ)ّ، تحقيقمحمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي – بيروت- لبنان، الطبعةالأولى، 2001م، ج2، ص: 208.

[107] - نظرية العرف، عبد العزيز الخياط، ص: 24.

[108] -  علم أصول الفقه المؤلفعبد الوهاب خلاف (المتوفى: 1375هـ، مكتبة الدعوة - شباب الأزهر، الطبعة الثامنة لدار القلم، قسم: 01، ص: 89.

[109] -  المستصفي: لحافظ الدين النسفي، مخطوط بدار الكتب - ذكر ذلك في "أثر العرف في التشريع الإسلامي" ص50 ، ونشر العرف، لابن عابدين؛ مجموعة رسائل ابن عابدين: 2 /112- وعزو هذا التعريف إلى مستصفى النسفي هو الحق، وقد وهم كثير من الباحثين في هذا الموضوع فعزوه إلى مستصفى الغزالي.

[110] - - نشر العرف، (مصدر سابق)، رسائل ابن عابدين 2/114.

[111] - كتاب التعريفات، علي بن محمد الشريف الجرجاني، تحقيق: محمد المرعشلي، دار النفائس، الطبعة الأولى، سنة: 1424هـ/2003م، ص: 193 .

[112] -  مجلة البحوث الفقهية، مجلة علمية محكمة في الفقه الإسلامي، العدد (36)، السنة التاسعة، رجب – شعبان – رمضان، 1418هـ، نوفمبر – ديسمبر – يناير 97-1998م.

[113] - الزواج العرفي، الشريف، حامد: (القاهرة: الدار البيضاء، (د.ط)، (د.ت))، ص 49.

[114] - الشرح الصغير، أبو البركات، الدردير: ج2، ص 382.

[115] - ابن شهاب الزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، أبو بكر القرشي، أول من دون الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، تابعي من أهل المدينة، توفي سنة 124هـ الذهبي، محمد: سير أعلام النبلاء، ج5، ص 326، الزركلي، خير الدين: الأعلام، ج7، ص 97.

[116] - الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبو الحارث الفهمي، عالم الديار المصرية، إمام أهل مصر في عصره حديثاً وفقهاً، أصله من خراسان، قال الإمام الشافعي فيه: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به، الذهبي، محمد: سير أعلام النبلاء، ج6، ص 179.

[117] - ابن تيمية، تقي الدين: مجموع الفتاوى، ج16، ص 212، 214، 215.

[118] - الدسوقي: هو محمد عرفة الدسوقي المالكي، ولد ببلدة دسوق من قرى مصر، توفي بالقاهرة في سنة 1230هـ، انظر مقدمة حاشية الدسوقي، الزركلي، خير الدين، ج6، ص 17.

[119] - حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، شمس الدين محمد عرفة: ، (القاهرة: مكتبة زهران، طبعة مصطفى البابي الحلبي، (د.ت))، ج2، ص 216، ينظر أيضاً: تحقيق المسألة في الفقه المالكي، زيدان، عبد الكريم: المفصل في أحكام المرأة، (بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1413هـ - 1993م)، ج6، ص 109-112.

[120] - إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزيةّ، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، (بيروت: دار الفكر، الطبعة الثانية، 1397 هـ- 1977م)، ج3، ص: 15.

[121] - اسم «البصمة الوراثية للإنسان» (أو بصمة الدنا للإنسان) (بالإنجليزية: The DNA Fingerprint))، وتُسمَّى في بعض الأحيان الطبعة الوراثية (بالإنجليزية  DNA typing أو DNA profiling).

[122] - المعجم الوسيط، ص: 60.

[123] - البصمة الوراثية، مقال: عبد الرحمن بن عبد اللّه السند، الخميس :: 24 محرّم 1435 هـ : 28 نوفمبر 2013 م. موقع المختار الاسلامي.

[124] - البصمة الوراثية ودورها في اثبات النسب، زياد حمد عباس الصميدعي، مجلة الجامعة الاسلامية، ج2، ص: 26.

[125] - المصدرالسابق، الصفحة نفسها.

[126] - آليك جيفريز عالم بريطاني، درس الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة في جامعة أكسفورد، وانضم إلى قسم علم الوراثة في جامعة ليستر عام 1977م، اكتشف "بصمة" الحمض النووي، وبعد هذا تركز في دراسة المناطق غير المستقرة في الجينوم البشري والتأثيرات البيئية على الجينوم، لا يزال جيفريز نشطًا كبروفيسور في علم الوراثة في ليستر.

http://ar.wikipedia.org/wiki/.

[127] - في بحور العلم، أحمد مستجير، (مصر، دار المعارف، 1996م)، ج: 1، ص: 148.

[128] - يرمز لها في اللغة الإنجليزية بحروف D.N.A وفي اللغة الفرنسية بحروف A.D.N وعلم الوراثة مجموعة كبيرة منها ما هو متخصص بالدراسات الوراثية يدرس بذلك الكروموزومات فقط، ومنها ما هو مختص بدراسة التركيب الكيماوي للكروموزمات ويسمى A.D.N وهو الحمض النووي أساس المادة الوراثية في كل المخلوقات أي أنه المكون الأساسي لكل الكروموزمات على اعتبار أن كل جسم يتكون من مجموعة من الخلايا وداخل الخلية توجد النواة التي تسيطر على الجسم كله وداخل النواة يوجد A.D.N.. إثبات البنوة بين الشك واليقين, مؤتمرالطب الشرعي بالقاهرة جريدة الإتحاد الإشتراكي 1/1/1995..

[129] -  كريمة بارودي "الإستنساخ من الناحية القانونية". مجلة المعيار, 2002 ص 18 . عبد الكريم بوسكسو " إثبات النسب بالخبرة الطبية في مدونة الأسرة". مجلة المنتدى العدد الخامس يونيو 2005 ص 179 -187..

[130] - اللعب بالجينات كارثة الهندسة الوراثية سلاح ذو حدين مجلة صحتك عدد 4 أكتوبر/ 1997 ص 32..

[131] - إدريس الفاخوري "إثبات ونفي النسب بالتحاليل الطبية" مجلة رسالة الدفاع العدد الثالث 2002 ص 45..

[132] -  يوسف وهابي: تحليل البصمة الوراثية ADN ودورها في إثبات أو نفي النسب قراءة في مواقف القضاء والتشريع (مدونة الأسرة) دراسة مقارنة مجلة الملف، العدد 8 مارس 2006 ص14..

[133] - ادريس الفاخوري مرجع سابق ص 45..

[134] - محمد الأمين البشري: التحقيق الجنائي المتكامل، (الرياض: أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، (1419 هـ-1998م)، ص: 263.

[135] - رابطة العالم الاسلامي، المجمع الفقهي الاسلامي، أعمال وبحوث الدورة السادسة عشر، 21-26 شوال، 1422هـ، المجلد الثالث، التوصيات.

[136] - وقريبا منه ما نوقش في الجلسة الحادية عشرة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت بتاريخ 23جمادى الآخرة 1419ﻫ الموافق ل 13 أكتوبر 1992م لمناقشة موضوع الهندسة الوراثية و الجينوم البشري.

[137] - إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزيةّ، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، (بيروت: دار الفكر، الطبعة الثانية، 1397 هـ- 1977م)، ج3، ص: 15.

[138] -  أنظر البصمة الوراثية وتأثيرها علي النسب إثباتاً ونفياً، للدكتور نجم عبد الواحد، ص: 6، مناقشات جلسة المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي عن البصمة الوراثية في دورته ( 15 )، ص 6 .

[139] - أنظر مناقشات جلسة المجمع في دورته ( 15 ) ص 7، موجز أعمال الندوة الفقهية الحادية عشر حول الوراثة والهندسة الوراثية، ص 85 .    

[140] -  المغني 5/769  .

[141] - - الطرق الحكمية، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ( المتوفى: 751هـ ) 
الناشر: مكتبة دار البيان، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ ، ص 201  .

[143] -  انظر: بحث الشيخ محمد مختار السلامي في ثبت أعمال ندوة الوراثة والهندسة الوراثية 1/405     .

[144] - دراسات وبحوث، عمر بن محمد السبيل، حكم استخدام البصمة الوراثية في اثبات النسب، http://www.gulfkids.com.

[145] - هل ستصبح قرينة لإثبات النسب؟ http://www.startimes.com/?t=1989801.

Tags

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)
12/sidebar/التفسير