كتاب الأسس الفريدة للتربية المفيدة



 

الأسس الفريدة في التربية المفيدة للأطفال

من خلال القرآن الكريم

الدكتور رياض عميراوي

أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية

في: ١٨جمادى الأولى ١٤٤٤ هـ الموافق لـ 12 ديسمبر 2022م

بقسنطينة/الجزائر

ملخص:

تهدف هذه الدراسة الى تحديد أسس فريدة مستنبطة من القرآن الكريم قد تكون كبديل عن القواعد والاسس الكلاسيكية التي تبنى عليها المناهج والأساليب التربوية المعهودة، والتي قد تتفق معها من حيث الهدف لكن تختلف معها من حيث المرجعية، فمنطلق هذه الدراسة هي الظروف الداخلية للحالة النفسية والفطرية للأطفال بمرجعية قرآنية، على خلافالطريقة السائدة والتي يكون منطلقهاالدراسة السيكولوجية والسيسيولوجيةبمرجعية غربية، ولا مجال هنا للمقارنة بين هذه المنطلقات والمرجعياتإلا من حيث النتائج المتوصلإليها، والآليات المستعملة، فما هي هذه الطرق والآليات؟ وما تلك المناهج والأسسالقرآنية المقترحة؟؟ وما هي النتائج المترتبة على ذلك؟؟

الكلمات المفتاحية: وسائل التربية، التربية القرآنية، الاجتماعية، الثقافية.

Summary:

This study aims to identify new foundations deduced from the Holy Qur’an that may be an alternative to the classical rules, foundations and curricula, which may agree with them in terms of purpose but differ in terms of reference. Which is based on psychological and sociological study with a Western reference, and there is no room for comparison here except in terms of the results reached, and the mechanisms used, so what are these methods and mechanisms? What are the proposed Quranic curricula and foundations?? And what are the consequences of that??

Keywords: means of education, Quranic education, social, cultural.

 

مقدمة:

من منَّا لا يعاني من صعوبة تربية الأبناء؟ ومن منا لا يقف حائرا متحيرا أمام تصرفات بعض أولاده اتجاهه أو اتجاه إخوتهم وأخواتهم؛ أو اتجاه جيرانهم أو سين من الناس، ويبقى عاجزا عن إيجاد حلول لمشاكل أطفاله في سنوات أعمارهم المختلة؛ لا سيما في وسط متغيرات اجتماعية وثقافية تملي على المربي أشياء قد لا يكون مقتنعا بها في الأساس، إما لأنها تعارض إيدولوجيته، أو عرف المجتمع السائد وتقاليد الآباء القديمة،وفي ظل هذه الأوضاع يبقى الضحية هو الطفل والطفل وحده.

لكن الحقيقة أن الأوضاع الاجتماعية والأوضاع الثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها لم تكن المؤثر الوحيد في تربية الأجيال وتوجيهها، لأن الناظر اليوم في العالم يرى أناسا صالحين مصلحين ويرى في المقابل أناسا فاسدين مفسدين..رغم أنهم يعيشون الظروف نفسها ونفس الأوضاع (إن صح التعبير)، فللقائل أن يقول ويتسائل: كيف أثرت هذه الأوضاع في تربية هؤلاء الناس حتى كان منهم الصالح الراشد والفاسد الغوي؟ وكيف تؤثر الظروف نفسها في الاجيال تأثيرا سلبيا والآخر إيجابيا.

وقد حَمَّلَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْوَالِدَيْنِ الْمَسْؤُولِيَّةَ الْعَظِيمَةَ بِقَوْلِهِ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"(رواه البخاري ومسلم، ومع ذلك قد يقصر الولي في هذه المسؤولية خاصة مسؤولية تربية الأبناء تحت أي من الأسباب، لكن الضحية في الأخير هم الأهل والأطفال الذين هم تحت رعايته، والمقصر في تربية أولاده قد يعرضهم إلى الانحراف والزيغ، وبالتالي يكون قد عرض نفسه للإثم والمحاسبة...وربما ينتج هذا التقصير عن عدم إدراك ومعرفة لدى الاباء وعدم تمكنهم من الطرق والاساليب التربوية الصحيحة والمناهج المثلى لذلك.

ولتقويم الانحرافات والميولات الشاذة لأبنائنا وبناتنا وتقويم السلوك المعوج لدى شبابنا؛ لا بد من معرفة الاسباب الحقيقية التي أدت بهم الى تلك الحال، ولمعرفة ذلك لا بد من النفاذ الى داخل مكنوناتهم والولوج الى أعماق نفسياتهم والكشف عن استعداداتهم النفسية والفطرية؛والتي سمحت لهم بالانزلاق والخروج عن الفطرة،حتى نتمكن من معالجة مشاكلهم وتقويم ذلك وتقييمه في ضوئها، ولا يكفي الوقوف عند الاسباب الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية،بل لا بد من فهم التركيبة النفسية لنفسية الطفل أولا، ولا سبيل لذلك إلا عن طريق بوابة الوحي وبالوحي وحده، لأننا لاحظنا كثيرا من الاخفاقات والفشل في التحكم في العملية التربوية للأجيال خاصة في ضوء هذه المتغيرات الحديثة والمعاصرة وفي ظل العولمة والنظام العالمي الجديد، لدى أردنا في هذا العمل استعمال طرق الوحي وأسرار القرآنالكريم كمحاولة تطبيقية وتجربة علمية فريدة، عسى أن نحقق بها قفزة نوعية في هذا المجال وأن نصوب ما فاتنا ونستدرك ما عجزت عنه المذاهب الكلاسيكية والطرق التربوية السائدة، ونحن لا ننكر بالضرورة دور تلك الطرق والاساليب التربوية في تحقيق بعض النتائج في عالم الطفل، لكن ملاحظتنا لذلك القصور مرة بعد مرة، وعدم قدرة تلك المناهج في معالجة بعض الوضعيات السلوكية والنفسية للأطفال يدفعنا الى التشكيك فيها جزئيا، والبحث عن البديل لتفادي بعض الاخفاقات واستدراك بعض النقص وبعض المشاكل الناتجة عن استعمال تلك المناهج وتلك الطرق.

أقول لن يستطيع أحد من الناس أن يلج الى النفس البشرية إلا من خلال بوابة الوحي قال تعالى: "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها"...."ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"...؟ ولعل الاطلاع على نفسية الطفل ومعرفة ميولاته العاطفية ومكنوناته الداخلية وخصائصه النفسية يساعد الاباء والمربين على توجيهه وتربيته حسب ما تمليه هذه الميولات وهذه النزوات النفسية، -دون المساس بجوهر شخصيته- ويدعم بناء شخصية هذا الطفل حسب القدرات والمهارات المكتسبة، ولمعرفة هذه المكنونات فلا بد من انتهاج طريق صحيح ومسلك سليم يوصلك الى ذلك مباشرة، خاصة في ظل التكتم وعدم الإفصاح عما يختلج في أعماق وخبايا هذه النفس، ولا شك أن المطلع الأول والوحيد على هذه النفوس وأسرارها هو خالق هذه النفوس وفاطرها، وهو أعلم بإلهاماتها وتذوقاتها ونزواتها وميولاتها...ومهما استنتج العلماء واستنبطوا من خلال سلوكيات الفرد مدلولات نفسية معينة فلا تزال هذه الطرق وهذه المناهج قاصرة عن إدراك تلك الحقائق النفسية، وعليه فالنتائج المترتبة على ذلك لا تكن دقيقة وصحيحة بما يسمح لهم بالتحكم فيها وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي يريدون.

أقول لو تمكنا من الكشف عن مكنونات النفس البشرية لأطفالنا وعرفنا تلك الاستعدادات الفطرية الكامنة لديهم لاستطعنا كيف نبني لهم درعا حصينا وحاجزا منيعا للحيلولة دون وقوعهم في الانحراف والزلل، بغض النظر عن المتغيرات الاجتماعية والثقافية التي يعيشونها، لأن الناظر اليوم في العالم يرى أناسا صالحين مصلحين ويرى في المقابل أناسا فاسدين مفسدين..

ولقد أثارني حديث للنبي محمد –ص- "عجبت لأمر المؤمن أمره كله خير إن أصابه شر صبر وإن أصابه خير شكر"، وأثر آخر في ما معناه أنكم إذا سمعتم عن جبل زال عن مكانه فصدقوا وإن سمعتم عن رجل زال عن خلقه فلا تصدقوا"، من هنا بدأ التفكير في هذه الحيثية فأردت الولوج الى القرآن لمعرفة سر ذلك الثبات ولتأكيده، خاصة إذا ما بحثنا في القرآن عن النفس البشرية فوجدنا من بين خصائص النفس الفطرية صفة الثبات، عسى أن يفتح الله علينا بعلم أو بإضافة معرفية في مسألة تربية الاطفال في ضوء هذا المفهوم القرآني.

فكثير ما كتب المصلحون والمربون والمنظرون والمؤصلون في هذا الموضوع ووضعوا له وسائل وكيفيات للتعامل مع الأولاد بنات وبنين، واستنبطوا واستنتجوا قواعد وأسس للتربية والتعليم من مصادر مختلفة لكن أعيت مذاهبهم.

وباعتبار أننا أولياء ولدينا أبناء قمنا بتجريب هذه الأسس على أبنائنا وبناتنا على مدى 20 سنة، وطيلة هذه الفترة حتى تأكدنا من فعالية هذا المنهج القرآني، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، فأردت أن أشارك إخواني المربين في وضع اليد على هذا المنتوج وهذا الجهد المبذول خلال هذه الفترة الطويلة ليكون طريقا تربويا نافعا لأطفالنا في فترات أعمارهم المختلفة...أسأل الله القبول والتوفيق..

وكتبه الدكتور: رياض عميراوي

في: ١٨جمادى الأولى ١٤٤٤ هـ الموافق لـ 12 ديسمبر 2022م

بقسنطينة/الجزائر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1-تحديدمصطلحات ومفاهيم البحث

التربية- الأسلوب –الوسائل -المنهج

2-1-      تعريف التربية

أ/ التربية لغة:قال الراغب الأصفهاني: الرَّبُّ في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام، يقال رَبَّهُ، وربّاه ورَبَّبَهُ، وقيل: (لأن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن[1]، وقال البيضاوي: التربية هي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً[2].

وقال تعالى في قصة موسى عليه السلام عندما حكى قول فرعون: ﴿ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا...﴾ الآية {الشعراء:18} قال ابن كثير: ما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا، وأنعمنا عليه مدة من السنين.[3]

وقد ورد في القرآن لفظ التزكية بمعنى التربية حيث قال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾{البقرة:151 }، قال ابن كثير:وَيُزَكِّيهم، أي: يطهرهم من رذائل الأخلاق ودَنَس النفوس وأفعال الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور[4]،وهي التربية..

ب/ التربية اصطلاحا:عرفها علماء التربية بأنها: تنشئة الفرد وإعداده على نحو متكامل في جميع الجوانب العقدية والعبادية والأخلاقية، والعقلية والصحية، وتنظيم سلوكه وعواطفه في إطار كلي يستند إلى شريعة الإسلام، من خلال الطرق والإجراءات التي تقبلها الشريعة. [5]

2-2-      تعريف الأسلوب

أ/ المعنىاللغوي للأسلوب:

الأسلوب كلمة جاءت من الفعل الثلاثي: سلب، وهو من باب نصروقتل.
والاستلاب: الاختلاس، والسَّلب: بفتح السين هو السير الخفيف السريع، والأسلوب بفتح الهمزة: هوالطريق، وهو الفني، وعُنق الأسد، والشموخ في الأنف، ولذا يقال: هو على أسلوب منأساليب القوم: أي على طريق من طرقهم.

وانسلب: أيأسرع في السير جداً. 

والسَّلبُ: هو نزع الشيء من الغير على القهر، قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾، الحج: الآية73، والسلب: هو الرجل السلوب، والناقة التيسلب ولدها، والأساليب: هيالفنون المختلفة. 

وكل شيء على الإنسان مناللباس فهو سلب، والفعل: سلبته أسلُبه سلباً، إذا أخذت سلبه، ومنه حديث أبي قتادة رضيالله عنه في غزوة حنين قال: قال رسول اللهr"من قتلقتيلاً له عليه بينةفله سلبه".

ويقال للسطر منالنخيل: أسلوب، وكل طريق ممتد فهو أسلوب، والأسلوب هو: الطريقوالوجهة والمذهب والفن، يقال: أخذ فلان في أساليب من القول أيأفانين منه، وإن أنفه لفي أسلوب إذا كان متكبراً. 

والأسلوب: لعبةللأعراب أو فعلة يفعلونها بينهم.

يقال: سلكت أسلوب فلان، أيطريقته وكلامه على أساليب حسنة، والسِّلاب: بكسرالسين ثوب أسود تلبسه المرأة في الحداد والحزن.

والأسلوب: هو الطريق، يقال: سلكت أسلوب فلان في كذا: أي طريقته ومذهبه. 

وهو الفن، يقال: أخذنافي أساليب من القول: أي فيفنون منوعة[6].

والسالب في اللغةوالطبيعة: اتجاه مضاد للاتجاه الموجب، وفي البصريات: إشارة للدوران إلى جهة اليسار، وفي التصوير: ما يقع ظله في وضع عكس لظل الشيء الأصلى وضوئه، ويقال: كهربائية سالبة: إذا كان عدد الإلكترونيات على سطح المادة أكثر من عددالبروتونات. 

إذاً فالأسلوب في اللغة يطلق ويراد به عدة معان منها: الطريق والوجهة والمذهب والفن.

ب/ المعنى الاصطلاحي للأسلوب:

نظراً لشمولية المعنىاللغوي للأسلوب، فمن الصعب تحديد مصطلح عام يشمل جميع الفنون والتخصصات، وحيث إنما يتعلق بموضوع هذه الدراسة في جانب الدعوة إلى الله تعالى؛ فسيكون التعريف خاصاًبالأسلوب الدعوي، قال الدكتور أبو المجد السيد نوفل رحمه الله تعالى في تعريفالأسلوب الدعوي بأنه هو: "عرض ما يراد عرضه من معاني وأفكار ومبادئ وأحكام في عباراتوصيغ ذات شروط معينة. 

وقيل هو: صيغالتبليغ في دعوة الناس.

وقيل: إن الأسلوب هو الطريقةالكلامية التي يسلكها المتكلم في تأليف كلامه
واختيار مفرداته.

وحيث إنه بحسن الأسلوبيستطيع الداعي "عرض ما يراد عرضه من معان وأفكار وقضايا في عبارات وجمل مختارة لتناسب فكرالمخاطبين وأحوالهم، وما يجب لكل مقام من المقال"، فإن التعريف الاصطلاحي للأسلوب الدعوي هو: "مجموعة الطرق القولية والعملية التي يستخدمها الداعية للعبور إلى قلب المدعووإقناعه بما يدعو إليه، ومن ثَمَّ تحقيق الهدف الذي يصبو إلى تحقيقه".

قال الله تعالى ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَالْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِاللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُفَمَا لَهُ مِنْ هَاد﴾.  سورة الزمر، الآية: 23.

إن هنالك عوامل تساعد الداعيةعلى إنجاح دعوته إلى حد كبير في مجالات الدعوة، وتحقق له الخصب والإثمار، وتمنحهالقدرة على التأثير والتفاعل والإيغال بأفكاره في كل وسط وعلى كل صعيد، والأسلوبالحسن هو أحد العوامل الحساسة التي توفر على الداعية الوقت و الجهد، وتصل به إلىالغاية المطلوبة بأقل التكاليف وأيسرها.

والأساليب الدعوية إنمايستخدمها الدعاة لقصد التأثير والإقناع في المدعوين، وعلى هذا يمكننا أن نحددالأسلوب الدعوي: بأنه طريقة، أو كيفية، أو فن يسلكه الداعية في سبيل تبليغدعوته، بغية التأثير والإقناع، ليصل بذلك نحو الأهداف الدعوية، وعلى هذا ينسجم معنىالأسلوب الاصطلاحي مع معناه اللغوي.

2-3-     تعريفالوسائل

أ/ الوسائل لغة:

الوسائل: جمعمفردها "وسيلة " وهي "ما يتقرب به إلى الشيء"[7].

والوسيلة: الوصلة والقربة التي ينبغي أن يطلب بها.

والوسيلة: منوسائل فلان إلى الله تعالى، يسيلُ وسلاً، أي: رغب وتقرب.

ونُطقالوسيلة في اللغة يراد به معنيان:

1ـ الوصلةوالقربة.

2ـ المنـزلة والدرجة عند الملك. 

وعلى المعنىالأولى: توسل فلان إلى الله تعالى، إذا عمل عملاً تقرَّب به إليه سبحانه وتعالى. 

والواسل: هوالراغب إلى الله عز وجل، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِلَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ المائدة: 35.

والمعنى الثاني: وهوالمنـزلة والدرجة عند الملك، وعليه سميت أعلى منـزلة في الجنة وسيلة.

فالوسيلة: عَلَمٌ على أعلى منـزلة في الجنة، وهي منـزلة رسول الله وداره في الجنة، وهي أقربأمكنة الجنة إلى العرش.

كما ثبت عن النبي(ص) أنهقال: "إذا سمعتُم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنَّهُ من صلَّى عليَّ صلاة، صلى الله عليهبها عشراً، ثم سلُوا الله لي الوسيلة، فإنها منـزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد منعباد الله، وأرجو أن أكون أنا هُو، فمن سأل لي الوسيلة حلَّت عليه شفاعتي".

ب/ الوسائل اصطلاحا:

تعرف الوسيلة فيالاصطلاح الدعوي بأنها: ما يتوصل به إلى الدعوة.

وقيل: ما يستعين به الداعي على تبليغ دعوته إلى الله تعالىعلى نحو نافع مثمر. 

وقيل هي: ما يستخدمهالداعي من وسائل حسية لنقل الدعوة إلى المدعويين. 

2-4-     تعريف المنهج

أ/ المنهج لغة:

يأتي من نهج ايسلك، ومنه النهج الذي يرادف معاني السبيل الصراط الطريق، كما قد يرادف معانيالطريقة الأسلوب، الوسيلة، أو الكيفية والمنوال، الشاكلة، طبعا مع مراعاة السياقاتوالألفاظ.

ب/ المنهج اصطلاحا:

أسلوب وطريقة في التعامل مع المواضيع عرضاوطرحا ومناقشة، وهو بذلك يتعدد بحسب:
1- طبيعة الموضوع فيكون منهج علمي،فلسفي، ديني، اجتماعي، تاريخي نفسي.
2- شكل المنهج فيكون شكلي أو موضوعي، وقديكون ذاتي بالنظر إلى القائم به.
المنهج فن وعلم ومعرفة في آن واحد، فهو فنلأنه يقوم على مهارات شخصية وبقوم على عوامل التأثير والتأثر، وهو علم لأن لهقواعد تحكمه وله أسس لا بد من الارتكاز عليه، وهو أخيرا معرفة من معارفتناالإنسانية.

تعليق:
المنهج يحقق الوسيلة والغاية، إن سلطان العلم قد امتد وأوغل في حياتنا الحديثة إلى آمادبعيدة وآفاق واسعة، وقد غدا وصف الشيء بأنه "علمي" مدعاة لإحاطته بهالة من القداسةوالتوقير تبعث على الإجلال وتأخذ بالألباب، ومرد هذا إلى تقدم العلوم الطبيعيةوآثارها التي غيرت حياة الإنسان في كثير من جوانبها، ولاشك أن المعالجة التجريبيةهي دعامة هذا التقدم في العلوم الطبيعية، وقد حاولت العلوم الإنسانية بدورها أنتنحو هذا المنحى في معالجتها لموضوعاتها ومسائلها التي تبحث في الإنسان وسلوكهودوافعه، وفي المجتمع وظواهره وفي ما يستجد من سلوكات وظواهر، وفي سعيها لالتزامالمنهج التجريبي تحاول الوصول إلى ما وصلت إليه العلوم الطبيعية من ضبط ودقة فيتفسير ظواهر الحياة وأنماطها، ولعل أول ما يسترعي الانتباه هو هذا الاصطناع لكثيرمن المصطلحات المستعملة في العلوم الطبيعية للمنهج العلمي التجريبي، كما نصادف ذلكفي المصطلحات المتداولة في الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس، كذلك يلاحظالباحث هذا النمط الجديد من المعالجة الذي يقوم على التجريب واستخدام الأساليبالإحصائية مما تزخر به كثير من الدراسات، ولبيان الفروق بين تطبيق المنهج التجريبيفي العلوم الطبيعية وفي العلوم الإنسانية نبدأ ببيان شروط المنهج التجريبي قبل أننوضح إلى أي حد يمكن أن يصلح لدراسة ما يتعلق بالنشاط الإنساني كفرد أو كجماعة وإلىأي حد يحتاج الباحث في الظواهر الإنسانية إلى مراجعة ما ذهب إليه من افتراضات؟الأمر يحتاج حقيقة إلى تقليب وتهوية خصوصا وقد ساد الزعم أن أية معالجة للظواهرالإنسانية لا تقاوم على المنهج التجريبي فإنها لا تستحق أن يلتفت إليها، أو في أحسنالأحوال لا يقاوم لها وزن، إذ أن المنهج التجريبي هو المنهج العلمي الوحيد الذيتدرس به الظواهر دراسة تحظى بالتقدير في هذا العصر العلمي.

 

 

 

 

 

 

 

2-  الأسسالفطريةللنفسالبشريةللطفل

إنَّ أَوَّلَ مَنْ يَرَاهُ الطِّفْلُ -بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ إِلَى الدُّنْيَا- وَالِدَاهُ؛ فَتَرْتَسِمُ فِي ذِهْنِهِ أَوَّلُ صُوَرِ الْحَيَاةِ مِمَّا يَرَاهُ مِنْ حَالِهِمْ، وَطُرُقِ مَعِيشَتِهِمْ؛ فَتَتَشَكَّلُ نَفْسُهُ الْمَرِنَةُ الْقَابِلَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ، الْمُنْفَعِلَةُ بِكُلِّ أَثَرٍ بِشَكْلِ هَذِهِ الْبِيئَةِ الْأُولَى. قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ"(، (رواه البخاري).

1-   الاستعدادات النفسية لدى الطفل

لقد وردت لفظة (النفس) -لا نقصد هنا إطلاقات النفس على الانسان كتسمية أو على الروح، أو البدن-معرفة في القرآن الكريم 9 مرات وأما ورودها نكرة (نفس) فبلغت 295 موضعا، وبصيغة الجمع )الانفس) حوالي 06 مرات....وإن دل ذلك فإنما يدل على اهتمام القرآن الكريم بهته النفس البشرية التي تعتبر مصدر الأفعال والسلوكات التي يحاسب عليه الانسان.

ولقد توصلت بعث البحث والتحليل لهذه الآيات في ظل التفاسير القديمة والحديثة من استخراج مميزات وخصائص للنفس البشرية ليتم مقاطعتها بعد ذلك بمميزات الطفل أهمها:

أولا: من خصائص النفس ومميزاتها في القرآن الكريم:

-أن النفس البشرية مخلوقة– أصلها واحد - لها سعات وطاقات متفاوتة لكنها محدودة – لها مكنونات وأسرار – النفس منبع الثبات –منبع الخير وهي منبع الشر – هناك الأنفس الشح –النفس تهوى وتلتذ –-محبة للخير كارهة للشر –أمارة بالسوء – عاطفية (قد تكون شريرة وقد تكون خيرة) بحسب التحكم فيها –تُطوع حسب صاحبها (العقل) – لوامة تلوم صاحبها على التقصير في فعل الخير وعلى الاقبال على الشر – هناك نفس مطمئنة – النفس ملهمة لتقبل الخير والشر – يمكن تسفيهها ويمكن تزكيتها ويمكن إدلالها...و يمكن أن تُختن أو تُباع أو تشترى، وقد تُظلم وتكُلف، وقد تطيق ولا تطيق، وإنفاق الخير عليها يزيدها قوة – يمكن حرمانها وإعطائها –تتأثر بالقول البليغ – ويمكن إحراجها –وللانسان حق في تملك هذه النفس فهو مسؤول عنها–وهي تُطوع للانسان وتُسول له – يمكن للانسان خسارتها – يمكن الكذب عليها – العقل شاهد على النفس – الذكر في النفس ينزع عنها الغفلة – النفس تتعرض للأمراض والافات– يمكن للانسان تغيير ما في النفس –النفس قد تضيق وقد تتسع – حب النفس والرغب فيها- النفس تشعر بالندم – النفس شغوفة – لها حوائج –الاحسان للنفس والاساءة لها بحسب الاعمال- إن لم تحاسبها اليوم تُحاسبك غدا – يمكن إصبار النفس وحبسها – النفس تشتهي – وتستكبر –وتستيقن – النفس تُشكر على الخير – النفس تجاهد – منبع الفكر والتدبر – الخوف من النفس والخوف عليها – النفس تجهل ولا تدري ما يكون وما تكسب غدا- ولا تعلم ما أخفي لهم من قرة أعين – يمكن اضلالها وهدايتها– تحتاج النفس للتزكية – النفس تتحسر على صاحبها –فيها من الآيات ما يؤمن به الملحد – النفس توسوس لصاحبا – النفس تُفتتن – وتعلم ما قدمت وما أخرت – لكل نفس حافظ من الله – ولا تملك نفس لنفس شيئا-

ثانيا: مميزات الطفل في القرآن:ولقد وردت لفظة الطفل والغلام والولد والابن واليتامى في القرآن في عدة مواضعمنها 13 مرة (غلام وغلمان) و4 مرات بصيغة (طفل والأطفال) و51 مرة بصيغة (ولد والاولاد) وبصيغة (ابن وبنين وأبناء) حوالي 106 مرة، و12 مرة لليتامى.

وبعد التحليل والتفسير لهذه الآيات أمكننا من التوصل لبعض المعاني تخص الطفل ككيان اجتماعي وكمرحلة عمرية مهمة جدا  فكان:

1- بالنسبة للأطفال:

-الطفل فئة عمرية تبدأ بالولادة وقد تستمر إلى ما بعد البلوغ (الحُلم).

-الأطفالهم قصر على فهم العلاقات الاجتماعية قبل الُحلم.

-وجوب تعليمهم الآداب (الاستئذان) عند ما يبلغوا الُحلم.

2- بالنسبة للغلام:

-الغلام بشرى لمن رزق به– يولد للكبير في السن– يمكنه تلقي العلم –أي- له استعدادات لذلك – وقد يكون مصدر إزعاج للوالدين – الغلام اليتيم يجب على المجتمع مراعاته والاهتمام به – اختيار اسم جميل له– الغلام يحتاج الى تزكية – يربى الغلام على الِحلم– الغلمان رمز الرشاقة والرقة والجمال في الجنة.

3- بالنسبة للولد:

-الولد يكون للمخلوق دون الخالق – قاسم مشترك بين الأم والأب – يحدد العلاقة بينها ويترتب عليه حقوق مادية ومعنوية – يولد لصغار السن – مستجاب الدعاء – ليس له حيلة (قوة) – قد يكون ولدا غير حقيقي –الولد مطلب كل متزوج- قد يكون خسارا لوالديه – تصوير الولد في صورة شيخ به شيب – الولدان رمز الرشاقة والخفة والجمال في الجنة.

4-بالنسبة للابن:

-الابن صورة لأبيه – استعمال الابناء للضغط على الآباء – حب الابناء أمر فطري –وجوب الاهتمام بهم –الاستعداد للانحراف – اختيار زوج للأبنة – الابن يحتاج للموعظة – لا يجوز تسمية الولد الدعي ابن – له حقوق على الوالدين والمجتمع.

5- بالنسبة لليتامى:

-الاحسان لليتامى واجب على كل فرد من المجتمع أفرادا وجماعات ومؤسسات عن طريق: القول الحسن -والقول المعروف، -وحفظ مال اليتيم -وحرمة الاكل منه الا بالمعروف، -ولهم الأولوية في الانفاق عليهم بشتى ألوان الخير والرزق، -وإصلاح شؤونهم كلها، -وذمجهم في المجتمع (وان تخالطوهم)، -وتوخي القسط بينهم وبين الآخرين، -وحرمة التكبر عليهم واحتقاره، -ولهم الحق في الغنيمة (رعاية الدولة لهم).

وبجمع هذه المعاني الخاصة بالأطفال ومقاطعتها مع خصائصالنفس البشرية،حيث نختار من خصائص النفس (كما أشرنا من قبل) ما يتوافق ويتناسب مع نفسية الطفل تحديدا أعني مميزات نفسية الطفل، حتى يمكن معالجة كل خلل يمكن أن يصيبه وهو محور بحثنا.

وانطلاقا من هذه الحيثية يمكن الوصول الى النتائج المطلوبة، وهو ذلك الانسجام بين عقل الطفل وخصائص النفس التي يحملها، فيمكن وقتئد أن نوجهه الوجه الصحيحة حسب تلك الاستعدادات الفطرية التي يملكها ونصوب خطأه وفق ما تسمح به له نفسه، ونضع له خطة، ونبني له استراتيجية يمكن لنا من خلالها ادراك الخلل وأسباب معاناته ومشاكله؛ ومن تم وضع حلول مناسبة له من حيث منهج العملية التربوية، بداية من ادراك الخلل واستدراك الخطأ وتصحيحة، ثم المضي قدما لوضع استراتيجية للمستقبل، ولكن قبل ذلك لا بد من استخراج المميزات النفسية الخاصة بالطفل أو قل(الاستعدادات النفسية لدى الطفل).

الأسس النفسية التربوية للطفل

خصائص النفس البشرية تقاطع مميزات الطفل=الاستعدادات النفسية للطفل (الأسس والقواعد)

استنباطالمميزات النفسية الخاصة بالطفل من القرآن الكريم

(الاستعدادات النفسية لدى الطفل)

الطفل يختلف اختلافا كبيرا عن الشخص الراشد، وهذا الاختلاف يشمل السلوك والجسد والعقل، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد رفع عنه التكاليف، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل". فلا بد من رعايته حق الرعاية باشباع رغباته واحتياجاته البيولوجية والنفسية، والاهتمام به تمام الاهتمام بتوفير أمنه وحفظه، وتوجيه سلوكاته وتصرفاته، وغمره بالحب والحنان وإحاطته بالشفقة والرحمة وكل صفة من الصفات الدالة على التربية.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه وعنده الأقرع بن حابس جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من لا يرحم لا يرحم"، مصداقا لقوله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } (سورة الآنبياء 107).

وفي رواية مسلم يقول أنس: "والله ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم"[8].

بعد استبعاد تلك الخصائص النفسية الخاصة بالكبير والراشد مثل النفس اللوامة، والنفس المطمئنة، والنفس التي يمكن بيعها وشراؤها، وخاصية: النفس التي يمكن تزكيتها ويمكن إدلالها، وخاصية: الذكر في النفس ينزع عنها الغفلة....وغير ذلك من الخصائص النفسية المميزة للرجل الراشد، نأتي الآن للتركيز على خصائص النفس التي تنسجم وتتفق مع مميزات الأطفال، وذلك بملازمة كل خصيصة بما يتفق معها وينسجم من مميزات الطفل، حتى يمكن أن نستخرج من خلال هذه الملازمة أسسا وقواعد نرتكز عليها في تربية الأبناء، علينا أن نخلق توازنا بين هذه الخصائص وتلك المميزات للتماشي مع سلوكيات الأطفال، تكون أساسا لبناء منهج متكامل للتربية، وقد تشترك بعض خصائص النفس مع الكبير والصغير، ويمكن أن نحددعلى اساسها آليات وأساليب قد تختلف وقد تتفق مع بعض الاساليب والآليات الكلاسيكية المعتادة، مع إعطاء بعض النماذج والأمثلة العملية–التطبيقية-.

2- المميزات النفسية للطفل من خلال القرآن الكريم

للنفس البشرية خصائص كثيرة في القرآن الكريم منها ما هو أصيل ومنه ما هو مكتسب حسب تطور العمر وحسب إدراك العقل، ولقد اخترنا منها ما يناسب عمر الأطفال ومميزاتهم من القرآن الكريم، وقد نلاحظ أن هناك خصائص للنفس البشرية كما قلنا قد يشترك فيها الكبير والصغير، فخصائص النفس المختارةوالتي تتفق مع عمر الطفل هي (16 خصيصة):-

1-لها سعات وطاقات متفاوتة لكنها محدودة 2– النفس تهوى وتلتذ وتشتهي وتستكبر3-محبة للخير كارهة للشر 4- عاطفية (تحب تبغض تخاف تتألم...) بحسب التحكم فيها –5 النفس ملهمة لتقبل الخير والشر 6- وقد تطيق ولا تطيق، 7-وإنفاق الخير عليها يزيدها قوة 8– يمكن حرمانها وإعطائها 9– تتأثر بالقول البليغ 10- العقل شاهد على النفس 11- النفس تتعرض للأمراض والآفات 12- النفس قد تضيق وقد تتسع 13– حب النفس والرغب فيها 14- النفس تشعر بالندم والحسرة  15– النفس شغوفة – لها حوائج 16- الخوف من النفس والخوف عليها.

ولدينامميزات شخصية الطفل (14 ميزة):-

1-هم قصر على فهم العلاقات الاجتمتاعية قبل الحُلم-   2- وجوب تعليمهم الآداب (الاستئذان) 3– يمكنه تلقي العلم –أي- له استعدادات لذلك 4– وقد يكون مصدر إزعاج للوالدين 5– الغلام اليتيم يجب على المجتمع مراعاته والاهتمام به 6-يربى الغلام على الحِلم 7- الطفل قاسم مشترك بين الأم والأب – يحدد العلاقة بينها ويترتب عليه حقوق مادية ومعنوية 8- ليس له حيلة (قوة) 9- الابن صورة لأبيه – 10- حب الابناء أمر فطري –11 وجوب الاهتمام بهم  12–الاستعداد للانحراف –13- الابن يحتاج للموعظة 14- له حقوق على الوالدين والمجتمع.

وعليه نأتي الآن لوضع الاسس التي يمكن تطبيقها على الطفل مباشرة في أي وضع اجتماعي كان فيه أو نفسي تصحيحا وتقويما وحفاظا على النمو الطبيعي –الفطري- لدى الطفل في ضوء تعاليم القرآن الكريم:

وإن كل خلل يصيب سلوكيات الطفل إنما سببه عدم التوازن بين خصائص النفس ومميزات شخصيته، مما يؤثر على تربيته وتوجيهه الوجهة الصحيحة، ولهذا ترى كثيرا من المربين يشتكون من عدم صلاحية وسائل التربية وطرقها وقد جربوها مع أبنائهم، ولكن لم يفلحوا، وهذا بسبب عدم فهم تلك الخصائص النفسية لأبنائهم وعدم إدراك مكنوناتهم النفسية، ولا وجود لطريقة للغوص في نفسيات وأعماق النفس إلا عن طرق القرآن كما قلنا سابقا، وإليكم الأسس والقواعد التي يمكن أن نبني عليها العملية التربوية للأطفال باستعمال تلك الطرق والأساليب القرآنية، التي يمكن استغلالها واستثمارها لصالح الطفل بدلا من أن تكون عائقا في وجه المربين.

 

 

 

 

 

الأسس والقواعد التربوية القرآنية

والآن نضع جدولا لهذه الأسس، حيث نقرن كل ميزة للطفل بما يناسبها من خصائص نفسية

رقم الأساس

خصائص نفسية الطفل

مميزات الطفل المصاحبة

 

الأساس الأول

-النفس محبة للخير كارهة للشر

-النفس ملهمة لتقبل الخير والشر

-النفس هي منبع الخير والشر

 

-الطفل قابل لتعليمه الخير والشر

 

الأساس الثاني

-للنفس سعات متفاوتة لكنها محدودة

-النفس تضيق وتتسع

-النفس قد تطيق وقد لا تطيق

-الطفل ضعيف(ليس له حيلة)

-قاصر على فهم العلاقات الاجتماعية

الأساس الثالث

-النفس تشتهي وتهوى وتلتذ

-النفس معرضة للآفات والأمراض

-الطفل له استعداداتللانحراف

الأساس الرابع

-النفس عاطفية

-علاقة الحب بين الطفل وأبيه فطرية

الأساس الخامس

-النفس تتأثر بالقول البليغ

-الطفل يحتاج للموعظة

الأساس السادس

-تقوى بإنفاق الخير عليها (القوى الإيجابية)

-الطفل له استعدادات لتعلم الآداب

الأساس السابع

-العقل شاهد على النفس

-الطفل صورة من أبيه

الأساس الثامن

-النفس تشعر بالندم والحسرة

-النفس يمكن أن تُعطى وتُحرم

-النفس شغوفة

-يجب الاهتمام به ورعايته

استعداده لتلقي العلم وقبول الخير والشر

الأساس التاسع

-حب النفس والرغبة فيها

-النفس لها حوائج

-وجوب تعليم الطفل الأخلاق

-يربى الغلام على الحِلم

-اليتيم له حق على المجتمع

الأساس العاشر

-الخوف من النفس والخوف عليها

-الطفل قاسم مشترك بين الأب والأم

-يحدد العلاقة بينهما ويترتب عليه حقوق مادية ومعنوية

-الطفل مصدر إزعاج لأبويه

 

الأساس الأول

 

الأساس الأول

-النفس محبة للخير كارهة للشر

-النفس ملهمة لتقبل الخير والشر

-النفس هي منبع الخير والشر

 

-الطفل قابل لتعليمه الخير والشر

هناك خصائص للنفس تعجبت منها في بداية الأمر، لقد كانت تبدو لي متناقضة، ثم لاح لي بعد ذلك أنها منسجمة تماما مع تطور هذه النفس خلال مراحل عمرية تتماشى معها، وأن هذه الخصائص تكون في النفس على مستويات، قلت كيف ينسجم أن تكون من خصائص النفس أنها محبة للخير كارهة للشر ومن جهة أخرى هي تكون منبعا للخير وهي منبع الشر، مع كونها أيضا هي ملهمة على تقبل الخير والشر؟..فرأيت أنها تكون في بدايتها ملهمة لتقبل الخير والشر كما أخبر عنها تعالى:  {وَنَفْسٍوَمَاسَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَافُجُورَهَاوَتَقْوَاهَا} (سورةالشمس 7 - 8)، ثم إن تمكن منها الخير أصبحت منبعا للخير، وإن تمكن الشر منها أصبحت منبعا له وذلك بحسب تربيتها وتوجيهها كما قال تعالى: {قَدْأَفْلَحَمَنْزَكَّاهَا (9) وَقَدْخَابَمَنْدَسَّاهَا} (سورةالشمس 9 - 10)، فإن تزكت أصبحت محبة للخير كارهة للشر.

يجب على الآباء معرفة أن النفس البشرية محبة للخير كارهة للشر، وقد يكون هذا الخير ماديا أو معنويا، فعليهم تنمية هذه الخاصية وهم أمام طفل يريدون أن يرسخوا فيه هذا الأمر عمليا، فما السبيل إلى ذلك؟ كيف نستثمر هذه الخصيصة لصالح تربية الأطفال؟

حب الخير وكراهية الشر فطرة في الإنسان وهذا ما ينبغي أن يكون عليه أي مخلوق راشد، قال تعالى "وحبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون" طبعا مع فارق بسيط هو أن الطفل لم يصل الى سن الرشد بعد؟

قد ترى طفلك يقوم بتصرف غير راشد ولا حكيم عكس هذه القاعدة أو هذا الأساس في الظاهر، فتضع علامات استفهام حول هذا التصرف وربما تطرح سؤالا: لماذا؟ لكن الحقيقة غير ذلك، لأن الطفل يكون قاصرا من حيث العقل عن إدراك الخير والشر، فهو حينما يتصرف بتلك الطريقة يظن أن هذا هو السبيل الى الخير وهذه هي الطريقة التي تبعده عن الشر، وهو ليس كذلك طبعا، لأنه صغير لا يعرف الطريق الى ذلك، فنظن نحن المربون أو ربما نشك في أنه يحب الشر ولا يحب الخير لنفسه أو لغيره، خلاف فطرته وهذا غير صحيح، فوجب علينا إذا أن نعلمه طريق الخير وأن نجنبه طريق الشر،ونوجهه الجهة الصحيحة والطريقة الواضحة المثلى لتحقيق رغبته تلك..بأسلوب......الحكمة في إطار الأسس والقواعد التي قررناها سابقا، تحت ميزة: الطفل قابل لتعليمه الخير والشر وسنعطي أمثلة على قاعدة: النفس المحبة للخير الكارهة للشر، مع الأخذ بعين الاعتبار السن أو الفئة العمرية للطفل.

مثال1: قد ترى طفلك يتجه مباشرة الى النار المشتعلة حين يراها، وهذا أمر طبيعي جدا بحكم أنه يريد الخير من خلال تحسسه ولمسه لهذا الشيء، وكسبه معرفة جديدة باحتكاكه مع الواقع، وهنا نشير أيضا إلى صفة (الطفل له استعدادات للتعلم يعني أنه يبحث عن معارف واكتشافات جديدة) وقطعا بتصرفه هذا سيُؤْذي نفسه ويسبب لها الشر والهلاك، فهل معنى ذلك أنه محب للشر كاره للخير؟ الاجابة كلا قطعا بدليل أنه سيعبر عن ألمه بعد أن يلمس النار بالصراخ والبكاء، تعبيرا منه عن رفض هذا الأذى لنفسه بمعنى أن لا يحب أن يتأذى أو يشعر بالألم.

طبعا مع مراعاة السن التي هو فيها فالأسلوب الأمثل هنا وفي هذا المثال حيث يكون في الغالب الطفل في السنة الاولى أو الثانية من العمر بإمساك يده وتقريبها من النار حتى يشعر بالحرارة وببعض الوخز أو الألم الذي لا يضر، حتى يتعرف على هذا الشيء الغريب عنه فيعرف أن فيه شر فلا يقترب منه بعد ذلك أبدا، طبعا مع تكرار العملية سوف يتعلم ويعرف أنه يتألم إذا ما أقبل على هذا الشيء –النار- أو لمسه مرة أخرى، وليس بنهيه عن الاقتراب منها كلية هو الحل الأمثل كما يفعل البعض باستعمال وسائل الزجر أو ربطه بحبل كما تفعل بعض الأمهات، أو بضربه كما يفعل بعض الحمقى.

مثال 2: إذا رأيت طفلك يبالغ في حب نفسه ويأخذ متاع غيره من أخيه أو من أخته لنفسه ولا يريد تقاسم ما عنده مع الآخرين، فهذا أمر طبيعي أيضا والنفس مفطورة على ذلك تحت الأساس نفسه (حب الخير وكره الشر) حب التملك وكره الحرمان وهي القواعد والاسس التي استخلصناها سابقا وهي:حب النفس والرغب فيها - يمكن حرمانها وإعطائها – على خلاف الإنسان الراشد الذي يمكنه أن يُؤثر آخر على نفسه، لكن هذه الخاصية لا تكن متوفرة لدى الطفل في بداية عمره، لكن كيف يتصرف المربي حيال هذه الحالة؟

بأن يأخذ منه نصف المتاع ويترك له النصف الآخر، فلا يأخذ منه كل ما أخذه دفعة واحدة تحت قاعدة النفس ملهمة لتقبل الخير والشر أو خاصية النفس يمكن حرمانها وإعطاؤها ليشعر أن له حق كما أن لغيره حق أيضا فيخلق عنده نوعا من التوازن النفسي، وتزيد الثقة في أبيه وأمه بإعطائه النصف وعدم حرمانه من الكل، لأن الشعور بالحرمان بالكلية يؤدي به إلى فقد ثقته في المربين وبالتالي يكون مضطربا نفسيا لا يسمع لكلامهم ولا يمكن أن نجعل منه شخصية متزنة.

طبعا ثم يتدرج الوالدين في تعليمه أن ما ليس له ليس من حقه، حسب السن وحسب الميزة التي تقول: الطفل قابل لتلقي العلم وله استعدادات فطرية لفهم ذلك، ومع ذلك فعلى المربي أن يقدم تبريرات كافية لابنه عندما يتعامل معه أو أثناء وعظه، حتى يترك في نفسه انطباعا جيدا وقناعة راسخة وحجة قائمة، كما فعل لقمان ونوح وغير واحد من الأنبياء مع أبنائهم.... {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، (سورة لقمان 13)، فقوله: -إن الشرك لظلم عظيم- إنما هو تعليم وتبرير من لقمان بوجوب البعد عن الشرك، وأن الشرك ظلم لا يغتفر...وقوله: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}، (سورة لقمان 16)، وهذا تعليم وتبرير أيضا فيه رشفات إيمانيةللأولاد للعقيدة الصحيحة حتى تتزن سلوكياتهم وترتبط بطاعة الله تعالى،كما هو الشأن بالنسبة لنوح عليه السلام حينما قال لابنه وهو يطلب منه الركوب في السفينة فامتنع و{قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} (سورة هود 43) ظنا منه أن اللجوء الى الجبال سيمنعه من الغرق،  حيث {قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، (سورة هود 43)، حيث لا زال يقدم له النصح إلى آخر لحظة من حياته رغم أنه كان راشدا عاقلا.

النتيجة:تنمية هذه الخصائص يكون بمراعاتها وبملازمتها والسير معها مع توجيهها الوجه الصحيحة وليس مقاومتهامثل: سيل الماء فتدفُق الماء فيه لا يُقاوم ولكن يوجه

الأساس الثاني

 

الأساس الثاني

-للنفس سعات متفاوتة لكنها محدودة

-النفس تضيق وتتسع

-النفس قد تطيق وقد لا تطيق

-الطفل ضعيف(ليس له حيلة)

-قاصر على فهم العلاقات الاجتماعية

يجب على المربين معرفة أن للنفس سعات وطاقات متفاوتة لكنها محدودة قال تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" وقال أيضا: "لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها"،فمن خصائص النفس البشرية عدم الكمال ومحدودية الطاقة، لكنها تختلف من شخص لآخر، ليس معنى ذلك أنها مريضة أو مشوهة؛ بل تلك طبيعتها، لكن قد تُصاب ببعض الامراض أحيانا تحت خاصية: - النفس تتعرض للأمراض والآفات- إذا ما لم توجه وجهة صحيحة، فتضيق وتتسع، تضيق بالخير وتتسع للشر والعياذ بالله، وهي قابلة للانحراف أيضا تحت خصيصة - الاستعداد للانحراف- فعلى المربين أباء وأمهات أن ينتبهوا لهذا الامر جيدا فلا بد من أخذه بعين الاعتبار في العملية التربيوية.

ولأن الطفل ضعيف لا يملك حيلة كونه قاصرا عن فهم كثيرا من الأمور، فلا بد من إعطائه جرعات مناسبة لعمره ولقدراته النفسية، فلا نحمله أكثر مما يحتمل، قال تعالى:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا}، (سورة النساء 98).

مثال1: كل أب وأم يعلم مدى قدرة أطفاله، ويمكنه أن يميز بينهم في مسألة الاستيعاب والفطنة والدكاء، ومع ذلك تراهم يتعاملون مع الأولاد المعاملة نفسها وهذا خطأ منهجي في التربية، وربما يكلف الأبإبنه بأشياء أكثر من قدرته الحقيقية، حيث لا يمكنه إنجاز ما كُلف به، فيشعر الطفل بعدها بالنقص والاحباط، ويفقد الثقة في نفسه لعدم قدرته على انجاز ذلك العمل، أو يكلف أولاده دون النظر لاختلافهم في العمر أو في الاستطاعة أو الجنس[9] بالعمل نفسه، فيسبب احباطا للذين لم يستطيعوا إنجاز اعمالهم خاصة إذا كان أحد الاولاد أبطأ في الفهم أو أقل دكاء من الآخرين.

مثال 2: امتدادا للمثال الأول تريد إجراء مسابقة لأبنائك لتكتشف قدراتهم الذهنية وطاقاتهم المكنونة، وهي عبارة عن أسئلة سهلة مكتوبة في أوراق مطوية يختار منها الولد بعد خلطها في إناء ورقة، ثم يقرأها بصوت مرتفع أمام إخوته، ولكن يجيب عنها سرا مع أبيه وليس أمام إخوته حتى يتسنى للاب الاطلاع عليها، ويجنب إبنه الوقوع في الحرج، على أمل أن يكونوا جميعا في نهاية المسابقة قد ربحوا جائزة كل بحسب سنه وجنسه، فيكون بذلك قد اطلع على قدرات أبنائه وشاركهم في عمل جماعي مقدور عليه، وجنب الاقل قدرة منهم الحرج، وبهذا يكون قد نمى فيه مسألة الثقة في النفس وكافأه ورفع عنه الحرج.

النتيجة مراعات القدرات النفسية والعقلية للطفل أمر واجب يربى على أساسه الطفل ويوجه

الأساس الثالث

الأساس الثالث

-النفس تشتهي وتهوى وتلتذ

-النفس معرضة للآفات والأمراض

-الطفل له استعدادات للإنحراف

النفس تهوى وتلتذ وتشتهي هذه الخاصية أصيلة في النفس، فهي مفطورة على حب الشهوات والملذات مما يعني أنها قابلة للانحراف وهي معرضة للأمراض والآفات إذا ما تركت بغير رعاية، لأن من مميزات الطفل أن له استعدادات للانحراف، فيمكن استعمال هذه الخاصية لخدمة الاطفال وتهذيب سلوكهم، بدلا من أن تكون عاملا لانحرافهم، وذلك بتغيير شهوة مقابل شهوة ولذة بدل أخرى، فبدل شهوة التكبر شهوة التواضع ومقابل لذة الاخذ لذة العطاء، وبما أن اللذة والشهوة والاستكبار والآنانية موجودة في النفس فلا يمكن محاربتها والقضاء عليها، بل يجب ترشيدها وتوجيهها الى ما فيه خير للطفل، كيف ذلك؟؟

فترسيخ هذه القيم وهذه المبادئ يكون بطرق وأساليب قرآنية، فحث الطفل على التصدق مثلا يوما بعد يوم ينمي فيه قيمة العطاء وينقص عنده مسألة الأخذ، وتعليمه التواضع للآخرين ينقص من وطئة الاستكبار عليهم، وتحبيبه لإخوته يضعف كرههم لهم، وهكذا رويدا رويدا تنسجم تلك الشهوة مع ذلك السلوك فيصبح طبعا فيه وخصلة حميدة مكتسبة لا يستغنى عنها، فمسألة إفراغه وملؤه منوط بدور الوالدين، لأن الطفل لا يملك ذلك العقل الراجح والرشيد حتى يدرك هذا الفرق بين لذة وأخرى، وهذا يمكن أن يدخل تحت ضابط آخر وخصيصة أخرى ذكرناها من قبل وهي:  كون -النفس عاطفية (قد تكون شريرة وقد تكون خيرة) بحسب التحكم فيها-

وهنا نقطة أخرى وهي مراعات حب الطفل للمرح واللعب فلا بد من أخذ قسط كافي من اللعب واللهو لكن بإشراف الآباء وتحت ملاحظاتهم من بعيد أو قريب وأمام أعينهم..وأن يلعب أشياء مفيدة تنمي فيه بعض المهارات بدلا من الاشياء التي تضر ولا تفيد،      ومما أخرجه الإمام مسلم، قَالَ أَنَسٌ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ، لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ". قَالَ أَنَسٌ: "وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ، مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ، لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ، هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا"[10]، فأنس في ذلك الوقت كان صبياً صغيراً، ربما لا يتجاوز عمره الثامنة، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر، أن يذهب ليقضي له حاجة ما، فقال له أنس: "والله لا أذهب"، وفي نفسه أن يذهب،فهو كأي طفل، يتضايق من كثرة الطلب وربما يغضب من كثرة الأمر والنهي،ولا يُقدّر حاجة الأب لهذا الأمر، المهم.. لما انصرف أنس من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ليرى صبياناً يلعبون في السوق ربما ليشاركهم أو ليشاهدهم، وهذه حاجة الطفل، ولا شك ولا ينبغي أن يُعاقَب عليها أو يُحرَم منها بلا سبب، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسكه من رقبته، من خلفه، وهو يضحك له، سبحان الله، وههنا تحليل رد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل أنس رضي الله عنه في غاية العجب، إذ الناس في مثل هذا الموقف، غالباً، على ضربين: فإما، أن يضرب ويعنف ويوبخ أمام الناس، لعدم امتثال الطفل لأمره، وهذا إفراط، وإما الآخر، وهو التفريط، فيذهب الأب بنفسه لقضاء حاجته، ويترك الطفل بلا توجيه! أمّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَلّم الأمة الرحمة، والتوسط، والاعتدال في التربية والتوجيه، فلم يُعَنّف، ولم يذهب هو بنفسه، بل ذهب لأنس، ضاحكاً مبتسماً، مراعياً حاجة الطفل وعناده أحياناً، وسأله سؤالاً استفهامياً، بعد أن ناداه ترخيماً: «يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟»، فصلى الله على المربي.

وقد كان صلى الله عليه وسلميُترجم أوامر القرآن وأحكامه في شكل معاملات وأخلاق فكان يداعب الأطفال حتى في طرقاته، يقول يعلى بن مرة: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم على طعام، فإذا الحسين بن علي يلعب في الطريق، فأسرع النبي أمام القوم، ثم بسط يديه ليأخذه فطفق الغلام يفر هنا ويفر هنا، ورسول الله يلاحقه ويضاحكه، بل كان يأخذ أسامة بن زيد والحسن بن علي فيقعدهما على فخذه كل على ناحية ثم يضمهما ويقول: «اللهم ارحمهما فإني أرحمهما».  بل وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلق التمر في المسجد لتشجيع الأطفال على الاتيان الى المسجد....وحتى في لحظات الصلاة جاءته أمامة بنت ابنته زينب، فحملها في صلاته فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها، وكذلك الدعاء لهم والمسح على رؤوسهم وخدودهم ما يدل على ملاطفته صلى الله عليه وسلم لهماحترامهم وحفظ حقوقهم، ومن ذلك لما أتي للنبي صلى الله عليه وسلم بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء."

النتيجةمراعات حاجات النفس المعنوية من لعب ومرح وغيره=نمو طبيعي وأدوار ترتيبية

الأساس الرابع

الأساس الرابع

-النفس عاطفية

-علاقة الحب بين الطفل وأبيه فطرية

 

خاصية النفس لها عواطف تنسجم تماما مع ميزة حب الأبناء الفطري وعليه ينبغي تنمية هذا الحب في نفسية الطفل وتلك العواطف الفطرية مثلالحب والبغض والحسد والخوف والشجاعة..... وهذا استثمار من نوع آخر صعب المراس يمكن الاستفاذة منه في تربية الطفل لكن بحذر شديد، فالخطأ فيه وإن كان قليلا قد يؤدي الى نتائج كارثية تعود بالسلب على الحياة العاطفية للطفل، ولهذا وجب على المربين أخذ الحيطة وتعلم أساليب التربية وقواعدها.

 إن تنمية الشجاعة والاقدام من شأنه تشكيل خطر في تربية الطفل في السنوات الأولى من العمر لأن تصرفاته غير مؤتمنة وغير مسؤولة باعتبار قصور عقله عن الادراك والتمييز، ولكنها متروكة للتجربة وللوقت، فوضع الطفل في بعض المواقف كامتحان من أبويه من شأنه أن يعلمه الشجاعة والاقدام والحب والبغض طبعا دون ترك هامش للمجازفة إلا بحضور الأولياء واستعمالها في مواقف معينة تحت الرقابة... وليس معنى هذا محاربة هذه العواطف؛ بل توجيهها الجهة الصحيحة والقبلة الحسنة، فالطفل مثلا يحب الشيء الحلو، فبدل حبه للحلوى المسببة لتسوس الأسنان يمكن استبداله بحب شيء آخر مفيد كحبة تفاح أو فاكهة فيها الخصائص نفسها –الحلاوة- لكنها مفيدة من الناحية الغذائية وقد نعطي بعض الأمثلة والنماذج العملية.

مثال1:الخوف من السباحة في البحر

 بعض الأطفال يخافون من الدخول إلى البحر للسباحة والعوم رغم وجود الأب أو الأم بجانبه فما سبب هذا الخوف؟ الخوف من المجهول أو الخوف المبني على تجربة سابقة؟ كإدخاله للبحر في المرة الأولى دون مراعاة برودة الماء؟ الله أعلم، لكن نحن نعلم أن خوفه هذا طبيعي قد يكون مبني على أشياء في عقله أو تصورات نحن نجهلها؟؟ أو هناك أسباب أخرى تخص الوالدين كعدم أخذه للبحر في السنوات الأولى من العمر كنوع من التقصير في حقه...بعض الناس يصاب بفوبيا الدخول الى الماء أو من الصعودالى الأماكن المرتفعة أو الدخول في الأماكن الضيقة أو الخوف من ركوب الفرس لأسباب مجهولة.

علموا أبنائكم السباحة...ركوب الخيل،كيف أعلمه السباحة؟ ألا يجدر بنا أولا أن نعينه على التغلب على خوفه، أو تعويضه بخوف أكبر من خوفه ذاك، بإغراقه مثلا مرة أومرتينأوثلاثة حتى يتعود؟ أو بوضعه في حوض صغير به ماء قليل وتعويده الدخول إليه، أم هناك سر آخر لكن أي سن هذه التي يخاف فيها الطفل من السباحة، ضع هذا في الحسبان فربما لم يحن الوقت فقط.

لكن ليتغلب طفلك على خوفه لا بد من تنمية جوانب أخرى في نفسه، كبناء الثقة في المربي وتقوية الصلة به بطرق أخرى وبوسائل مختلفة...كوضعه في مكان عالي ثم الطلب منه بأن يقفز بين أحضان والده مرة بعد مرة، أو برفعه وإلقائه في الهواء تم تلقفه دون أخطاء، حيث يخالجه شعور بالخوف والحب والشجاعة والجبن والشك في الوقت نفسه وكما كان الرسول صلى الله عليه يفعل مع حفيده الحسن بن علي بن أبي طالب حيث كان يحمله ويضعه على كتفيه الشريفين ويداعبه ثم يضمه ويقبله ويدعو الله قائلا: «اللهم أحبه فإني أحبه"، ومع تكرار الأمر مرات عديدة دون أخطاء سينمي فيه الثقة بوالديه وبعد ذلك يعود به الى البحر فيجد أن الامر قد حل بإذن الله.

مثال2:بُغضُ الاخوة والأخوات هذا الأمر ناتج عند بعض الأطفال عن حب الذات وما يعرف في عرف النفسانيين بالآنا الأعلى، وهو أمر طبيعي مجبولة عليه النفس البشرية، فكلما كان حبه لنفسه أكثر كلما كان بغضه للآخرين أكثر  علاقة عكسية.....فشعور الطفل بأن أناه مهدد من طرف الآخرين يورثه كرهه لهم، وكلما زاد هذا الشعور كلما زاد كرهه لهم....والاصل أن يكون هناك توازن بين هذين الأمرين فلا نترك له العنان للمبالغة في حب نفسه والاستثارة بنفسه عن إخوته، ولا التمادي في بغضهم؛ بل نتمثل على الأقل في هذه المرحلة حديث النبي: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ولم نتحدث هنا عن الإيثار لأن الطفل لا يدرك هذا الآن، ولكن ربما بعد سن الرشد قد يدركه، فالمعاملة الخاصة لأحد الأبناء قد يولد فيه هذا الأمر -حب النفس-، وفي الوقت نفسه يولد بغض إخوته له خاصة إذا كانوا قريبين في السن (الغيرة) ولهذا وجب أن تتعامل مع كل طفل من أبنائك بحسب وضعيته النفسية، وتحاول العدل بينهم، وليس العدل كما يفهمه بعض الناس من أنه مساواة.. ولدينا شاهد على ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الْعَدْلُ بَيْنَ الْأَطْفَالِ، وَهُوَ أُسْلُوبٌ مُهِمٌّ جِدًّا فِي تَقْوِيمِ الْأَطْفَالِ، وَغَرْسِ الْمَحَبَّةِ بَيْنَهُمْ، وَإِبْعَادِهِمْ عَنِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ، وَكَرَاهِيَةِ الْوَالِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ رَأَوْا مِنْ آبَائِهِمْ أَوْ أُمَّهَاتِهِمْ مَيْلاً لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ فِي الْعَطَايَا، وَإِظْهَارِ الْمَحَبَّةِ وَالْإِكْرَامِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ سَيُؤَدِّي إِلَى نَتَائِجَ غَيْرِ مَحْمُودَةٍ؛ فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: "أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟".قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي"، ثُمَّ قَالَ: "أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟"،قَالَ: بَلَى، قَالَ: "فَلاَ إِذًا"[11]، وَفِي رِوَايَةٍ: "فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا؛ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ". لكن أن تعطي كل ذي حق حقه ذلك هو العدل، وليس إعطاءك لجميع أبنائك مهما كانت أعمارهم 100 دينار مثلا تعني عدالة، لا بل هي مساواة لكن إعطاء الكبير مبلغا 100 دينار ثم الذي يليه 50 ثم 25 وهكذا كل بما يكفيه، فهذه هي العدالة؛ لأن احتياجات الكبير أكثر من احتياجات الصغير قطعا، وعلى الوالدين تعويد أطفالهم على هذا، على الخلاف بين أهل العلم في مسألة الهبة أما الميراث فشيء آخر.

النتيجةلا تجعل حبك لإبنك عائقا في توجيهه وتربيته-تنمية بعض خصائص النفس يحتاج لتنمية خاصية أخرى= تكامل بين هذه الخصائص.

 

الأساس الخامس

الأساس الخامس

-النفس تتأثر بالقول البليغ

-الطفل يحتاج للموعظة

من خصائص النفس أنها تتأثر بالقول البليغ قال تعالى: "وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا"...والذي ينسجم مع هذه الخصيصة ميزة الابن يحتاج الموعظة، وكثيرا ما يستعمل القرآن الكريم الكلام العاطفي والمقدمات الأبوية المفعمة بالمشاعر عندما يريد مخاطبة الأب ابنه فيناديه بالبنوة - {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } (سورة هود 42).

-{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (سورة يوسف 5).

-{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ } (سورة يوسف 67).

- { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } (سورة لقمان 17).

وابتداء الاطفال بالكلام الطيب وبالنداء المفعم بالعواطف وبالسلام -كما كان يفعل الرسول الكريم فقد كان يمر على الأطفال وهم يلعبون.. فيقول لهم: «السلام عليكم يا صبيان"- له أثر كبير على الأطفال، مما يزيد قوة الرابطة بين الطفل والمربي ويزيد ثقته في الوالدين والمربين.

وسنضرب لذلك مثالا أو مثالين ثم نستخلص النتيجة:

مثال1: (مرض وعلاجه) رغم محاولة بعض الآباء  تكرار الكلام مع أولادهم وتقديم النصح لهم باستمرار  وبالحديث إليهم ليلا نهارا صباحا ومساء ولكن لا حياة لمن تنادي وكأنكتتحدث إلى صخرة أو شجرة؟؟ فهو لا يأبه بحديث أبيه ولا يسمع لكلام أمه ولا يطيق قول إخوته.

ربما الاسلوب المتبع في إقناعهم والحديث معهم بطريقة معينة قد يكون به خلل، أو أن الكلام لا يوافق العمل، أو قد يكون القول ليس بليغا كما تفعل بعض النساء عندما تخاطب إبنها: والله لأقتلنك والله لأذبحنك والله...يا عفريت يا مشاكس لا تفعل هكذا ويامشوش لا تقل هذا وانظر الى أبناء الجيران... والجارأفضل منك وووووالخ.

في الوقت نفسه بعض المثقفين يحدث إبنه عن أسباب حرب البسوس أو عن أسباب سقوط غرناطة أو الاتحاد السوفيتي، فيكون كمن يملأ جرة مكسورة دون مراعاة السن ودون النظر إلى قدرة استيعاب الطفل، فما هو القول البليغ في هذه السن يا ترى؟ لا أقول عليك أن تحدثه بأسلوب صادق الرافعي أو طه حسين، بل معنى القول البليغ الذي يفهمه عن طريق لعبة يلعبها أو أغنية يغنيها.

يجب أن يكون الكلام حسب العمر وحسب طاقة الاستيعاب؛ حيث تضع الطفل في وضعية عقلية منطقية لا يمكنه الخروج منها إلا إلى النتائج التي تريده أنت أن يخلص إليها...وهذا يحتاج منك إلى بعض الذكاء....فربط الكلام بالجزاء أحيانا قد يفيد إذا كان الطفل عنيدا، أما إن كان عنيدا فوق اللزوم، فربما هذه المعاندة والاصرار لها سبب آخر لا بد للمربي من الكشف عنه ومعالجته في وقته وفي مكانه، لأن الجزاء في هذه الحالة لا يفيد.

وإياكوالكذب على الأطفال فهذا من أعظم الأسباب لعزوف الاطفال عن الإنصات الى ءابآئهم والاستماع إليهم، فعن عبد الله بن عامر قال: «دعتني أمي ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطك، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمرا، فقال لها: «أما إنك لو لم تعطه شيئا لكتبت عليك كذبة"، فهو يحذرها من أن تكذب على الصبي أو تستهين بمشاعره، ولو أن تقول له تعال أعطك شيئا، ثم لا تفعل.

ويمكن لعب (تمثيلية – مسرحية) أمام الطفل: لكن قد يفيد الطفل حديث الزوجين فيما بينهما، فبدلا من توجيه الكلام الى الطفل مباشرة فليتوجه مثلا أحد الوالدين بالكلام إلى الآخر أو إلى الأخ الأكبر الذي يكون قد أحكم الخطة مع والديه من قبل من أجل تربية الصغير المعاند بطلب فعل شيء أو أمره بأمر فيأتمر أمام ناظره، ثم يكرر العملية مرات عديدة في اليوم لتعويد الصغير على الطاعة بطريقة غير مباشرة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا بد من تواطئ الوالدين في بينها وتناغمها بعدم إظهار تعارضهما أمام الطفل؛ بل يؤكدكلامهما أحدهما الآخر...إذا فالكلام البليغ يكون باختيار الالفاظ المناسبة لعمر الطفل وبتهييئه قبل أمره أو نهيه...ففي قصة سيدنا موسى وهو يحدث أهله ليهدئ من روعهم أطفالا ونساء ورجالا لما رأى النار في الجانب الغربي من الطور...حيث كان يحدث كل واحد منهم بما يناسبه من القول فتارة يعبر بقوله: {فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} (سورة طه 10)، وأحيانا كان يقول: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} (سورة النمل 7)، وأحيانا كان يقول: {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} (سورة القصص 29)، فتغيير الصيغ دليل على أن المخاطب مختلف.

فالمطلوب من الوالدين تغيير بعض الألفاظ من قاموسهم رغم أنه لا مناص من استعمال لفظة: "إفعل" أو "لا تفعل".... أو فيما معناها، فقد استُعملت من طرف الأنبياء أنفسهم.

لكن كثرة اللوم والتأفف وإظهار عدم الرضا على الطفل يزيده نفورا، ولهذا على المربي تجنب قدر المستطاع قول لماذا فعلت هذا؟ ولماذا لم تفعل هذا؟..فلقد جاء عن أنس بن مالك أنه قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم 20 سنة ما قال لي يوما لماذا فعلت هذا ولماذا لم تفعل هذا؟ خاصة إذا كان الطفل في سن متأخرة بين 14 الى 18 سنة.

أسلوب بعث الرسائل مع بعض المربين الى أولادهم عن طريق أصدقائهم أو أقاربهم؛ لأن النصائح التي تأتي من الغريب قد يحملها الطفل محملا آخر قد تحدث فيه تغيرا أو على الأقل لا يتجاهلها، بحكم أن الانسان محكوم ببعض الامور النفسية، قد تبقي تلك النصائح المتلقاه من الآخرين عالقة في ذهنه.

مثال2: القول البليغ إذا أُقتُرِنَ بفعل أوعمل صحيح من الوالد قد يزيد الخير خيرين، لأن النفس تحت خصيصة: وإنفاق الخير عليها يزيدها قوة تحتاج الى زيادة الخير فيها لكي يزيدها قوة، ومن الخير ربط القول بالفعل، فالطفل يقتدي بأبيه في القول والعمل...فعلى الأب تجنب بعض العادات السيئة أمام أبنائه كرفع صوت الا لضرورة[12] أو ضرب لأحد أفراد العائلة، أو استعمال الدخان أو كسر حبة جوز بأسنانه، أو إلقاء شيء على الأرض في لحظة غضب...كل ذلك يفسد مزاج الطفل ولا يساعده على تحصيل ذلك التوازن المطلوب، ومهما قال الأب أو نصح بعد ذلك فلا يكون له أثر في توجيه إبنه الا من باب الخوف أو الطمع...ولكن إن فعل أشياء جيدة أمام أولاده فسيأثر ذلك فيهم بالتأكيد كتفريشة سجادة للصلاة، أو ترتيل قرآن بصوت شجي، أو رفع آذان،أو القيام بحركات رياضية يقوم بها أمام أبنائه في جو تنافسي، أو أن يلعب مع أم الاولاد أمامهم، وأن يدغدغ بعضا منهم ويجري ويختبء ورفع يد للدعاء تارة أو سجود طويل أمام أعينهم، ويلعب ويمرح كما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال ومشاركتهم لعبهم ولهوهم.. فعن جابر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول: «نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما». رواه الطبراني وغيره.. قد ينمي في الطفل هذه الروح وهذه التصرفات خاصة بتشجيع الطفل إذا أقدم على عمل جيد....فيصاحب العمل القول فيكون قوله قولا بليغا مؤثرا.

يمكن أن نستخلص مما سبق معادلة:

النتيجةالقول البليغ= بدايتهم بالسلام + النداء (يا بني) +إختيار الألفاظ المناسبة +قرن القول بالفعل+مع انسجام قول الوالدين –اعتبار السن وقدرة الاستيعاب- وعدم الكذب على الاطفال+ شكر الطفل على الاستجابة = إنصياع الطفل لأوامر والديه.

الأساس السادس

الأساس السادس

-النفس تُقوى بإنفاق الخير عليها (القوى الإيجابية)

-الطفل له استعدادات لتعلم الآداب

النفس ملهمة على قبول الخير والشر وتعليمها الخير يزيدها قوة، ومما يتفق مع هذه الخاصيتين أنالطفل له استعدادات لتعلم الأدب وَقَدْ أَمَرَ اللهُ الْوَالِدَيْنِ بِتَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِمْ، وَحَثَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،التحريم، آية: 6،قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: "عَلِّمُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمُ الْخَيْرَ"(رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). ويمكن للطفل تلقي العلم –أي- له استعدادات لذلك، خاصة في فترة عمرية معينة عند بلوغهم الحلم، قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (سورة النور 59)... فهم قصر على فهم العلاقات الاجتمتاعيةقبل ذلك، فوجب تعليمهم آداب الاستئذان وكل أدب يمكن أن يحتاج إليه الطفل ويتربى عليه تحت خاصية:الغلام يتربى على الِحلم، وهي مجمل الأخلاق والمبادئ الاسلامية الرفيعة والتي تتناسب مع سنه، كتعليمه الأذكار والأدعية وآداب الاغتسال قبل وبعد الأكل وقبل النوم....بطريقة صحيحة مأثرة، كما كان يفعل سيد الخلق ويعلم الغلمان هذه الآداب وكان يسعى دائما الى تعليم الدين للأطفال وحثهم على العلم والمعرفة، فقد اصطحب يوما عبدالله بن عباس وقال له: «يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"، ويستوجب التقويم والتعديل، فإنه يتعامل معهم برفق دون تأنيب أو صراخ، يقول عمر بن أبي سلمة: "كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفق ولين كيف يأكل، فقال له: "يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك"، وباستعمال الحوار والأخذ والعطاء معه وإقناعه بالكلم الطيب وبخلق جو تنافسي مع إخوته إن كان له إخوة وأخذه الى المسجد وإشراكه في المسابقات الدينية والثقافية التي تقام والاهتمام به قولا وفعل تحت قاعدة: الغلام له حقوق على الاب والمجتمع،.. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بشراب، فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام:«أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟»، فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، قال: فتلَّه -وضعه في يده- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم».(رواه البخاري [2605]، ومسلم [2030).

ويزداد هذا الاهتمام إذا كان هذا الغلام يتيما فاقدا لوالديه أو أحد والديه تحت ميزةالغلام اليتيم يجب على المجتمع مراعاته والاهتمام به حتى يتدارك بعض ما فاته من اهتمام الابوان المتوفيان به.

وإن الوقت المناسب لبداية تعليم الصغار هذه الآداب هو سن التمييز ابتداء من السنة السابعة حتى يشبوا عليها ويتعودوا على ذلك، خاصة أداب العلاقات كالاستئذان قبل الدخول ودق الباب وأخذ الإذن للخروج أو فعل شيء....وربط كل ذلك بطاعة الله عز وجل وتوضيح أن هذا الفعل فيه خير؛ حيث يترتب عليه جزاء سواء دنيوي أو آخروي وعكسه شر يترتب عليه عقوبة، بالإضافة إلى ما قلناه ربطهم بالله وبالآخرة.

مثال1: بعد تعليمك لولدك هذا الأدب بالقول عليك تعليمه بالتطبيق، تطلب منه أن يفعل ذلك عدة مرات في اليوم في تمثيلية تضاهي الواقع؛ كأن تطلب منه الدخول على أبيه أو أخيه حيث يكون شبه عريان طبعا دون الاخلال بحدود الحشمة والاحتشام وحدود العورة....لكن لإيهام الصغير بحركة ذكية أنه رأى ما لا يجوز رؤيته، وهو ليس من لياقة الآداب، ثم تعيد له العملية لكن بطريقة صحيحة بمعنى تطلب منه دق الباب ثلاثا، ثم يؤذن له بالدخول فيجد الذي ينتظره في أحسن لبس وأحسن منظر، ثم يشكره على الاستئذان وطرق الباب، كما كان رسول الله صلى الله عليه يشكر الأطفال على أعمال الخير ويدعو لهم، مثل ما فعل مع ابن عباس وأنس بن مالك حيث قال أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا لي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته.

أيضا يحاول الأخ أو الاب أو أي كان من أفراد الأسرة أن يستر نفسه عندما يريد تنحية ملابسه، ويطلب من الطفل أيضا أن يفعل ذلك في كل مرة حتى يتعوذ على ذلك الاحتشام وذلك الأدب.

مثال2: تعليم الطفل الحلم والحشمة والحياء ليس هناك خلق هو أعظم من الحلم، لأن الحلم لا يأتي إلا بخير كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد كان ينصح أخاه بأن لا يكون حييا فنهره النبي صلى الله عليه وسلم وقال له دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير.

وتعليم الأطفال هذا الخلق يبدأ منذ السنوات الأولى، فلا تدعه يبصق أو يثفل على أحد وأنت تضحك، أو يفعل شيء يخالف الحشمة وأنت تؤيده على ذلك وتجعلها ضحكة، أو تعريض الطفل والطفلة الى العري وتتركه عريان مكشوف العورة طول الوقت، والبول أمام الناس...وتحرص الأم أيضا على أن تستجمع كل أنواع الحفاظ على الاحتشام أمام صغيرها أثناء الاستحمام وقبله وبعده..............الخ.

النتيجةتنشئة الطفل في جو تربوي وأخلاقي صحيح + تعليمه حدود الحشمة والحياء في سن مبكرة  + تطعيمه بعض الآداب والأذكار والسلوكات الحضارية + قرن القول بالعمل= شخصية متزنة

 

 

 

 

 

 

 

 

الأساس السابع

الأساس السابع

-العقل شاهد على النفس

-الطفل صورة من أبيه

العقلشاهدعلىالنفس ولعل هذه الخاصية تتماشى وتنسجم تماما مع ميزة الطفل صورة من أبيهوالنفس قد تضيق وقد تتسع وقد تطيق وقد لا تطيق والطفل ليس له حيلة (قوة عقلية+قوة بدنية) إذا فنفسه لا تطيق إملاءات العقل الراشد الكامل وتضيق بها، وبالتالي وجب النزول به من درجة الكمال الى مستوى نفسية الطفل الذي بين يديه سواء من حيث العمر أو من ناحية مستوى دكائه وفطنته، لأن كما قلنا أن النفوس متفاوتة لكنها محدودة

فالنفسهينفسيةالطفلوالعقلهو عقلالمربيالذييمثلالعقل الراشدالسليمالموجهللطفلحسبتلكالنفسية،وبالتاليفيجبالاهتمامبهاهتمامابالغاخاصةفيبعضمراحلالعمر، واعطائه الوقت الكافي لذلك،ففيالسنواتالأولىيحاولالمربيإشباعرغباتإبنه الماديةوتحقيقحاجاتهالبيولوجية،والحرصعليهمما يصيبه من أذى يمكن التعرض له،لأنالطفلليسلهفيبدايةالعمر غالباإلاإشباعرغباتهالمادية،لكنمعمرورالزمنيبدأالاهتمامبالجانبالفكريوالجانبالوجداني،ذلكأنالطفلقديمربمراحلفكريةمتتابعة كمايقولالبروفيسوربيجيه" حيث يميزبينأربعمراحلرئيسيةفينموالتفكيرعندالأطفال،وهذهالمراحلهي: 

1-مرحلةاكتسابالانطباعاتالإدراكية: وهىتمتدمنسنالميلادحتىسنتين،حيثيتعلمفيهاالطفلأنيتعرفعلىالملامحالرئيسيةللعالممنحولهوبعضصفاتهالأساسية،ويتعلممعانيالمدركاتالحسية.

2-مرحلةالتفكيرالفطري: وهىتمتدمنسنسنتينإلىسبعسنوات،وهىمرحلةيواجهفيهاالطفلمشكلاتأكثرفيتفسيربيئته،أيفيفهمالعلاقاتبينالأمورالحسيةالتيكانقدتعرف عليها.

3-مرحلةالتفكيرالحسيالإجرائي: وهىتمتدمنسنسبعسنواتإلىإحدىعشرةسنة،وفيهايكتسبالتلميذالمفاهيمالموجودةفيالعلاقاتالمعقدةويتمكنمنالتفكيرالمعكوس،حيثيمكنأنيعودبالشيءإلىنقطةبدايته،ويعللبوضوحتحولاتالمظهروينظمالموضوعاتفيمجموعاتمختلفةالحجمعلىأساسالصفاتالمختلفة.

4-مرحلةالتفكيرالشكليالمنطقي: وتمتدمنسنالحاديةعشرةإلىمافوقها،حيثيستطيعالتلميذأنيتصورالعلاقاتالممكنةبينالأشياءويتناولها،ويبدأفيمزاولةالتفكيرالذييتطلبالمقدماتالمنطقيةالصرفةالتييمكنأنتؤخذمنالخبراتالأخرىالسابقة. 

وإذانظرناإلىتفكيرالطفلفيمرحلةالطفولةالمتوسطةمن(6-9) سنواتنجدأنهيتطورمنالتفكيرالحدسيإلىالتفكيرالمجرد،كماأنخيالهيتجهمنخيالالتوهمإلىالاهتمامبالواقعوالحقيقةويميلإلىالابتكاروالتركيب،وتبرزقدرتهعلىالحفظ،وكلمازادتشجيعالوالدينللطفلوتوفيرالمثيراتالتربويةالمناسبةلنموهالعقليزادحبالاستطلاعلديهوهذه المرحلة كمانعلمهيبدايةدخولهالمدرسة الابتدائية لاينساهاولاتغيبعنهطوالحياته، أماعنمرحلةالطفولةالمتأخرةالتيتقعمابين (9-12) سنةمنعمرالطفلمنناحيةالتفكيريصبحالطفلقادراعلىربطالظواهربأسبابواقعيةمقبولة،لأنهناكانتقالاواضحامنالذكاءالحدسيإلىالذكاءالمحسوسالقائمعلىالعلاقاتالمتبادلةأوالعكسية،بالإضافةإلىالتفسيراتالموضوعيةوالمنطقية".

والعمل على كسبالأطفالالقدرةعلىالتصوروالخيال. كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعنابنعمر (رضياللهعنهما) قال: كناعندرسولاللهصلىاللهعليهوسلمفقال: أخبرونيبشجرةتشبهالمسلمأوكالرجلالمسلم،لايسقطورقهاوتؤتيأكلهاكلحين،قالابنعمر: فوقعفينفسيأنهاالنخلة،ورأيتأبابكروعمرلايتكلمانفكرهتأنأتكلم،فلمالميقولواشيئاقالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم: هيالنخلة. فلماقمنا،قلتلعمر: ياأبتاه،واللهلقدكانوقعفينفسيأنهاالنخلة،فقال: مامنعكأنتتكلم؟قال: لمأركماتتكلمونفكرهتأنأتكلمأوأقولشيئا،قالعمر: لأنتكونقلتهاأحبإليمنكذاوكذا.

فالعقل البالغ المتمثل في عقل المربي عليه أن يراعي هذا المستوى من تفكير الأطفال حتى يمكنه توجيههم بعد ذلك.

 

النتيجة:ابنك صورة لك فاتق الله فيه

 

 

 

 

 

 

الأساس الثامن

 

الأساس الثامن

-النفس تشعر بالندم والحسرة

-النفس يمكن أن تُعطى وتُحرم

-النفس شغوفة

-يجب الاهتمام به ورعايته

استعداده لتلقي العلم وقبول الخير والشر

النفس تشعر بالندم والحسرة  هذه الخاصية تمتاز بها النفس البشرية علينا استثمارها استثمارا صحيحا لأخذها بعين الاعتبار في تربية الطفل، والأقرب منها خاصية: -النفس يمكن أن تُعطى وتُحرم فالندم دائما يأتي متأخرا بعد القيام بعمل شنيع أو التقصير في عمل شيء ما، لكن هل ينفع الندم؟ قد ينفع إن لم ينتهي المطاف إلى شيء فظيع، أو قد ينفع في عدم تكرار هذا العمل في المستقبل إن كان عملاسيئا.

 على العموم إذا علمنا أن الطفل يمتاز بهذه النفس ولكن كونه قاصرا من حيث العقل على إدراك ما فاته من العمل أو على إدراك ما يترتب عليه -عدا طبعا ما يظن أنه مفيد وله فيه مصلحة- فإن على المربي أن يبين للطفل أن هذا العمل سيء وأنه لا يليق بالوسائل والطرق المتاحة، كإظهار التحسر والندم أمام الأطفال بالتعبيرات والتقاسيم عندما يصدر منه شيء سيء مثل: كلمة "أستغفر الله""أتوب إليه" أو بألفاظ قريبة...وحركات خفيفة توضح للصغير أنك نادم متحسر على ذلك الفعل...كإسقاط كوب بلاستيكي على الأرض أو فرقعة بلونة....وربما يلجأ المربي إلى وسيلة أخرى لا أحبذها كثيرا لكنها ضرورية، وهي مسألة البرامج التلفزيونية والكرتونية والحصص التربوية (تحت الرقابة الأبوية) والتي ربما يكون لنا فيها دورا مستقبلا...قلت بعض الافلام الكرثونية تساعد الطفل في كسب بعض المهارات وبعض المعارف وبعض الآداب وحفظ بعض الأذكار من خلال سماعها ومشاهدتها، بل حتى بعض الألعاب التي فيها ترشيد وتوجيه قد تكون مفيدة بدرجة ما، وفي الوقت نفسه على المربي أن يتابع إبنه في البيت وفي المدرسة وأن يحميه من بعض ما يمكنه إتلاف عقله وروحه مما يبث من سموم هنا وهناك، فكلما تعقدت الحياة كلما كانت المسؤولية أكبر.

مثال1:إشتريت لطفلك لعبة لتسليه بها وتُفرحه بها وربما يستعملها كي يستفيد منها، لكنك تفاجأت بعد دقائق من إعطائك إياها أنه قد هشمها وكسرها وبعثرها إلى قطع متناثرة هنا وهناك، وربما جرح يده بها وسبب لنفسه ضرر، فما موقفك في مثل هذه الحال؟ هل تتأفف وتزمجر وتكشر وتصرخ وترفع صوتك عليه وربما تضربه على ذلك؟...وقد تشعر بالندم والحسرة على شرائك هذه اللعبة وعلى إنفاقك مالا ذهب أدراج الرياح، في الوقت الذي كنت تظن أنك تهتم بهذا الطفل وترعاه ووو الخ. فيكون السحر قد انقلب على صاحبه.

يجب أن تفكر جيدا قبل الاقبال على أي عمل اتجاه ابنك مراعيا في ذلك سنه وقدرته الذهنية، ثم لا بد عليك والحال هذه أن تعرف سبب هذا الفعل الذي قام به إبنك ضد لعبته، ولماذا قابل هذا الاحسان بهذا التصرف؟ الأمر بسيط الخطأ خطأك والمسؤولية مسؤوليتك، كيف؟

-إن كان صغيرا مثلا فلا تليق به لعبة يمكن كسرها، كأن تكون من مواد لينة غير قابلة للكسر، ولا تسبب له عطب حتى ولو حاول ذلك.

-هل طلب منك هذه اللعبة أو من أحد آخر من قبل أم أنك أردت مفاجئته بها؟ وإن كان قد طلب لعبة معينة وأنت اشتريت له غيرها؟ وهل هذه الهدية أو اللعبة تناسب المرحلة العمرية التي هو فيها أم لا؟

-انظر إلى المسألة من زاوية أخرى فربما أن روح الاستكشاف فيه قوية لدرجة أنه أراد أن يعرف عن اللعبة جوانب وخبايا أخرى غير ظاهرة تحت خاصية: النفس الشغوفة، فقام بتفكيكها حتى يرى ما بداخلها...الخ.

فلا تسرع في أخذ قرار بضربه أو تعنيفه أو حرمانه حتى تقف عند كل ذاك.

وكل ذلك قد يكون صحيحا فتمهل وأمعن النظر واصبر ثم أعد الكرة فتلك هي الرعاية وهذه هي المسؤولية.

النتيجةلتفعيل خاصية الندم والتحسر لا بد من وجود إتزان بين الاعطاء والحرمان من جهة ومسألة شغف النفس بمعنى تحفيزها وتثبيطها من جهة أخرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأساس التاسع

 

الأساس التاسع

-حب النفس والرغبة فيها

-النفس لها حوائج

-وجوب تعليم الطفل الأخلاق

-يربى الغلام على الحِلم

-الاهتمام بالطفل (اليتيم خاصة)

 

من خصائص النفس أنها محبوبة عند صاحبهاولها حوائج ولإشباعها لا بد من الاهتمام بالطفل اهتماما بالغا ورعاية كافية، ويجب تعليمه الأخلاق التي يسمو بها عن ذلك المستوى حتى لا يكون عبدا لنفسه، ومن مميزات الطفل أن يربى على الحلم، خاصة إن كان الطفل يتيما فاقدا لبعض حنان الأب أو الام أو كليهما، فاليتيم له حق على المجتمع ولهذا يجب المبالغة في الاهتمام به ورعايته رعاية زائدة إذ يحتاج لبعض الشفقة والحنان، ولهذا كان الاحسان لليتامى واجب -في القرآن الكريم- على كل فرد من المجتمع أفرادا وجماعات ومؤسسات عن طريق القول الحسنوالقول المعروف، وحفظ مال اليتيم وحرمة الاكل منه الا بالمعروف، ولهم الأولوية في الانفاق عليهم بشتى ألوان الخير والرزق، وإصلاح شؤونهم كلها، وذمجهم في المجتمع (وان تخالطوهم)،وتوخي القسط بينهم وبين الآخرين، وحرمة التكبر عليهم واحتقارهم، ولهم الحق في الغنيمة (رعاية الدولة له). وكل هذه الحقوق مكفولة في القرآن الكريم.

على كل حال ما دامت النفس لها حوائج ولها متعلقات تتزايد كلما زاد عمر الطفل، فلا بد من تحقيق تلك الحاجات البيولوجية والحاجات السيسولوجية وأخرى بسيكولوجية في مصطلحات علم النفس وعلم الاجتاع، فإن الطفل إذا بلغ سن البلوغ وظهرت عليه بعض التغيرات الجسدية وبعض العلامات والميولاتالنفسية لكلا الجنسين، هنا يصعب التنبؤ بما في نفسية الطفل بدقة، ولكن ما دمنا مطلعين على هذه الأمور لإخبار القرآن بها، فلا بد من تعليمهم الآداب وحدود العورات والاحتشام لأن الطفل بدوره قد تظهر عليه بعض السلوكات الغير معتادة في الحلم واليقضة على شكل تعصب ربما أو عزلة أوخصوصية معينة، فلا مجال هنا للعب والهزل لأن الأمر خطير وحساس، فبعد أن يكون الطفل قد تربى على الحلم الذي ذكرناه آنفا وعلى الأخلاق والعقيدة الصحيحة، وبعد أن يكون أيضا قد أخذ مبادئ المعاملات والعلاقات الاجتماعية، وتعرف على الحدود والمجالات التي له والتي لا تعنيه، ويكون قد تشبع بالأفكار الإيجابة التي أخذها عن والديه وفي المدرسة، يأتي دور وضع بعض الحدود والخطوط الحمراء قبل وقوعه في ما لا يحمد عقباه باعتبار أنه قد تجاوز الحلم وهو أقرب ما يكون إلى الرشد، ولعل هذه المرحلة هي نقطة الانفصال ونقطة التحول بين مرحلة ومرحلة أخرى، فيكون فيها الطفل في حالة هيجان غير منضبط أحيانا:  فقد تصدر منه تصرفات لا تليق، فلا هو راشد يرضيك ولا قاصر تأذبه...فتبقى حائرا مترددا فتخاف أنك إذا تركته على حاله إنحرف وإن أدبته إزداد نفورا؟؟

لكن أبشرك أيها المربي فإنك لو أديت دورك فيما مضى من الأيام، وقمت بما يلزم اتجاه ابنك في مختلف مراحل عمره، فإنه مهما تصرف تصرفات مشينة وصدرت عنه سلوكات غير مرضية، فلا تخف عليه واتركه واكتفي بتذكيره فقط دون تعنيف ودون إحراج، ولا تنسى كلمة يا بني يا بني، فهذا التصرف في هذه السن عبارة عن تنفيس عن مكبوتات أو أمر يتطلبه السن بسبب التغير البيولوجي الحاصل له. وسرعان ما يعود الى ما تربى عليه مهما سرح هنا وهناك...."وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم". صدق الله العظيم

النتيجةالتوازن المطلوب: تعليم الطفل خلق الحلم ينمي فيه الإيثار لكن دون حرمانه الحد الأدنى من الاحتياجات= نفس متوازنة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأساس العاشر

 

الأساس العاشر

 

-الخوف من النفس والخوف عليها

-الطفل قاسم مشترك بين الأب والأم

-يحدد العلاقة بينهما ويترتب عليه حقوق مادية ومعنوية

-الطفل مصدر إزعاج لأبويه

من الخصائص الفطرية للنفس البشرية خوفها من أن تفقد شيئا اكتسبته، والخوف منها إن تشبعت بالشر وغلب عليها فتصبح منبعا له ويصبح حاملها مصدرا للازعاج خاصة في سن البلوغ، {لَايَنْفَعُنَفْسًاإِيمَانُهَالَمْتَكُنْآمَنَتْمِنْقَبْلُأَوْكَسَبَتْفِيإِيمَانِهَاخَيْرًا} (سورةالأَنعام 158)، فإن صارت كذلك –يعني مصدرا للشر- فسيصبح الطفل مصدرا لإزعاج والديه؛ بل مجبنة ومخبلة لهما...وربما قد يضر نفسه ويضر غيره، فعلى الوالدين الصبر والعمل على إصلاح ما أفسده الظهر بسبب تقصير منهما في التربية أو لأسباب خارجة عن إرادتهما، أو لأسباب أخرى إجتماعية وعائلية كالطلاق والتسرب المدرسي والمنازعات الأسرية... لأن الضحية غالبا ما يكون الطفل.

ويكون ذلك  بفتح باب معه يتسم بأدب الحوار، واستشارة الابن في بعض الامور لاشراكه في المسؤوليات والاعباء الحياتية في حوار هادئ هادف-{قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (سورة الصافات 102).

وتكليفهم ببعض المهام كما يفعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام 5-{ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}(سورة يوسف 87).

وهذا الأمر قد يشغله عن الأمور التي تثار في نفسه وتدور في عقله يبحث لها عن متنفس، قد يلجأ الى طرق خاطئة للتحرر منها أو إشباعها، فلا بد من ترشيده من هذه الزاوية بالغير أو بالتعريض له بها والحوم حولها، لأنها مكبوتات قد يستحي الولد من كشفها وعدم الإفصاح عنها أمام الآخرين، بتوجيه الطفل الى بعض المصادر والكتب وبعض الحكايات والتذكير ببعض القصص القرآنية التي تعالج هذه الأشياء بطريقة جميلة للغاية، مثل قصة يوسف، وقصة شعيب، وتفسير سورة النور، وبعض المواضع القرآنية الأخرى، وربما في سنة نبينا (ص) ما يغني الشباب عن ذلك أيضا.

والخوف من انحراف الولد وزيغ النفس قد يسبب للأباء هاجسا وشغلا وإزعاجا كبيرا  خاصة بين السن 13 و18، لكن المسألة ليست بهذه الدرجة من الخطورة، فلا يجب فقد الثقة في ولدك الى هذا الحد، خاصة إذا شب الطفل على المبادئ والأخلاق الاسلامية والآداب الفاضلة، على خلاف لو لم يتشبع ويتربى على ذلك، فلربما مخاوف الاب تزداد كلما حاد الطفل عن هذه المبادئ ولاحظ بُعده عنها، فهنا لا بد من اتخاذ موقف حازم وتصرف صارم.

هذا والأمر مقسوم بين الأب والأم فلكل دوره في هذه المسألة ولكل مسؤولية اتجاهها، فالولد قاسم مشترك بين الأبوين فهو عبء لا بد أن يحملاه معا ويتعاونا عليه، لأنه يترتب عليه حقوق مادية ومعنوية، وهذا التعاون لا يكون مثمرا إلا إذا كان هناك تشاور وتحاور وانسجام بينهما في اتخاذ أي قرار بخصوص إبنيهما، فلا يغلب على هذه القرارات عاطفة الأم ولا شدة الأب بل حسب درجة خطورة الوضع وما يقتضيه الموقف.

ولقد قرأت بعض ما يقوله علماء النفس ورأيت آراء المختصين والمربين حول تحليل نفسية الطفل في هذه المرحلة، وقد استعملوا مصطلحات كثيرة جدا وفرعوا منها مصطلحات أدق وتعاريف متعددة ومفاهيم مختلفة، لكنهم يصفون الداء ولا يعطون دواء، وربما بعضهم يعطي حلولا وأنصاف حلول اعتمادا على خبرات وتجارب سابقة مبنية على أساس ظاهر سلوك الطفل مستنتجين مستنبطين بعض خصائص النفس لدى الطفل، لا أدري لم التكهن والبناء على الظن في أمر بالغ الخطورة مثل تربية الأبناء، ولم العبث بأجيال من الشباب لا تزيدهم هذه الطرق الا زيغا وانحرافا وإن كانت قد حققت بعض النتائج الجزئية ربما صدفة وربما توفيقا، ولم هذا الخلط بين مؤمن وكافر بين قيم وقيم أخرى بين عادات وعادات أخرى.

نعم جميع النفوس مفطورة على الاسلام لكن بعض مضي الوقت تختلف كل نفس عن أخرى وتتمايز عن مثيلاتها حسب ما أُشبعت به وأشربت من علم ودين وثقافة وعادات وتقاليد..فكيف يكون الحل واحدٌ عند الجميع؟

لكن الذي خلق هذه النفوس قد علمنا أن هناك اختلافات في التركيبة النفسية لكل قوم ولكل فرد بحسب التنشئة الاجتماعية، فقال "كل نفس بما كسبت رهينة" وذكر الله تعالى أصنافا من الناس حيث يستعمل القرآن صيغة: "ومن الناس"...ومن الناس  ومن الناس...

فنفسية بني إسرائيل تختلف عن نفسية آل فرعون ونفسية السامري تختلف عن نفسية هارون عليه السلام، ونفسية ابن نوح تختلف عن نفسية اسماعيل ابن ابراهيم عليهما السلام.

إذا لا بد من التفريق بين النفس كمخلوق فارغ (vierge) له خصائصه وقوالبه يشترك فيها جميع البشر وبين النفس المشبعة والممتلئة التي يصدر عنها السلوك والتصرفات، فالواجب على الوالدين ملاؤها بما تحتاج بمراعات ذلك التوازن بين خصائص النفس البشرية واستعدادات الطفل الفطرية بما يعتقدان أنه أصح وأصوب وأنسب، والباقي فكل ما يتعلمه الطفل من آداب وأخلاق وحب وكل ما له صلة بفطرة الانسان هو كفيل بإصلاح ما تبقى من خصائص النفس الأخرى.

ولهذا وجب الاهتمام بالطفل من أول يوم يخرج فيه الى الدنيا حتى يبلغ سن الرشد ويتقلد جميع مسؤولياته وقراراته النفسية والسلوكية.

وفي الأخير أقول لسنا ملائكة ولسنا معصومين، وليس الكمال بصفة سائدة على الجنس البشري، ولكن قد يكون الانسال هو المخلوق الأمثل والأفضل إن أراد ذلك، باتباع أوامر الله وتطبيقها في حياته، ولكن إن أعرض عنها فسوف يعيش حياة ضنكا يضر نفسه وغيره، وقد شاهدنا في تاريخ البشر كيف قام هذا المخلوق بأفضع الجرائم وابشع المجازر وأخبث الأمور...ففي قصة الخلق في الحوار الذي أثبثه القرآن الكريم بين الرب وملائكته إذ قال الله تعالى: {وَإِذْقَالَرَبُّكَلِلْمَلَائِكَةِإِنِّيجَاعِلٌفِيالْأَرْضِخَلِيفَةًقَالُواأَتَجْعَلُفِيهَامَنْيُفْسِدُفِيهَاوَيَسْفِكُالدِّمَاءَوَنَحْنُنُسَبِّحُبِحَمْدِكَوَنُقَدِّسُلَكَقَالَإِنِّيأَعْلَمُمَالَاتَعْلَمُونَ} (سورةالبقرة 30)، إني أعلم ما لا تعلمون لقد زودت هذا المخلوق بنفس يمكنها أن لا تفعل ذلك ولا تسفك الدماء؛ بل قد تكون خيرة مفيدة مسبحة لأقصى الحدود إذا ما استعملت ذلك العقل الذي يرشدها الى الخير، وليس هذا فحسب بل إنني لم أترك هذا العقل تائها متوجسا بل أرشدته وعلمته وجهزته وأعطيته أدوات ومناهج ليسموا بها الى مدارج الكمال..{وَاتْلُعَلَيْهِمْنَبَأَالَّذِيآتَيْنَاهُآيَاتِنَافَانْسَلَخَمِنْهَافَأَتْبَعَهُالشَّيْطَانُفَكَانَمِنَالْغَاوِينَ (175) وَلَوْشِئْنَالَرَفَعْنَاهُبِهَاوَلَكِنَّهُأَخْلَدَإِلَىالْأَرْضِوَاتَّبَعَهَوَاهُفَمَثَلُهُكَمَثَلِالْكَلْبِإِنْتَحْمِلْعَلَيْهِيَلْهَثْأَوْتَتْرُكْهُيَلْهَثْذَلِكَمَثَلُالْقَوْمِالَّذِينَكَذَّبُوابِآيَاتِنَافَاقْصُصِالْقَصَصَلَعَلَّهُمْيَتَفَكَّرُونَ } (سورةالأَعراف 175 - 176).

لعلهم يتفكرون.

المصادر والمراجع:

المفردات في غريب القرآن: الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني أبو القاسم (ت: 502 هـ)، تحقيق: صفوان عدنان داودى، الناشر: دار العلم الدار الشامية. مكان الطبع: دمشق ـ بيروت. سنة الطبع: 1412 هـ.

2- تفسير البيضاوي: الناشر: دار الفكر بيروت.

3- تفسير ابن كثير: تحقيق: سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع. الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م.

4-أصول التربية الوقائية للطفولة للدكتور حسين با نبيلة، وتربية الأطفال لمحمد حامد الناصر.

 

 



1-المفردات في غريب القرآن: الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالراغب الأصفهاني أبو القاسم (ت: 502 هـ)، تحقيق: صفوان عدنان داودى، الناشر: دار العلم الدار الشامية. مكان الطبع: دمشق ـ بيروت. سنة الطبع: 1412 هـ،(1 / 336).

[2]- تفسير البيضاوي: أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي(ت: 675)،الناشر: دار الفكر بيروت. عدد الأجزاء:5.(1 / 51).

[3]- تفسير ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي(ت: 774 هـ).تحقيق: سامي بن محمد سلامة.، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع. الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م. عدد الأجزاء:8،  ( 3/443).

[4]- المصدر السابق (1 / 464).

[5]- أصول التربية الوقائية للطفولة للدكتور حسين با نبيلة، ص 15-16، وتربية الأطفال لمحمد حامد الناصر، ص:25.

[6]- الفيروزآباديج3، 263،والبحرالمحيط،ابنحيان،ج2/562.

[7]-.المعجمالوسيط2/ 56،والقاموسالمحيط 6 / 105. 

[8]- رواه مسلم، برقم: [2316]

[9]- وكان العرب في الجاهلية يترقَّبون الأولاد، للوقوف إلى جانبهم ومساندتهم، أما البنت فكان التخوّف من عارها يحملهم على كراهتها، حتى بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم، فحفظ للبنت حقوقها وأكرمها، ووعد مَن يرعاها ويحسن إليها بالأجر الجزيل، وجعل حسن تربيتها ورعايتها والنفقة عليها سببًا من الأسباب الموصِّلة إلى رضوان الله وجنته، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه-» (رواه مسلم [2631]). وقال صلى الله عليه وسلم: «من عال ابنتين أو ثلاث بنات، أو أختين أو ثلاث أخوات، حتى يَمُتْنَ أو يموت عنهن، كنت أنا وهو كهاتين -وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى-» (رواه البزار [13/289].

 

[10]- (صحيحمسلم [2310]

[11]- رواه مسلم، برقم: 2241

[12]- مثل لو كذب الطفل على أبيه أو أخيه، أو تلفظ بكلمة كفر أو فسوق مثلا.

Tags

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)
12/sidebar/التفسير